تشن مجموعة من الجهات هجمة شرسة على الحقوق النقابية كرد فعل على الاحتجاجات ذات الطابع السلمي التي تخوضها النقابات الوطنية والديمقراطية الجادة دفاعا عن ملفاتها المطلبية المشروعة وقد اعتقدنا أن هذه السلوكات البائدة في ظل شروط المغرب الحالي في تراجع لكن ما يقع من وقائع يومية يعيد النقاش حول الحريات والحقوق النقابية إلى نقطة الانطلاق إن تصريح رئيس الحكومة أمام رجال الأعمال في مدينة الصخيرات باستعداده للتصدي لعرقلة حرية العمل وتلويح وزير الاتصال بورقة الاقتطاع من أجور المضربين والتفاف وزير العدل عن التوقيع عن مضامين اتفاق ثنائي كلها عناصر تؤكد تراجع الحكومة عن تطوير بل الحفاظ على التراكمات التي تم إنجازها فيما يتعلق بتكريس القواعد المؤسسة للحريات العامة وحقوق الإنسان. لقد سجلت الفيدرالية الديمقراطية للشغل مجموعة من التراجعات في مجال الحريات النقابية،فالعديد من المستخدمين تعرضوا للترهيب بل للتوقيف والطرد في شركة اتصالات المغرب إحدى أكبر المؤسسات المقاولاتية الوطنية، فبالرغم من تحقيقها لربح صافي يصل في نهاية 2011 إلى 810 مليار سنتيم بفضل تفاني ومردودية المستخدمين، فإن الشركة تخرق أبسط مقتضيات مدونة الشغل في الوقت الذي كنا نتمنى أن تكون المسألة الاجتماعية نقطة أساسية في الأجندة الاستراتيجية لهذه المؤسسة الهامة وفي نفس السياق تعرضت بعض الفئات التعليمية بالعاصمة لقمع شرس وغير مسبوق ذنبها الوحيد أنها احتجت وبطريقة سلمية على تجاهل الوزارة الوصية لمطالبهم. وفي المكتب الوطني للماء والكهرباء، نسجل إغلاق المدير العام لهذه المؤسسة باب الحوار في وجه النقابات خصوصا وأن الإدماج بين المكتبين يطرح إشكالات متعددة تهم إدارة الموارد البشرية، والتدبير التوقعي للأطر والكفاءات والنظام الأساسي الجديد والأعمال الاجتماعية والانتخابات المهنية مما يبين أن الإدارة العامة لهذه المؤسسة تشتغل دون أفق اجتماعي يأخذ بعين الاعتبار ما يتطلبه الاندماج من تطوير للمكتسبات الاجتماعية ووضع نظام أساسي يأخذ بعين الاعتبار الوضع الحيوي لهذه المؤسسة بالإضافة إلى ضرورة تدقيق حسابات الشؤون الاجتماعية من أجل بلورة خطة اجتماعية مستقبلية تنبني على الشفافية التدبيرية والأهداف الواجب إنجازها. كما نذكر ما يتعرض له الحق النقابي من تضييق في مجموعة من المؤسسات العمومية كالمكتب الوطني للكهرباء ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالإضافة إلى العديد من المؤسسات الإنتاجية والخدماتية في القطاع الخاص. وطبعا كنا ننتظر من الأستاذ عبد الإله بنكيران أن يقوم بتطوير ميدان تشريع الشغل والحريات النقابية عبر تنفيذ التزام الحكومة بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والذي ساهم في تشريد آلاف الأسر بدعوى عرقلة العمل وكذلك التصديق على اتفاقية العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية. لقد اعتبر الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي المس بالحريات النقابية تخريبا لمنظومة حقوق الإنسان عندما تعرض مناضلو النقابة الوطنية للتعليم للتعنيف أمام وزارة الاقتصاد والمالية كما أكد الأستاذ عباس الفاسي على تجريم المس بالحق النقابي أمام قيادات المركزيات النقابية. ختاما، فإن الحكومة الحالية رغم مغازلتها لأصحاب الرأسمال تحت ذرائع متعددة فإنها ملزمة بالوفاء بكل التزاماتها تجاه الشغيلة المغربية وذلك بالاحترام الفعلي لحق الشغيلة المغربية في التظاهر السلمي وحق التنظيم النقابي والحق في ممارسة الإضراب وكافة أنواع الاحتجاج تماشيا مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية وروح الدستور المغربي .* عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل