تخلد الفيدرالية الديمقراطية للشغل فاتح ماي 2012 تحت شعار «حماية الحريات النقابية دعامة أساسية للخيار الديمقراطي» هذا الشعار الذي يعكس مدى أهمية تكريس الحقوق والحريات النقابية كدعامة للخيار الديمقراطي الذي أصبح من ثوابت الأمة، بعد التصويت على الدستور الجديد الذي فتح المجال بشكل جلي لتوسيع الهامش الديمقراطي كخيار استراتيجي، طالما طالبت به القوى الحية والتقدمية وفي مقدمتها الطبقة العاملة ومنذ عقود، وقدمت التضحيات الجسام من أجله خلال كل المراحل التاريخية التي عاشتها بلادنا، سواء من خلال مساهمة الطبقة العاملة في معركة الاستقلال وكذا من خلال مساهمة المناضلات والمناضلين النقابيين في المعركة من أجل الديمقراطية طيلة سنوات الجمر مما نتج عنه طرد وتسريح العديد من المناضلات والمناضلين من عملهم لأسباب واهية، وأدى كذلك إلى اعتقال ونفي وتشريد المئات الذين بفضلهم تم تعبيد المسار وفرض الخيار الديمقراطي. يشرفني باسم المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل وباسم كل الفيدراليات والفيدراليين أن أتقدم إليكم بأحر التحيات والتقدير، شاكرا لكم تلبيتكم دعوتنا مرة أخرى لمشاركة الطبقة العاملة في عيدها هذا. نعم، لقد عودتمونا على نيل شرف وجودكم بيننا في هذه المناسبة (مناسبة ذكرى فاتح ماي). وإننا إذ نعتز بمشاركتكم هاته، فإننا نعتبر حضوركم هذا استمرارا لدعمكم لقضايا الشغيلة المغربية بصفة عامة وللفيدرالية الديمقراطية للشغل على وجه الخصوص. حضوركم كحلفاء وأصدقاء لا يعني غير تأكيدكم لما أعلناه في البداية وفي كل مناسبة على أن اصطفافنا في الفيدرالية لا يمكن أن يكون إلا داخل الصف التقدمي والديمقراطي، حاملين مع كل المنظمات السياسية والنقابية المناضلة مشعل الحرية والكرامة ومحاربة الفساد والدفاع عن تحديث بلادنا وصون كرامة شغيلتنا وشعبنا الذي يستحق كل تقدير واحترام. في هذا اليوم تحتفل الطبقة العاملة في كل بقاع العالم، ويتوحد نبضها وتعلو أصواتها في إيقاع موحد للمطالبة بحقوقها وللتنديد بالظلم والجور، والحرمان من الحقوق ومواجهة كل التجاوزات والممارسات التي تستهدف حقوقها وكرامتها، في ظل إفرازات العولمة والليبرالية المتوحشة التي أعلنت إفلاسها بانهيار اقتصاد أعتى الدول الرأسمالية والتي اضطرت إلى تدخل الدولة لإنقاذ الشركات الكبرى والأبناك من الإفلاس المحقق، مما ينذر باستفحال الأزمة الاجتماعية وطرحها بإلحاح أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا الإطار تخلد الفيدرالية الديمقراطية للشغل فاتح ماي 2012 تحت شعار «حماية الحريات النقابية دعامة أساسية للخيار الديمقراطي» هذا الشعار الذي يعكس مدى أهمية تكريس الحقوق والحريات النقابية كدعامة للخيار الديمقراطي الذي أصبح من ثوابت الأمة، بعد التصويت على الدستور الجديد الذي فتح المجال بشكل جلي لتوسيع الهامش الديمقراطي كخيار استراتيجي، طالما طالبت به القوى الحية والتقدمية وفي مقدمتها الطبقة العاملة ومنذ عقود، وقدمت التضحيات الجسام من أجله خلال كل المراحل التاريخية التي عاشتها بلادنا، سواء من خلال مساهمة الطبقة العاملة في معركة الاستقلال وكذا من خلال مساهمة المناضلات والمناضلين النقابيين في المعركة من أجل الديمقراطية طيلة سنوات الجمر مما نتج عنه طرد وتسريح العديد من المناضلات والمناضلين من عملهم لأسباب واهية، وأدى كذلك إلى اعتقال ونفي وتشريد المئات الذين بفضلهم تم تعبيد المسار وفرض الخيار الديمقراطي، وفي هذه المناسبة لابد من ذكر شهيد الطبقة العاملة الشهيد عمر بنجلون وكذا عريس الشهداء المهدي بنبركة، وندعو بالمناسبة المسؤولين إلى الكشف عن الحقيقة