استنكرت قيادات إسلامية بفرنسا قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي من دخول البلاد لحضور المؤتمر السنوي لمسلمي فرنسا المقرر عقده بمدينة لوبورجيه القريبة من العاصمة باريس ما بين السادس والتاسع من أبريل/نيسان المقبل. واعتبرت هذه الشخصيات أن القرار يشكل "إهانة لكل المسلمين"، مشددة على أن دوافعه تكمن في رغبة ساركوزي استرضاء اللوبي المحلي الموالي لإسرائيل ومغازلة ناخبي اليمين المتطرف المعادي للمسلمين قبل ثلاثة أسابيع على موعد الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وقال رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، أحمد جاب الله إن حظر دخول القرضاوي للأراضي الفرنسية كان "مفاجئا كليا" لجمعيته التي دعت الشيخ لإلقاء محاضرة في الملتقى الذي تنظمه هذه السنة بحضور شخصيات علمية وفكرية أخرى من مختلف أنحاء العالم، بينها زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي والناشطة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام. وانتقد جاب الله تعليل الرئيس الفرنسي لقراره بكون خطاب القرضاوي "لا يتلاءم مع قيم الجمهورية"، مشيرا إلى أن القرضاوي هو إمام الوسطية والاعتدال والانفتاح وأنه رائد من رواد الحوار بين الأديان السماوية ومدافع عن حقوق المرأة. ويرى الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي، محمد البشاري أن منع القرضاوي من دخول فرنسا يترجم "الاستغلال الرخيص" لأحداث تولوز التي وقعت مؤخرا، بهدف الانتقام من الشيخ على "مواقفه المبدئية الشجاعة" المناصرة لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال. وأضاف البشاري -الذي يترأس أيضا الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا- أن قرار ساركوزي يمثل "إهانة لكل المسلمين"، مشيرا إلى أن القرضاوي هو "أكبر مرجعية للوسطية الإسلامية في العالم برمته". واعتبر القيادي المسلم في تصريح للجزيرة نت أن ساركوزي ركب ما سماها موجة التخويف من الإسلام التي قال إنها غدت "المطية الانتخابية الوحيدة لساسة اليمين الفاشلين والعاجزين عن إقناع الناخبين بوعود جديدة تمس همومهم الاقتصادية والاجتماعية". أما رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد الموساوي فاستغرب بدوره قرار ساركوزي، وأشار إلى أن القرضاوي زار فرنسا عدة مرات في السنوات الأخيرة. إلا أن الموساوي أكد للجزيرة نت أن هيئته لم تتخذ أي موقف في هذه القضية معللا ذلك بكونها لم تحصل بعد على "معلومات كافية" بشأن دوافع القرار الحكومي الفرنسي. وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -الذي يترأسه الشيخ القرضاوي- قد عاتب فرنسا على رفضها منحه تأشيرة دخول، مدينا في الوقت نفسه "العملية الإرهابية" التي حصلت في تولوز مؤخرا، في إشارة إلى الهجوم الذي نفذه محمد مراح. وكان ساركوزي قد صرح الاثنين الماضي لإذاعة "فرانس اينفو" المحلية بأنه أعلم أمير قطر بأن الشيخ يوسف القرضاوي "غير مرحب به" في فرنسا، مشيرا إلى أن الشيخ يحمل جوازا دبلوماسيا قطريا يجعله غير محتاج لتأشيرة لدخول الأراضي الفرنسية. وجاء هذا الإعلان بعد أن أقدمت الجبهة الوطنية -الحزب الفرنسي اليميني المتطرف الذي تقوده المرشحة الرئاسية مارين لوبين- على بث فيديو يضم مقطعا لإحدى مداخلات الشيخ القرضاوي على قناة الجزيرة في العام 2009. وادعى الحزب المذكور أن كلام العلامة كان "معاديا لليهود" وربط بينه وبين هجمات تولوز التي قتل فيها سبعة أشخاص بينهم جنديان مسلمان وأربعة مدنيين يهود، وترجح الشرطة المحلية أن يكون منفذها الشاب الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح الذي لقي مصرعه في وقت لاحق في اشتباك مع قوات الأمن. وقد انضمت جمعيات يهودية محلية لهذه الحملة وضغطت على الحكومة الفرنسية التي أعلنت في النهاية إغلاق أبواب فرنسا في وجه الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمود المصري الذي اتهمته، هو الآخر، نفس الجهات ب"معاداة السامية". يذكر أن بريطانيا رفضت إعطاء الشيخ القرضاوي تأشيرة دخول عام 2008 وقالت متحدثة باسم وزارة الداخلية في ذلك الحين إن القرار اتخذ على أساس أنه "برر أعمال عنف إرهابي"، في إشارة منها إلى موقفه من عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.