عادل العلوي صوت رافق الرياضيين منذ 24 سنة، حمل فيها أخبارا سارة، كما نطق بالبعض منها بمرارة، مرارة الإخفاق. وراء الميكرفون تجد الرجل المستفز بأسئلته، الصارم في ملاحظاته، يبتعد عن المجاز لينطق بصدق الكلمة، ومن دون مساحيق، قد يقلق الكثيرين من تمسهم انتقاداته، وقد يخسرهم، لكنه يربح احترام آلاف المستمعين، وهذا عنده أكبر ربح. عن تجربة البداية، وعن التطلعات، لم يتردد عادل العلوي في فتح مفكرته ليعيد شريط البداية بخجله، والحاضر وقفاته، والمستقبل بتطلعاته. عادل العلوي عاش الألعاب العربية ببيروت، وبطولة ألعاب القوى باشبيلية الإسبانية، وألعاب البحر الأبيض بألميريا، وبطولة إفريقيا للأمم بغانا، إضافة إلى العديد من المحطات الرياضية داخل وخارج المغرب. عندما دخلت عالما كنت أسمعه كانت 1990 سنة البداية، وكانت مصلحة الرياضة بالإذاعة الوطنية ثاني مرحلة بعد سنة قضيتها في المصالح الإدارية للمؤسسة. لم تكن بدايتي سهلة وعادية.لقد اكتشفت أنني دخلت عالما غريبا عالما لم يكن ملموسا لأنني كنت أسمعه من خلال متابعته بواسطة المذياع. وأنا أشتغل بالقسم الرياضي وجدت نفسي بين زمرة من الإذاعيين والمعلقين النجوم (امحمد العزاوي، المهدي إبراهيم، عبد الفتاح الحراق وأحمد الأيوبي. بين جيل هؤلاء وجيلي، خلت نفسي أنني أخوض صراعا بين الأجيال، جيل مؤسس، وجيل يهيء نفسه لحمل المشعل، وبين الجيلين كان هناك جيل ثالث ينافس ، يجد لفرض الذات، ومنهم كان محمد مقرون، عزوز شخمان ورشيد جامي. كان صراع الأجيال وهما، أن من اعتقدت أنني أصارعهم كانوا لي السند، كانوا الأساتذة، كان التشجيع، وفتح الآفاق والأبواب. وكان العزاوي محمد مقرون ورشيد جامي سندي في بداية الطريق. هنا اكتشفت أن الصراع هو مع الذات، مع القدرة على المواكبة، وفرض الصوت على المستمع، واستمالته. مصلحة بالرياضة مصنع للنجوم إن مصلحة الرياضة، كانت دائما ولازالت تعد مدرسة يتخرج منها نجوم التعليق، والوصف الرياضي، بفضل رصيدها وتراكماتها، ومرافقتها لملايين المغاربة، وذلك لسنوات طوال، عندما كان خبر الرياضة الوطنية، وخاصة كرة القدم والدراجة، تأتي عبر المذياع بأصوات نجوم كانوا يهزون المستمعين، لأنهم كانوا ينفذون إلى أعماقهم، ويتركونهم يتفاعلون عبر الصوت مع انفعالات الواصف الرياضي، مع كلماته السهلة الفهم. لقد كان المذياع حينها هو مصدر الخبر الوحيد ،الذي يرحل إلى أدغال إفريقيا. هذا التاريخ المليئ بتضحيات واصفين رياضيين كانوا يعرفون جيدا بأنهم أمام مسؤولية صعبة، هدفها جعل المواطن المغربي يعيش الحدث بكل تجلياته وهذا جعلني أبحث عن إيجاد الإيقاع الصحيح داخل مصلحة الرياضة بالإذاعة. هذا الهم، جعل حضوري داخل الإذاعة يكون مستمرا، كنت أتابع كل النشرات، والبرامج الرياضية، كنت أنصت إلى صوتي، وكنت أتخذ من منزلي فضاء آخر للتدريب، كنت لا أفارق الميكرفون الذي كان يثير في الكثير من الرهبة والخوف، وهذا كان شيئا طبيعيا، لأن ذلك كان دليلا على احترامي لعملي، لجمهور المستمعين، الذين على أن أحصن أعدادهم التي تتابع الرياضة عبرالإذاعة الوطنية. «المهاجر الرياضي» كان باكورة برامجي قطاع الرياضة بالإذاعة الوطنية، كان دائما يضم صحفيين ومنتجين ومعدين للبرامج، ومنشطين أبدعوا في الكثيرمن البرامج، وكان باكورة برامجي سنة 1994 من خلال برنامج «المهاجر الرياضي» الذي كنت أقدمه صحبة الزميل محمد مقرون، البرنامج كان يعنى بالرياضيين المغاربة القاطنين بالخارج، كما كان يعنى بالتظاهرات الرياضية التي تقام خارج الوطن. البرنامج كان يرصد اللاعبين الممارسين