كل الحقيقة إنصافا للتاريخ ومن أجل المصالحة مع الماضي والتطلع نحو مستقبل أفضل لشعبنا. لذلك نعتبر ومن خلال شعار فاتح ماي 2012 أن الخيار الديمقراطي رهين بحماية وتحسين الحريات النقابية، خاصة وأن الطبقة العاملة قد ساهمت بقدر كبير باقتراحاتها الإيجابية أثناء صياغة مشروع الدستور الجديد. كما ساهمت الفيدرالية في كل ربوع الوطن في شرح وتعبئة الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي في الانخراط الايجابي من أجل دستور متقدم ساهمنا إلى جانب كل القوى الحية والديمقراطية في بلورته والتصويت عليه. وإذا كان الدستور الجديد، على مستوى النصوص يستجيب لتطلعات الطبقة العاملة والشعب المغربي. إلا أنه يحتاج إلى تفعيل حقيقي، وديمقراطي حتى لا يبقى حبرا على ورق على غرار الكثير من النصوص القانونية المتقدمة، التي ظلت طيلة عقود مجمدة وخاضعة لتأويلات وأمزجة الحاكمين. ويعتبر مشروع القانون التنظيمي للإضراب الحالي نموذجا صارخا للتأويل الخاطئ والمنفرد للحكومة حيث سجلنا كفيدرالية انفراد الحكومة بهذا المشروع واستعماله بشكل متعسف لتهديد بعض الإضرابات القطاعية التي خاضتها قطاعات الفيدرالية، وهددت فيه الحكومة بالاقتطاع من أجور المضربين، ضاربة بذلك حقا شرعيا يضمنه دستور البلاد، وهو ما يؤشر لأسلوب الحكومة الذي يشكل تراجعا جليا عن تقاليد وأعراف الشراكة التي عشناها أكثر من عقد من الزمان،ورسخها الإجماع الوطني حول دستور فاتح يوليوز 2011. ونحن نحيي ذكرى العيد الأممي للطبقة العاملة، فلابد من التأكيد مرة أخرى على موقفنا الثابت كجزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، على التمسك بمغربية أقاليمنا الصحراوية وحل القضية في إطار الحكم الذاتي، وندعو في الآن نفسه حكام الجزائر الشقيقة إلى تغليب فضيلة الحوار ومصلحة شعوب المغرب العربي في أفق بناء وحدة المغرب العربي الكبير، وتجسيد حلم شعوبه في الوحدة وإزالة الحواجز والحدود في إطار كيان قوي وموحد لمواجهة التحديات العالمية، التي لم تعد تعبأ بالكيانات الصغيرة مقابل إعطاء الاعتبار للتكتلات الاقتصادية والسياسية الكبرى في ظل المنافسة الشرسة التي يعرفها العالم على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وبهذا الصدد لابد أن ننحني بخشوع أمام شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، كما نحيي أفراد القوات المسلحة المرابطة في الأقاليم الجنوبية ومختلف مناطق المغرب دفاعا عن وحدته وحدوده ودفاعا عن أمن الشعب المغربي وكرامته. كما يأتي فاتح ماي 2012 في ظل وضعية صعبة تعرفها القضية الفلسطينية، حيث لايزال الاحتلال الإسرائيلي مصرا على بناء المستوطنات واغتصاب أراضي الفلسطينيين والاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، مؤازرا من طرف الولاياتالمتحدة التي تتعامل بمكيالين مع الوضع في فلسطينالمحتلة حيث تتعرض للتهويد والاحتلال والبطش من طرف القوات الصهيونية الغاشمة. وبهذه المناسبة نؤكد دعمنا المطلق لنضالات الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الشرسة للآلة العسكرية الإسرائيلية، ونجدد دعمنا المبدئي لعدالة القضية الفلسطينية ونضالات الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما نؤكد انخراطنا في المجهودات الدولية منأجل دعم قضية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ورمز التسامح بين الأديان والسلام. وأملنا كبير في أن تعمل كل القوى المناضلة في فلسطين على تقوية الصفوف ورصها لمواجهة العدو المشترك . إنها مسؤولية تاريخية لا بد من تحملها بكل أعبائها. إننا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل