فضيحة مدوية من العيار الثقيل تنفجر بمريرت، إقليمخنيفرة، وتهتز لزلزالها المثير كل أرجاء الشارع المحلي والإقليمي، حيث تم اعتقال رئيس المجلس القروي لجماعة أم الربيع، بمعية ستة مستشارين بهذه الجماعة، على خلفية شيكات على بياض تسلمها منهم لضمان عودته لمقعد الرئاسة في الانتخابات الجماعية المقبلة، وفي رواية أخرى لضمان هذه الرئاسة لأحد رجاله المخلصين، مع قطع الطريق في وجه منافس محتمل، صالح أوغبال، الذي سبق عزله بقرار من وزارة الداخلية نتيجة إخلالات وخروقات في التدبير والتسيير. والمؤكد أن جانبا من ملف القضية لا يزال مظلما بالنظر لطابع السرية الذي تجري فيه التحقيقات الأمنية. وأول قطرات المعطيات المتوفرة لدى «الاتحاد الاشتراكي» بخصوص حكايةالشيكات، تشير إلى أحد المستشارين الذي تقدم لوكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة بشكاية يفضح فيها موضوع هذه الشيكات، لأسباب لم يظهر منها على سطح الأنباء إلا الرأس، الأمر الذي قاد إلى إيقاف رئيس الجماعة، الحسين العزمي، في كمين محكم، وتمكنت الشرطة من العثور ببيته على الشيكات، ما أكد مرة أخرى صدق الأصوات التي أبت إلا الاستمرار في النزول إلى شوارع مريرت للمطالبة بإسقاط الفساد ومحاسبة المفسدين، وإما تتم مواجهة هذه الأصوات بحجارة «البلطجية»، وإما بهراوات القوات العمومية. وتقول المعلومات المتوفرة إن رئيس جماعة أم الربيع، الحسين العزمي (ولد محمدين)، أخذ شيكات على بياض من عدة مستشارين، في سبيل ضمان ضمهم إليه للانتخابات الجماعية المقبلة، ملتزما بتمويل حملتهم على أساس وضعه على كرسي الرئاسة من جديد، ومن هؤلاء المستشارين، محمد معديني، الذي اتصل به صاحبنا الرئيس في محاولة لإخراجه من صف المعارضة وضمه إلى صف الأغلبية، مقابل الإنعام عليه بما يريده من أموال، بشرط أن يمده بشيك على بياض، شأنه شان باقي المستشارين الآخرين الذين سلموا شيكاتهم البيضاء، غير أن المستشار، حسب ما قيل، لم يتقبل الفكرة، إلا أن إلحاح الرئيس وتشديده على الأمر، حمل المستشار إلى وضع شكاية في الموضوع لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة. وصلة بالموضوع، أسرعت النيابة العامة إلى الاستماع بمحضر إلى أقوال المستشار المشتكي، وتمت إحالة الملف على الضابطة القضائية لشرطة مريرت للتأكد من صحة الشكاية والترتيب لعملية الإيقاع بالمشتكى به في حالة تلبس، وفعلا تم أخذ صورة شمسية للشيك الموقع على بياض، وتظاهر المستشار بالانصياع لفكرة الرئيس، ما سهل على عناصر الشرطة الإيقاع بهذا الرئيس وهو يتسلم الشيك من يد المستشار المذكور، ومقابل ذلك سلمه الرئيس 5000 درهم ك»حلاوة»، ليتم إلقاء القبض على الرئيس الذي كان ممتطيا سيارة الجماعة التي لا يتوقف عن استغلالها ليلا ونهارا في مآربه الشخصية. ولم يفت الشرطة اقتياده لبيته بتانفنيت حيث عثرت بحوزته على ستة شيكات أخرى موقعة على بياض، وتخص أعضاء بالجماعة استمعت الشرطة إليهم جميعا، وتقرر وضعهم تحت الحراسة النظرية تنفيذا لتعليمات النيابة العامة بابتدائية خنيفرة في أفق تقديمهم، في حالة اعتقال، أمام مصالح هذه النيابة، صباح الأحد 18 مارس الجاري. وفي ذات السياق، أكدت مصادر متطابقة خبر استدعاء الشرطة للنائب الرابع للرئيس، حيث استمعت إلى أقواله في إطار القضية وأخلت سبيله، والمؤكد أن التحريات ستدفع باتجاه ما يخلع «طاقية الإخفاء» عن رأس المستور، سيما أن «الربيع المريرتي» قد تمكن من كسر الصمت عن منطقة ظلت، ولمدة طويلة، رهينة في