لو كان هناك مهرجان المهرجانات ببلدنا هذا العام بلجنة تنظيم ولجنة تحكيم، لفاز مهرجان الشريط التلفزيوني الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة الاسماعيلية بالجائزة الكبرى بدون منازع.. فكرة قوية في عمقها، وعميقة في قوتها، سيناريو الفكرة محبوك بطريقة فنية نادرة، ممثلون أكفاء في جمعية «العرض الحر» ومخرج كبير اسمه محمد بلحسن.. مكناس اليوم لها مهرجانها الحقيقي تفتخر به.. مهرجان يستحق الالتفاتة والتشجيع والتصفيق والافتخار... مسابقة الأفلام التلفزيونية بالقناتين تعيد الأرواح إلى أصحابها.. فبعد البث، ستظهر مكناس، أليس هذا يا عباد الله تحفيزا حقيقيا للتنافس النبيل من أجل غد مشرق؟ كان الشريط، بعد بثه يرمى في غياهب النسيان أو سلة المهملات، فمتى كان الممثل الرائع محمد الأثير يتوقع هذا الاعتراف لولا المهرجان الحسن الذكر؟ ومتى كانت فاطمة الزهراء بناصر، الممثلة الكبيرة، تنتظر الالتفاتة لموهبتها الحقيقية لولا هذا العرس الجميل؟ إنه عرس فني حقيقي بامتياز، لقاء أحبة الميدان في مسابقة كنا ننتظر على أحر من نار الجود أن تجود بها واحدة من المدن، وهاهي مدينة الكوديم تحسم في الأمر.. وحسنا فعلت! تابعنا الدورة عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة. وتأكدنا بأن القياس كان على المقاس وبأن التنظيم كان في مستوى الحدث، لجنة التحكيم تكونت من أسماء يشهد لها الحقل التلفزيوني بالدارية والنزاهة، والحضور كان وازنا حسب المعلومات المتوفرة.. كان موعدا فنيا وتظاهرة إبداعية ما أحوجنا إليها، ونتمنى أن يكون - كما صرح بذلك المنظمون - موعدا تلفزيونيا على مستوى الساحة المغاربية ينتقل بين مكناس ومدن مغاربية أخرى، وحينئذ سنكسب الرهان. وعاد أحسن دور رجالي مناصفة لمحمد الأثير بطل فيلم «الرقاص» الذي أخرجه عز العرب العلوي وأنتجته قناة «الأولى»، وبطل فيلم «مرحبا» للقناة الثانية وإخراج زكية الطاهري وأحمد بوشعلة. أما أحسن سيناريو في هذا المهرجان فكان من نصيب المخرج هشام جباري في فيلم «ظلال الموت» لقناة «الأولى». وتميز حفل اختتام الدورة الأولى لهذا المولود الجديد، الذي لقي إقبالا فاق كل التوقعات، وحضره رئيس جهة مكناس تافيلالت سعيد اشباعتو ووالي الجهة محمد فوزي وشخصيات تنتمي لعالم الفن والثقافة والإعلام وجمهور كبير شغوف بمتابعة الفن. كما تخللته فقرات فنية رائعة أحياها كل من الفنان الدرهم بمعية فرقتي عيساوة النسوية والذكورية. يذكر أن لجنة التحكيم تشكلت من الناقد حمادي كيروم والمخرجة نادية السعدي والصحفي مختار لغزيوي واشتغلت تحت رئاسة الفنانة القديرة ثريا جبران. ولم يقتصر برنامج الدورة الأولى لمهرجان مكناس التلفزيوني على عرض الأفلام بل تميز أيضا بتنظيم مائدة مستديرة حول موضوع «الإنتاج الدرامي المغربي» دعا فيها المشاركون القناتين «الأولى» والثانية إلى اعتماد تدبير شفاف ومهني لتشجيع كل المبادرات، وتنظيم العلاقة المهنية بين الفاعلين في مجال الإنتاج الدرامي، مشيدين في ذات الوقت بالجهود التي تبذلها القناتان لتشجيع وتطوير الإنتاج الدرامي التلفزي. وفي تصريح ل«الاتحاد الاشتراكي» اعتبر سعيد اشباعتو رئيس جهة مكناس تافيلالت، راعي المهرجان، أن المجال الثقافي لم ينل من المؤسسات المنتخبة، وأن التوقيع على ميلاد مهرجان عيساوة ومهرجان الفيلم التلفزيوني بمكناس لمن شأنه خلق دينامية ثقافية بالجهة وتوسيعها جغرافيا لتصل دول المغرب الكبير وجزء من إفريقيا، داعيا المنتخبين إلى إيلاء العناية والأهمية الكبرى للجانب الثقافي، مشيرا أنه ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان. أما محمود بلحسن مدير المهرجان ورئيس جمعية العرض الحر، فعبر عن سعادته الكبرى للنجاح الذي عرفته الدورة الأولى لهذه التظاهرة الفنية والذي فاق كل التوقعات حسب رأي المتتبعين، مؤكدا أن هذه التظاهرة التي ستصبح تقليدا سنويا لن تقتصر في الدورات المقبلة على إشراك الإنتاجات المغربية فحسب، بل «سنسعى،إلى الانفتاح على أعمال تلفزيونية جهوية، إذ نفكر من الآن في أن تكون الدورة الثانية محطة مغاربية بامتياز، وسنعمل من خلالها على استضافة دول المغرب العربي الخمسة، التي نتقاسم معها الدين و اللغة و العادات و التقاليد، أملا في خلق سوق لتداول الفيلم التلفزيوني من مدينة مكناس». وإلى جانب الأفلام التي نالت جوائز شاركت في المهرجان أفلام «خضرا وحمرا» لمخرجته جيهان البحار، و«القرصان الأبيض» للمخرجة فريدة بورقية، و«أرض الجموع» للمخرج عبد الرحيم مجد من إنتاج القناة الأولى و«نادية» للمخرج طارق بنبراهيم، و«زمان كنزة» للمخرج داوود ولاد السيد، ، و«الحاج عيبود» للمخرج جمال بلمجدوب من إنتاج القناة الثانية.