استنكر العديد من المصلين طوابير وعربات الباعة المتجولين التي تحاصر المساجد بفاس عموما، ومسجد تونس على وجه الخصوص بعد كل صلات، وأردف رواد المسجد المحتجون، أن بعض هؤلاء الباعة يعمدون إلى إحداث الفوضى والبلبلة وعرقلة السير والتفوه بكلام ساقط الذي يشوش على أجواء الصلوات، إلى جانب الأصوات الصاخبة المروجة للبضائع المعروضة أمام مدخل المسجد، الذي أصبح محاصرا أمام صمت المسؤولين، الذين ظلوا مكتوفي الأيدي. كما استوطن الباعة المتجولون بمختلف الشوارع والساحات العمومية وأمام المحلات التجارية.. ووضعوا بضائعهم فيها واعتدوا على حق المارة.. وتحدوا القوانين.. وهيمنوا على الميادين الحيوية خاصة بوسط البلد وشل حركة المرور.. مما جعل المارة يسيرون في مسار السيارات هربا من تزاحم الباعة على الأرصفة وبجوارها وأسفلها. وقد رصدت جريدة « الاتحاد الاشتراكي» مجموعة من الباعة الجائلين الذين احتلوا شارع الكرامة بمنطقة موفلوري بوضع اليد وكحق مكتسب لهم، حيث انتشروا بشكل لافت لدرجة أنهم أغلقوا مختلف المنافذ، فحولوا المنطقة إلى سوق عشوائي مفتوح لبيع مختلف أنواع البضائع ، بدءا من الملابس لكل الأعمار إلى الأحذية ومرورا بالعطور ولعب الأطفال وبطاريات شحن التليفونات المحمولة، والأخطر من ذلك الأطعمة المكشوفة التي تهدد الصحة العامة نتيجة عرضها في الشارع بدون تغليف! وقادتنا الجولة إلى حي السعادة الذي يعيش شارعه الرئيسي نفس المشهد، وسادت حالة من الارتباك المروري، بسبب انتشار الباعة بأنحاء متفرقة منه وافتراشهم مساحات كبيرة أدت إلى إعاقة الحركة المرورية، بالإضافة إلى عدم سير السيارات بشكل منتظم ومخالفتها لتعليمات المرور، ثم إلى أحياء بن دباب واعوينات الحجاج وزواغة العليا التي تتميز بهذه الظاهرة عن غيرها، حيث تجاوز فيها انتشار الباعة المتجولين» الفراشة» فوق جنبات الأرصفة، حيث امتدت سلعهم إلى وسط الطريق العام وأغلقت المنافذ الرئيسية للمنطقة، وأصبحت حركة المرور هناك شبه مستحيلة. واعتبر بعض المهتمين بالشأن المحلي، أن أسباب تفشي ظاهرة انتشار التجارة المتنقلة في شوارع المدن الكبرى، راجعة للتحرك الاجتماعي في المغرب، حيث يعرض الباعة سلعا تتجاوز قيمتها، حسب طبيعة الأحياء والمدن، ملايين الدراهم، وتشمل معظم السلع الاستهلاكية التي تستهدف الفئات الفقيرة وحتى المتوسطة، مثل الخضار والفواكه والملابس والتجهيزات الإلكترونية المستوردة من آسيا ومواد مستعملة، مستغلين تراخي السلطات المحلية التي «طُلب» منها التغاضي عن هذه التجارة الموسمية، وتفادي التصادم مع الشباب المتأثرين بالربيع العربي، الذين قدرت عددهم وزارة الداخلية بنحو 240 ألفا، تراوح مداخليهم اليومية بين 250 و700 درهم. وتشير بعض الدراسات أنجزت في الموضوع، إلى أن نحو 1,5 مليون شخص يعتمدون على هذه التجارة الموسمية، المرشحة للارتفاع في رمضان نتيجة زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية، وتفوق قيمة هذه التجارة ثلاثة أضعاف مبيعات المراكز التجارية الكبرى، المقدرة ب 15 بليون درهم والموجهة أساسا إلى الفئات الغنية والمتوسطة، وأظهرت الدراسة كذلك، أن 73 في المائة من المنتجات المعروضة في الشوارع غير مصنفة، أو مهربة ولا تخضع إلى رقابة على الجودة، ما قد يشكل خطرا على صحة المستهلكين، الذين تشكل الفئات الوسطى 46 في المائة منهم، والفقراء 36 في المائة. إذا كان البعض يفضل القول بأن أسواق بيع المخدرات بالمغرب غير منظمة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن شبكة مترابطة الأجزاء، بدءا من الانتاج بشمال المغرب، وصولا إلى المستهلك البسيط فإنه مخطئ، إذ أن تجارة المخدرات بالمغرب منظمة بشكل تصعب معه محاربتها. ترى، كيف تصل هذه السلعة إلى النقط؟ سؤال لا يحتاج إلى تفكير كبير للاجابة عنه، إنها تجارة منظمة والعناصر المتدخلة فيها متعددة ونافذة وجل هؤلاء الذين يقضون فترات حبسية متفاوتة المدد هم مجرد تجار صغار يغامرون بحريتهم من أجل دراهم قليلة في الوقت الذي يبقى المستفيد الاكبر من هذه التجارة بعيدا عن الاضواء، ينعم بالأموال الطائلة من عمليات البيع السرية والعلنية في بعض الاحيان. إنها تجارة لن تبور مادام المستهلك موجود ومستعد لدفع الثمن حتى قبل أن يقبض? البضاعة فالطلب يفوق العرض في كثير من الأحيان، والثمن يختلف حسب جودة السلعة، فهناك الزيروة، البروميانة، القسرية، الطبيسلة، الدوزيامة، الفريا، السوبيرة، هذه الأخيرة من النوع الغالي والممتاز من الحشيش وهي قليلة في السوق مثلها مثل البروميانة? وأكثر أنواع الحشيش رواجا في الأسواق البيضاوية نجد الدوزيامة إذ يتراوح ثمنها ما بين 25 و 35 درهما حسب (شطارة الكليان) ?مجموعة من ( البزناسة ) يقومون بشراء ( الفريا) وهو أردأ الأنواع، بأبخس الأثمان ليضيفون إليه بعض المواد الاخرى قبل بيعه للمستهلك? يقول ( م-ن) «???الحق يقال إن 90% من الحشيش المتواجد بالأسواق البيضاوية ليس من النوع الرديء فقط، بل إنه يحتوي على مواد أخرى أكثر خطورة على صحة الإنسان ? فإذا كانت خطورة الإدمان على الحشيش تختلف حسب نقاوته والكمية المذخنة، فإن الخطير في الأمر كون هناك من يخلط النوع الرديئ من الحشيش (الفريا ) «بالرزينة» وهي مادة كيميائية سامة تباع عند العطار، وهناك من يضيف إليها القرقوبي المدقوق والسيلسيون، حتى يقوي قدرته على التخدير? ترى، ماذا يدخن كل هؤلاء؟ الأكيد أنهم يذخنون مواد ليست مخدرة فقط بل سامة بالنظر إلى تركيبتها ولعل في ذلك تفسيرا للحالة الصحية التي يوجد عليها هؤلاء المدمنون ? فبحسب ما صرح لنا به تاجر بالتقسيط «. . .في هاذ الوقت، الحشيش ولاّ بحال الخبز، عليه الطلب بزاف خاص غير أصحاب الحال يصغرو كروشهم ولا يوقرونا، راه هاذ الشي ولاّ باين، تتلقا الأم كتبيع والدراري حتى هوما كلشي خدام واللي حصل وما قدرش يتفاصل كايمشي يدوز لعشور ديال البيعة والشرية ومنين يخرج من الحبس كايرجع يبيع عاودتاني، راه قليل اللي كايوقف البيع من بعد ما يدوز الحبس..». أسواق أخرى تنتعش بمدننا، إنها أسواق بيع الحبوب المخدرة أومايصطلح على تسميته ب «القرقوبي أو البولة حمراء»?والمعروف أن هذه الحبوب تباع في الصيدليات بعد تقديم وصفة الطبيب، غير أن البعض من هؤلاء التجار يقومون بتزوير وصفات الطبيب والحصول على كميات متوسطة من هذه الحبوب،إلا أن المزود الرئيسي لهذه السوق هو التهريب من الخارج لبعض الأنواع من تلك الحبوب، ، هناك أصحاب «الكرو» وأصحاب التقسيط «بالسمطة»، فكل سمطة تحتوي على عشر حبات من نوع»roche2 « «glodpin»ويطلقون عليها حاليا «دوبوان كوادالوبي» وهي أقراص شديدة المفعول، بحيث لا يتحكم الشخص الذي تناولها في تصرفاته، ويصبح بالتالي قادرا على فعل أي شيء من دون خوف خاصة إذا ما تم تناول الخمر معها، وهي من الأسباب الرئيسية لانتشار الجريمة ? هكذا يتضح بأن الأمر يتعلق بأسواق مفتوحة على مصراعيها للزبناء من كل الأعمار،لا تستثني الصغير أو الكبير،أسواق للبعض اليد الطولى في انتشارها? فكم هو رقم معاملاتها المالية والارباح المحققة من ورائها؟ وكم يقدر عدد روادها وزبنائها الأوفياء؟ الأكيد أنه يتجاوز الآلاف والآلاف من هؤلاء الشباب والأطفال والذين لسبب أولآخر وجدوا أنفسهم ضحايا الإدمان وزبناء مخلصين.