هو السلطان رقم 19 في سلسلة سلاطين الشرفاء العلويين الذين يحكمون المغرب منذ سنة 1666. اعتلى العرش في ظروف جد دقيقة ومضطربة للمغرب والمغاربة. فهو السلطان الذي جاء لتجاوز نتائج وقرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء الخاصة بالشأن المغربي وبماليته وتسييره، والتي أطاحت بأخيه غير الشقيق، الأصغر منه بسنتين مولاي عبد العزيز، كي تطيح به هو أيضا اتفاقية الحماية التي وقعها سنة 1912. لهذا فقد حكم فقط أربع سنوات من سنة 1908 إلى 1912، لكنها سنوات مصيرية في صناعة قدر المغرب إلى اليوم. ولد السلطان عبد الحفيظ بن الحسن يوم 24 فبراير 1876 فاس من أم مغربية، عكس أخيه مولاي عبد العزيز الذي كانت والدته شركسية تركية، وكذا أخاه الأصغر الآخر مولاي يوسف الذي كانت والدته شركسية من سورية. وتوفي مولاي حفيظ يوم 24 أبريل 1937، بأنجي ليبان بفرنسا. كان مولاي حفيظ غير راض على اتفاقية الحماية، وكان مصدر قلق حقيقي للمقيم العام ليوطي، كونه أصر على الانتقال إلى الرباط من فاس، وعلى التنازل عن العرش، مما كان يعتبر بالنسبة لليوطي ولفرنسا أنه رافض للحماية. وما كان يقلق باريس هو احتمال تنسيقه مع حركة الهيبة ماء العينين وابنه مربيه ربو ماء العينين، التي حررت مراكش وبدأت في الزحف نحو الشمال وهزمت في منطقة سيدي بوعثمان في ما بعد. ولقد كثر الحديث من قبل الفرنسيين عن أنه تلقى مقابلا ماليا عن تخليه عن العرش، من باب تشويه سمعته بالزعم أنه باع المغرب وليس أنه استقال من منصبه كسلطان لم تعد له أية سلطة حقيقية. وكان من ميزات مولاي حفيظ نظم الشعر وكتابة القوافي هو الذي تتلمذ على يد الشيخ ماء العينين في مراكش قبل مبايعته سلطانا ضد أخيه مولاي عبد العزيز بسبب تبعات اتفاقية الجزيرة الخضراء واحتلال مناطق واسعة بشرق المغرب من قبل فرنسا، خاصة مناطق توات وتندوف وكولمب بشار ثم احتلال وجدة سنة 1908 وقبلها قصف واحتلال الدارالبيضاء سنة 1907. عاش سنوات في طنجة التي كانت دولية حينها، قبل أن يغادر إلى فرنسا رفقة عائلته، خاصة إحدى بناته التي رعته بعناية خاصة، قبل أن يتوفى بها عن عمر يناهز 61 عاما. قضى أكثر من نصفها في المنافي. ومما يسجل عليه أنه رفض أي إصلاح للنظام المخزني حتى لا يقع في ما وقع فيه شقيقه مولاي عبد العزيز، من تأليب القواد والفقهاء ضده، لأن إعادة تنظيم الدولة بالشكل الحديث المتأسس على الدستور وتنظيم العلاقة بين السلطان والشعب، سيدمر نظاما قائما للمصالح قديم وليس له القوة لالمادية ولا الإدارية لمواجهته خاصة وأن أولئك القواد كانوا متواطئين مع فرنسا. وليس أكثرهم بروزا القايد الروكي بوحمارة، الذي تمكن من القضاء عليه بالتحالف مع قواد آخرين في مقدمتهم الكلاوي. وكان من قراراته التي جرت عليه غضبا حينها مواجهته لعلماء فاس المتنورين الوطنيين الرافضين لاتفاقية الجزيرة الخضراء، وضمنهم الفقيه الكتاني الذي كان صارما في التشبث بالدستور المعلن عنه في 1908 والذي يحدد سلطات السلطان، فكان أن أمر بقطع يده وبقتله في قصر فاس.