قدم الأمين العام للحكومة إدريس الضحاك في بداية الاسبوع، مرافعة أمامإحدى لجان مجلس النواب دافع خلالها وبحماس، عن الأمانة العامة التي أنيط به تدبيرها منذ صيف 2008. قال الضحاك إن مؤسسته تشبه «الجيش التركي »في الحرص على استمرار الدولة. وكان الضحاك يرد في مرافعته على انتقادات وجهها للأمانة العامة للحكومة ودورها، عدد من النواب ملخصها أنها «ثلاجة للحكومة»و«مقبرة للقوانين». السيد الضحاك وهو القانوني الذي درس في الشرق والغرب، وتدرج في سلك القضاء منذ 1962 إلى أن أصبح رئيسا لرأس هرمه المحكماتي (المجلس الاعلى الذي حمل اليوم اسم محكمة النقض) ، يعترف في مرافعته بأن الامانة العامة ليست في انسجام مع العمل الحكومي مثل الجيش التركي تماما الذي يتخذ مسافة كبرى، ليست فقط تجاه حكومة هذا البلد الاوروأسيوي بل حتى تجاه رئاسته أيضا. وتاريخ أمانتنا العامة يؤكد بأنها لم تكن يوما جزءا لايتجزأ من الجهاز الحكومي وتسير بنفس سرعة تشريعاته . إن دخول النصوص إلى مكتب الامين العام الذي خولت له بمقتضى مرسوم ملكي سنة 1966 رتبة وزير ، لم تعلم الحكومة في مرات عديدة متى سيتم جدولتها سواء في مجلسها أو بالمجلس الوزاري. بعض مشاريع القوانين تم «احتجازها » لعدة سنوات حتى يحين زمنها الذي ليس هو بالضرورة الزمن الحكومي أو البرلماني . أليست الامانة العامة «ثلاجة للحكومة».؟؟؟؟وهنا لماذا لا يتم نشر جدول يحتوي على مدة «الإقامة» التي قضتها النصوص التي انتهت صلاحيتها أو التي استطاعت مقاومة البرودة لينفض عنها بعد ذلك الغطاء الثلجي الذي طالها وتدرج في الدورة التشريعية. أو لنقل إن هذه المشاريع لم تر النور بالمرة . إنها ليست من الأولويات أو أنها ليست في تناغم مع ما أسماه السيد الضحاك «استمرارية الدولة» . أليست الأمانة العامة «مقبرة للقوانين»؟؟؟؟ وهنا نذكر بأن العديد من النصوص ماتت في ضيافة الأمانة العامة للحكومة ولم يكتب على قبورها حتى تاريخ الوفاة. تاريخيا ، تعد الامانة العامة للحكومة الجهة الحكومية الوحيدة التي حافظت على استقرار أمنائها العامين. فمنذ إنشائها في دجنبر 1955 إلى اليوم، تعاقبت عليها خمسة شخصيات كان أولهم الحاج محمد باحنيني الذي قضى على رأسها سبع عشرة سنة . ولم يحطم هذا الرقم القياسي سوى خلفه السيد عباس القيسي الذي تحمل مسؤوليتها 22 سنة متفرقة أطول مددها من 1977 إلى 1993. وهذا الاستقرار يجعل منها بالفعل آلية تحكم قانوني، لها دور في وضع الخريطة التشريعية لأي مرحلة سياسية ليس بالضرورة في توافق مع اللون الحكومي، بل تفرمل إنتاجه إذا اقتضى ذلك مصلحة «استمرار الدولة» التي يملك السيد الضحاك تفسيرها السياسي والقانوني، التفسير الذي يوجد في واد، والدستور الجديد في واد آخر، وكأن القانون الأسمى للبلاد لم يطلع على مضامينه السيد الامين العام .