سيكون على عزيز الرباح وزير التجهيز والنقل أن يتخذ يوم غد قرارا لن يخلو من مخاطر، فبعد أن حل موعد تحديد من سيتولى تدبير خطوط بحرية بديلة عن تلك التي كانت تغطيها بواخر "كومناف" و "كوماريت" ، فقد بات من الصعب الخيار بين المغامرة بحرمان الجالية المغربية المقيمة في الخارج من الحق في استعمال النقل البحري كوسيلة نقل لقضاء العطل السنوية في أرض الوطن، وبين فتح الباب أمام شركات أجنبية من مصلحتها أن يفشل المغرب في إيجاد مخرج لإنقاذ أسطوله الوطني وتحرير بواخره المعرضة للحجز. لقد سبق لوزارة التجهيز والنقل أن أجلت موعد الفصل ب 15 يوما عن الموعد المحدد في طلب العروض الأصلي، ولكن كل المحاولات التي قادها الرئيس السابق ل "كومناف" توفيق الإبراهيمي مع الدائنين ومع البنوك والمستثمرين والفاعلين في القطاع، بهدف تشغيل البواخر المغربية المحتجزة في الموانئ الأوربية وتعزيزها ببواخر أخرى، لم تسفر لحد الآن عن توفر المبلغ المالي الكافي لإنقاذ شركتي "كومناف" و "كوماريت"، فلا الدولة مستعدة للمساهمة في التمويل أو في ضمان القروض، ولا القطاع البنكي جاهز لتمويل الاستثمار في النقل البحري، ولا المستثمرون المغاربة قادرون على تحمل الكلفة دون الحصول على قروض بنكية بشروط معقولة. أمام إصرار عزيز الرباح على اتخاذ القرار يوم غد الثلاثاء، أي الترخيص لشركة "كريمالدي" الإيطالية بتغطية خطين بحريين، فإن كثرة المتدخلين في الأزمة تفرض تدخل رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران وتسخير كل صلاحياته وعلاقاته في التوصل بشكل عاجل إلى حل يحول دون تمكين الأسطول الإيطالي، الذي يتولى حاليا تغطية الخط الرابط بين جينوى الإيطالية وبرشلونة الإسبانية وميناء طنجة المتوسطي، من تغطية خطين يربط أولهما سيت بطنجة وثانيهما سيت بالناظور، ففضلا عن كون الرخص الجديدة ستشكل عرقلة إضافية أمام محاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإنها ستكون بمثابة فتيل لإشعال النار في أوساط البحارة العالقين بميناء سيت الفرنسي الذين سيصعب عليهم القبول بالأمر الواقع والوقوف موقف المتفرج أمام خيارات تفرض عليهم التخلي عن حقوقهم وتعريض أبنائهم وأسرهم إلى الحرمان من أبسط شروط العيش الكريم. أهمية تدخل رئيس الوزراء تفرضها كذلك وضعية النقل بين ميناءي طنجة والجزيرة الخضراء الإسباني ,حيث تؤكد المعطيات المتوفرة أن عدم تشغيل البواخر الأربعة التابعة لشركة "كوماريت" سيرفع حصة الأسطول الإسباني العامل في الخط والمكون من 9 بواخر إلى حوالي 85% من مجموع المسافرين, بينما حصة المغرب ستكون في حدود 15%. لا نريد العودة إلى الأسباب السياسية والاقتصادية والتدبيرية التي عرضت الأسطول المغربي إلى الإفلاس، ولكننا نريد مواجهة المشكل بقرارات مستعجلة، قرارات تحقق التوافق بين ما هو آني وما هو استراتيجي، فالسلطات التي يخولها الدستور لرئيس الوزراء تعطي لعبد الإله بنكيران إمكانيات أكبر لتدبير الأزمة، فهل سيتوفق في حماية السيادة المغربية من الغزو الأجنبي لقطاعاته الإستراتيجية؟