الجريمة التي ارتكبها محمد مراح في حق جنود من أصل مغاربي ومن بينهم جندي من أصل مغربي ( عماد بنزياتن ) وأطفال يهود وجندي من جزر الأنتيل فرضت نفسها بقوة على الحملة الانتخابية للرئاسيات التي لم يعد يفصلنا عن دورها الاول إلا شهر واحد . ففي البداية، أوقف أغلب المرشحين حملتهم، تضامنا مع الأسر المفجوعة وتعبيرا عن الوحدة الوطنية. لكن مباشرة بعد قتل المشتبه به في تبادل إطلاق النار مع الشرطة بدأت الانتقادات لأداء الحكومة في التعامل مع هذه الظاهرة وكذلك طريقة تدبير هذه الازمة. بل هناك أطراف اتهمتها باستعمالها لأسباب انتخابية .لكن بعد بروز هوية القاتل وجدت الاقلية المسلمة نفسها في وضعية صعبة بسبب هذا العمل الوحشي والمجنون. مرشحة اليمين المتطرف المعادية للمسلمين والمهاجرين مارين لوبين ،التي حاولت عدة مرات إقحام مواضيع الاسلام والهجرة الى الحملة الانتخابية ،وجدت الفرصة جد مناسبة بعد المذبحة البشعة التي ارتكبها الشاب الفرنسي محمد مراح ، واعتبرت أن الحكومة الفرنسية ليست حازمة مع مرتكبي هذه الافعال ،وقالت زعيمة المتطرفين والتي تحظى بتأييد ما بين 13 و17 في المائة من الناخبين ، أن الحكومة الفرنسية لا تقوم بما يكفي ضد الجماعات الاصولية السياسية التي تقتل الاطفال «.وأضافت يوم الاحد الماضي أمام أنصارها بنانت «ما وقع ليس عملا جنونيا لرجل ، ما وقع هو بداية لموجة عارمة من الفاشية الخضراء في بلدنا.» لتضيف في تجمعها الانتخابي « كم عدد محمد مراح في البواخر والطائرات يصلون كل ويوم الى فرنسا؟ كم عدد من محمد مراح بين أبناء المهاجرين لم يتم استيعابهم؟» وقالت زعيمة المعادين للهجرة أيضا في تجمعها الانتخابي «إن محمد مراح هو الجزء البارز من جبل الثلج « لتضيف في نفس الاتجاه أن « أجيالا بكاملها بفرنسا هي تحت سلطة المخدرات والاسلام االراديكالي «وكل ذلك بالنسبة لها «نتيجة الهجرة الكثيفة نحو فرنسا». طبعا هذا الحدث الاجرامي سيفرض نفسه على الانتخابات الرئاسية وسوف يتم استغلال خوف عدد كبير من الفرنسيين من طرف اليمين المتطرف، كما أن الظاهرة ستفرض على اليمين الكلاسيكي التوجه نحو أقصاه لربح الاصوات. نفس الجدل حول الموضوع أي استغلال الحادث لأسباب انتخابية، اندلع بين اليمين والحزب الاشتراكي. لكن هذه الاحداث لم تؤثر بشكل كبير على نتائج استطلاعات الرأي حتى الآن ،حيث ما زال نفس الترتيب مستمرا ،حيث يحظى زعيم المعارضة فرنسوا هولند بثقة الناخبين متقدما على نيكولا ساركوزي مرشح حزب اليمين خاصة في الدور الثاني .أما في الدور الاول فقد أصبحت نتائجهما متساوية في انتظار معرفة انعكاسات هذه الظاهرة الاجرامية المعزولة في استطلاعات الرأي المقبلة بعد أن حصر المجلس الدستوري عدد المرشحين في عشرة . ومن الصدف الماكرة أن اليمين بكل أطيافه كان في وضع صعب بهذه الانتخابات الرئاسية، حيث كانت الاستطلاعات في صالح مرشح المعارضة الاشتراكية بصفة عامة ،ليجد حليفا ممثلا في التطرف السلفي الديني يساعده على تحويل النقاش من قضايا الناس اليومية الى نقاش وهمي حول خطر الهجرة والإسلام. هذه الاعمال الاجرامية التي قام بها أحد الفرنسيين من أصول مسلمة زادت من تعقيد وضعية الأقليات المسلمة والمغاربية بهذا البلد، والتي كانت رهينة المزايدات الانتخابية حول اللحم الحلال ووضعية الاسلام بفرنسا والهجرة . ورغم هامشية هذا العمل المتطرف وندرته في أوساط المسلمين، فإنه سوف يتم استغلاله في هذه الحملة الانتخابية خاصة من طرف بعض تيارات اليمين واليمين المتطرف التي لا ترى العالم إلا من زاوية صدام الحضارات .