نؤكد ومن جديد على ضرورة التزام الحكومة بمبادئ الخيار الديمقراطي، التي عبر عنها الشعب المغربي بمختلف مكوناته وتعبيراته، وأن تعمل على التطبيق الحقيقي لمضامين الدستور الجديد بعيدا عن كل نظرة سياسوية ضيقة أو شعارات شعبوية سرعان ما ينكشف زيفها. الحوار الاجتماعي إننا ندعو الحكومة وأرباب العمل إلى احترام اتفاقات الحوار الاجتماعي، واحترام الاتفاقات والالتزامات الناتجة عن الحوارات القطاعية، والتدخل العاجل لفك نزاعات الشغل في مختلف الأقاليم والجهات وعلى مستوى المؤسسات والقطاعات، بما يضمن احترام الحريات النقابية واحترام الحقوق والمكتسبات. لقد عملت الفيدرالية الديمقراطية للشغل ومنذ تأسيسها، على تدبير الملف الاجتماعي في شقيه التفاوضي والنضالي بتوجه وحدوي وبتصور شامل لمختلف تجلياته وارتباطاته السياسية والمجتمعية، وقد تتبع الرأي العام الوطني مختلف أشواط الحوار الاجتماعي لسنة 2011 والتي تُوِّجَت باتفاق 26 أبريل، الذي ساهم في إيجاد بعض الحلول، وفتح الطريق لمعالجة عدد من النزاعات التي كانت سببا في أجواء الاحتقان والتوتر . وإذ نسجل اليوم تباطؤ الحكومة في تنفيذ عدد من التزاماتها وخاصة في ما يتعلق بالملفات العالقة التالية، منها : * مراجعة منظومة الأجور وتعميم زيادة 600 درهم في الأجر على القطاعات التي لم تستفد منها بعد. * إخراج صندوق التعويض عن فقدان الشغل للوجود وأجرأة التعويض عن العمل بالوسط القروي والمناطق النائية والصعبة. * فتحدرجة جديدة في سلم الترقي بالوظيفة العمومية. * مراجعة القوانين المنظمة لانتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بما يضمن المساواة بين كل فئات المأجورين في القطاعين الخاص والعام، وملاءمتها مع فلسفة ومقتضيات الدستور الجديد. كما نطالب الحكومة بالوفاء بوعدها بضرورة تنفيذ هذه الملفات العالقة منذ اتفاق 26 أبريل وندعوها إلى تهييء كل الشروط المادية والقانونية الكفيلة بالاستجابة للملفات المطلبية المطروحة على طاولة الحوار الاجتماعي وعلى طاولة الحوارات القطاعية والمؤسسات. إننا نرفض أن يبقى العمال في أكثر من 50% من المؤسسات الإنتاجية والخدماتية خارج التطبيق الفعلي لمقتضيات مدونة الشغل، كما نرفض أن يظل المتقاعدون رهائن للإصلاح المنتظر والضروري لأنظمة التقاعد. كما نرفض استمرار العمل بالفصل 288 من القانون الجنائي الذي يكبل الحريات النقابية ويجعل المناضلات والمناضلين النقابيين مدانين مسبقا، ومهددين بالاعتقال والطرد ومختلف أشكال التعسف. كما نطالب الحكومة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية 87 التي صادقت عليها أغلب الدول المتحضرة من أجل تكييف قوانيننا مع منطوق الدستور الجديد الذي يؤكد على احترام مختلف القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. بعد مرور أزيد من 100 يوم على تنصيب الحكومة وبعد طول انتظار للحوار الاجتماعي الذي لم يأخذ بعد مساره الحقيقي، باستثناء الاتفاق على جدول الأعمال المتعلق بالوظيفة العمومية، مازالت ملفات وقضايا القطاع الخاص مغيبة من طرف الحكومة، التي لم تقدم أي تصور في هذا الصدد. لقد تزامن الحديث عن الحوار الاجتماعي لهذه السنة، مع الطرح الحكومي بضرورة تنظيم الحقل النقابي وصولا إلى تنظيم حق الإضراب، إننا نؤكد بهذه المناسبة على أن القانون المنظم للنقابات يجب أن يكون هو الإطار الأساسي والموجه لقانون الإضراب، كما أن بلوغ هدف إصدار هذه القوانين ينبغي أن يكون بشكل تشاركي وتوافقي، ويجب أن يستند على أرضية معالجة الملفات المطلبية الملحة لعموم المأجورين، والتزام الحكومة وأرباب العمل بفرض احترام مقتضيات مدونة الشغل والتغطية الصحية والاجتماعية، وضمان التعويض عن فقدان الشغل. لقد سبق للفيدرالية الديمقراطية للشغل وعبر فريقها البرلماني بالغرفة الثانية أن سجلت مواقفها بخصوص التصريح الحكومي من كونه لا يعطي الإجابات الواضحة حول مختلف قضايانا العمالية والاجتماعية، سواء في ارتفاع مستوى المعيشة وتنامي البطالة، أو في إصلاح شمولي يشمل أنظمة التقاعد ومنظومة الأجور والنظام العام للضرائب ونظام المقاصة ويحتاج إلى تعاقدات كبرى. ويأتي القانون المالي الحالي، ليؤكد بالأرقام ما تنبأنا به في مناقشتنا للتصريح وليس البرنامج الحكومي. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل كمأجورين استمرار تدهور الوضع الاجتماعي واستمرار التضييق على الحريات النقابية، وعلى الحق في العيش الكريم للمواطن المغربي بصفة عامة والعامل بصفة خاصة، كما أن الشعارات المرفوعة بخصوص محاربة الفساد والتصريحات حول اقتصاد الريع لا يمكن أن تشكل الشجرة التي تخفي الغابة ويجب أن تستهدف كل أشكال اقتصاد الريع والامتيازات، ولا يمكن أن تغطي ضعف الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية في القانون المالي الحالي. إن الفيدرالية عازمة على المضي بعزم في الدفاع عن مطالبنا العادلة وعلى إصرارنا في النضال لترسيخ اختيارنا الديمقراطي. إننا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل نتابع باهتمام بالغ وبقلق شديد عودة المقاربة الأمنية في مواجهة شتى الحركات الاحتجاجية، وخاصة حركات الشباب المعطل بالعودة إلى أسلوب العصا الغليظة والقمع الممنهج والذي لا يمكن بأي حال أن يعطي الإجابات الحقيقية لمعضلات البطالة والفقر والتهميش. إن المؤشرات الحالية للأداء الحكومي بعيدة عن انتظارات الطبقات الفقيرة والوسطى في المجتمع المغربي من تجار وموظفين ومأجورين كما لا تعكس تطلعات المجتمع المدني والمرأة المغربية في مجال المناصفة وتحصين الحقوق في المساواة وتكافؤ الفرص، وحماية الطفولة والقاصرات من كل أنواع الاستغلال، وتشكل قضية أمينة الفيلالي نموذجا صارخا للمقاربة الحكومية الفاشلة في هذا المجال. كما نعلن تضامننا مع قضايا عمالنا المغاربة بالخارج ضحايا الأزمة الاقتصادية واليمين المتطرف بأوروبا، وتضامننا مع المهاجرين الأفارقة بالمغرب، مطالبين الحكومة المغربية باحترام المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين. إننا وباسمكم جميعا نعلن تضامننا اللامشروط مع نضالات الطبقة العاملة في فلسطين، من أجل التحرر والانعتاق، ودعمنا لنضالات رفاقنا في النقابات الإسبانية ضد القوانين الجائرة التي أعلنتها الحكومة الإسبانية وتضامننا مع عموم الطبقة العاملة في العالم في مواجهتها للاستغلال وجشع النظام الرأسمالي العالمي الجديد. ونحن نحيي ذكرى فاتح ماي ذكرى عيد العمال، فإننا نتوجه إليكم جميعا بأخلص التهاني وأزكى التحيات والتقدير، آملين أن نلتقي في مواعد أخرى وقد تحقق ما نصبو إليه من تقوية الذات كشرط أساسي للدفاع عن حقوقنا المشروعة. كما أوجه بالمناسبة الدعوة إلى المركزيات النقابية لتقوية التنسيق ورسم البرامج المشتركة والعمل على تنفيذها. فمصلحة الشغيلة المغربية فوق كل اعتبار، كما نتوجه في النهاية إلى المسؤولين في الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب من أجل المضي في الخطوات الإيجابية التي تخطوها مع المركزيات النقابية لحماية حقوق كل الأطراف المعنية. فلا مقاولة بدون حقوق العمال، ولا عمال بدون مقاولة مواطنة ومنصفة خصوصا بعد الرفع النهائي للحواجز الجمركية في إطار اتفاقية منظمة التجارة العالمية. فلنعمل جميعا لما فيه تقدم بلادنا وشعبنا.