أيدي لوبيات الفساد، والشارع الذي يغلي هذه الأيام بقوة لم يعد يتردد في خوض ما تتطلبه الظرفية من احتجاجات، وبما أن «قنبلة الشيكات البيضاء» نسفت حائط الفساد داخل هذه الجماعة، يمكن إعطاء هذه الفضيحة تفسيرات عديدة، والبداية من ضرورة تعميق البحث والتحري في مالية جماعة أم الربيع وصفقاتها، علما بأنها تعد من بين أغنى جماعات الإقليم على خلفية مواردها الغابوية والمعدنية ومنتجعاتها السياحية. المستشار، محمد معديني، الذي سحب الحصير من تحت أقدام رئيس جماعة أم الربيع بتعريته لموضوع الشيكات، سبق أن وقع في فخ نفس الرئيس الذي تمكن من «اصطياده»، خلال صيف 2009، وهذا الأخير مجرد عضو آنذاك بذات الجماعة التي كان يرأسها الرئيس المعزول، حيث اشترط الرجل على المستشار وبعض الأعضاء وضع «شيكات على بياض» لتكوين تكتل مضمون في مواجهة وإسقاط الرئيس آنذاك، صالح أوغبال، وتم إيداع الشيكات، وعددها ثلاثة، لدى شخص معين، محمد عبيد (الملقب برويشة)، وهو معروف ب»مغامراته» الانتخابوية. وبعد مضي حوالي ثلاثة أشهر، نزل قرار وزارة الداخلية القاضي بعزل الرئيس، صالح أوغبال، ليتقدم أصحاب الشيكات الى المدعو رويشة قصد استرجاع شيكاتهم، وفق ما اتفق عليه، فزعم الرجل أنه قام بتمزيقها وإتلافها، وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، اتصل المدعو رويشة، رفقة رئيس المجلس البلدي لمريرت، بالمستشار، محمد معديني، واقترحا عليه الانضمام إلى لائحة انتخابية معينة، إلا أن المستشار رفض الطلب لكونه يرغب في لائحة أخرى، وكم كانت دهشة المستشار كبيرة في ظهور الشيك الذي لم يتم تمزيقه كما قيل له، فوجد نفسه تحت ضغط الأمر الواقع في مواجهة شكاية ضده من أجل إصدار شيك دون رصيد (حوالي 31 مليون ونصف المليون سنتيم)، ولم يجد من خيار غير بيع قطعة أرضية لأداء مبلغ الشيك، وحينها تقدم لوكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، بشكاية ضد محمد عبيد، الملقب برويشة، ورئيس المجلس البلدي، محمد عدال، يلتمس من خلالها فتح تحقيق في النازلة، وهي الشكاية التي لا تزال معلقة على مشجب شرطة مريرت لأسباب تضاربت حولها التعاليق. تأتي هذه الفضيحة في الوقت الذي لم ينته فيه الحديث عن حبس شقيقة رئيس المجلس البلدي بمريرت لصفعها شرطيا، وزوجها وابنيها وآخرين من «البلطجية» الذين أحدثوا فوضى كبيرة، ورشقوا مركزا للشرطة وهاجموا مشاركين في احتجاج ضد منعهم من حضور أشغال الحساب الإداري بالمجلس البلدي، وراج خلال الساعات القليلة الماضية أن زوج شقيقة الرئيس حاول الانتحار بزنزانته بالسجن المحلي بخنيفرة، إلا أن مصادر مسؤولة نفت صحة هذا النبأ، وكان من البديهي أن تستأثر «أحداث مريرت» باهتمام الرأي العام المحلي والوطني، وهي التي انتهت بتشريد أسرة الرئيس اجتماعيا، وربما انتهت بذبح الرئيس سياسيا. وكان لعدد من الفعاليات الناشطة بمريرت، يوم الجمعة الماضي، لقاء مع عامل الإقليم حول ما وصف بالفضائح المسجلة على مستوى الحساب الإداري والمالي، حيث تمسكت هذه الفعاليات بمطلب تفكيك مافيا الفساد، وفي ذات الإطار أشارت مصادرنا إلى لجنة منتدبة عن السكان قررت أن تنتقل إلى العاصمة الرباط، يومه الاثنين، لأجل طرق أبواب المجلس الأعلى للحسابات ووزارة العدل ووزارة الداخلية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية لحماية المال العام، والمطالبة بإيفاد لجان للتحقيق في ما شاب ميزانية المدينة وغلاف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من شبهات.