في مختلف البطولات الأوروبية. بعد ذلك جاء برنامج «صباح بلادي الرياضي» وكان يقدم كل صباح يوم سبت وكان يستغرق من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة. هذا البرنامج استطاع تحقيق نسبة استماع مهمة. قمة التواصل مع المستمعين كان من خلال برنامج بين الميادين، والأحد الرياضي. هذان البرنامجان يعيدان المستمعين إلى زمن نور الذين اكديرة، وإلى كل من امحمد العزاوي ورشيد جامي. أعتقد أن الوصول إلى تنشيط الأحد الرياضي ليس بالأمر السهل، بل يتطلب سنوات من التجربة، والتراكمات مع حضور البديهة، والدراية بالمجال الرياضي دراية دقيقة. من واصف لسباق الدراجات إلى عاشق للدراجة قبل عشر سنوات تقريبا، وجدت نفسي مشدودا لرياضة الدراجات بعدما كنت أصف وأعلق على طواف المغرب. لقد كانت أول تغطية إذاعية لطواف المغرب صحبة الزميل المهدي ابراهيم الذي حبب لي التعليق على طواف الدراجة. وصف طواف المغرب للدراجات ركز حب الدراجة عندي، وكانت أحسن شهادة هي إشادة مديرة الإذاعة سابقا لطيفة أخرباش بالتغطية التي قمت بها صحبة زميلي عزوز شخمان. عشق الدراجة تطور وتحول من تغطية لنشاط الجامعة الملكية المغربية للدراجات إلى أن أنخرطت في تسيير فريق جمعية سلا للدراجات حيث أتحمل مسؤولية الكاتب العام. في الذاكرة لحظات تاريخية. الإشتغال في المجال الرياضي بالإذاعة الوطنية راكم عندي الكثير من الذكريات الجميلة، سواء أثناء تغطيتي للأحداث الرياضية داخل أو خارج الوطن. أجمل الذكريات كانت عندما عشت عودة الفريق الوطني من سيراليون مؤهلا لكأس العالم سنة 1986 بعدما فاز على فريقها بفريتاون، بهدف وحيد من توقيع صلاح الدين بصير. كما كان فوز فريق الوداد البيضاوي بكأس الكؤوس على حساب فريق «آشنتي كوتوكو» بمدينة كوماسي الغانية، عشت كذلك فوز الرجاء الرياضي بكأس الكاف على حساب «كوتون سبورالكاميروني» وكان المدرب حينها هو هنري ميشال. نشوة الفرح، عشتها صحبة المنتخب المغربي لألعاب القوى في بطولات العالم بمدينة اشبيلية الإسبانية سنة 1999 ، وهنا أتذكر هشام الكروج، وعادل الكوش في مواجهة إسبانية رهيبة يتقدمهما سيباسيان كو. وفيها كذلك لحظات طريفة. أطرف لحظة كانت خلال مرافقتي لفريق أولمبيك خريبكة في رحلته إلى نيجيريا، وحين وصولنا إلى لاغوس تبين أن لا أحد من أعضاء الفريق يتكلم اللغة الإنجليزية، وكنت الوحيد الذي يتكلمها بشكل متواضع. هنا تقدم نحوي رئيس الوفد ميلود جدير، وقال لي: أنت الآن رئيس الوفد، ولذلك سأسلمك المحفظة بما فيها، قمت بالدور وكان الكل يعتقد بأنني رئيس الوفد وزاد من تزكية ذلك أن الإعتماد الذي سلم لي كان يحمل «رئيس الوفد».الطريف أن كرسي رئيس الوفد بقي شاغرا، لأنني توجهت إلى منصة الصحافة لتغطية المباراة. نعم لتحرير القطاع السمعي البصري لكن... إن تحرير القطاع السمعي البصري مسألة إيجابية على إعتبارها من حقوق المجتمع ،لأنه يمنح فرصة تنوع المادة الإخبارية، والرياضية على الخصوص، في ظل منافسة شريفة تحكمها ضوابط وأخلاقيات المهنة. لكن هذا يتطلب تأهيل العنصر البشري المحترف. ما نلاحظه هو أن بعد المحطات تعتمد على مراسلين ليست لهم دراية بالمجال الرياضي فضلا عن رداءة الأصوات. طموح مشروع الطموح هو أن يتحقق قريبا خروج قناة رياضية إذاعية، المشروع لقي استجابة من طرف المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فيصل لعرايشي، ووزير الإتصال مصطفى الخلفي،خصوصا وأن القناة لن تكلف أي غلاف مالي، لأن الإذاعة تتوفر على الأستوديو والعنصر البشري، ما ننتظره هو ظهور الإذاعة الرياضية.