خيّمت تداعيات التراجع السياحي الذي عرفته أكَادير بداية من شهر ماي 2011 إلى الآن، على لقاء وزير السياحة لحسن حداد بالمهنيين والمنتخبين والمسؤولين من أجل مناقشة الأزمة السياحية التي ضربت بلادنا وخاصة أكَادير، ووضع استراتيجية لإعادة توازن هذا القطاع، والحفاظ عليه من أزمة كبيرة. وقد تساءل المتدخلون عن دور وزارة السياحة حتى حلت الأزمة السياحية بهذه الجهة، في الوقت الذي سبق أن نبهوها إلى ما سيعرفه القطاع نتيجة الأزمة المالية التي ضربت أروبا تحديدا كسوق تقليدية للسياحة المغربية، وكذا إلى إهمالها لعدة مجالات سياحية مهمة كالسياحة الجبلية والأيكولوجية ورياضة الجبال بمنطقة تافراوت. ووضع المهنيون أصابعهم على مكامن الداء والخلل، وكان من أبرزها النقل الجوي الذي لم يكن في مستوى تطلعات السياحة المغربية وخاصة ما يتعلق بوجهة أكَادير، حيث إن فقدان مطار أكادير المسيرة ل15خطا جويا مباشرا سنة 2011، وكذا عدم التزام الخطوط الملكية ببعض الخطوط المباشرة التي تربط بين أكَادير وعدة مدن أروبية، ساهم في تراجع السياح.زيادة على عدم دعم الدولة لهذا القطاع سواء في الاستثمار أو في الأزمة مع أنه ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني،وأول مزود للمغرب من العملة الصعبة حسب إحصائيات 2010.ومع ذلك فالدولة لا توليه اهتماما مثلما أولته مثلا للفلاحة والصيد البحري حين خصصت لهما صندوقا ماليا لمساعدة القطاع حتى يتغلب على أزمته. كما أن القطاع، وحسب ما ورد في التدخلات، يعاني من ضعف في التنشيط السياحي، وضعف في بنية الاستقبال، نظرا لقلة الطاقة الاستيعابية 16999غرفة بالجهة كلها من بينها11883غرفة بأكَادير وحدها أي ما يعادل نسبة 69،90 في المائة، وتقادم بعض الوحدات الفندقية، وضعف الخدمات المقدمة للسائح، ووجود فوضى في النقل السياحي وفي دور الضيافة وفي الإرشاد السياحي. زيادة على هيمنة الاحتكار والمنافسة غير الشريفة، ذلك أن أرباب المطاعم ذات الصبغة السياحية وأصحاب المحلات التجارية للصناعة التقليدية(البازارات) يشتكون من هيمنة الفنادق الكبرى على المطعمة والتجارة في ما يطلق عليه الكل بالكل داخل الفندق، وصار الفندق يبيع كل شيء في حين أصبحت المطاعم والمحلات التجارية المحيطة به تعيش أزمة خانقة. فمعضلة النقل الجوي، وغياب الربط المباشر بين مدينة أكَادير، وعدة مدن عالمية سواء بالسوق التقليدية أو بالسوق الجديدة(روسيا، روسياالبيضاء، أوكرانيا...) وفقدان بعض الخطوط الجوية السابقة، ومعضلة الاحتكار غير الشريف، ومعضلة النقل السياحي السري، وضعف التكوين والمهنية لدى العديد من المؤسسات من أكبر أسباب التراجع السياحي هذا إذا أضفنا إليها طبعا تداعيات الأزمة المالية. وفي ما يتعلق بالاستثمار، فقد كشف المنتخبون لوزير السياحة أن هناك فوضى أصابت القطاع، وأعطوا مثالا بمحطة تغازوت التي راهن عليها المغرب كأول وأكبر محطة سياحية بالمغرب التي كان من المنتظر أن تستوعب من الغرف والأسرة ما يفوق حجم طاقة مدينة أكَادير، إلا أنها عرفت فشلا ذريعا مع الشركة الأولى الخليجية ثم الأمريكية الإسبانية ولايزال المشروع متعثرا لم ير النور بعد. لكن الطامة الكبرى، هي أن شركة تجهيز خليج أكَادير المسماة حاليا شركة الهندسة السياحية، نزعت الأراضي من السكان بتغازوت وإيموران وأغروض، ولايزال العديد منهم لم يستفد، فلا تعويضات أخذت ولا مشروع أنجز إلى حد الآن، مع أن الأراضي انتزعت من أجل مشروع سياحي اقتصادي لتنمية المنطقة من جهة، وخلق فرص الشغل من جهة ثانية وإنعاش الاقتصاد المحلي للسكان. بل أكثر من ذلك وهذه هي المصيبة الكبرى، تحول جزء من تلك الأراضي المنتزعة من السكان، إلى فيلات وعمارات وبناء عشوائي كما حدث بأغروض مثلا قبل أن يشمل ذلك الهدم، وهذا جعل السكان يمتعضون من هذه العملية. وهنا تساءل المنتخبون بمرارة أين هي الدولة ؟وأين وزارة السياحة؟ ولماذا لم تعط هذه المحطة للاستثمارات المغربية؟ وما هي الضمانات التي تجعل هذا المشروع السياحي الضخم لا يفشل غدا مثلما فشلت قبله عدة مشاريع بتغازوت وتفنيت وتماوانزا وأغروض ولإيموران؟ وما الفائدة من شركة صونابا(لاسنيت حاليا)؟. هذا وكشف أحد المنتخبين أمام وزير السياحة فضيحة مشروع سياحي بأورير- إيموران، ويتعلق الأمر بمخيم سياحي مقام بتراب جماعة أورير، لكن العقدة تحمل تراب جماعة تغازوت، وهو الآن لا يؤدي بتاتا الضرائب لجماعة أورير. إنها فوضى، يقول المنتخب، والأدهى من كل هذا هو أن السلطات لم تقم بواجبها. كما أوضح أن ذوي الحقوق لم يتسلموا مستحقاتهم عن الهكتارات الفلاحية (620هكتارا)التي انتزعت منهم من أجل تجهيز وبناء محطة سياحية كبرى بتغازوت وغيرها، حيث أخذت منهم الأرض بثمن رمزي. وفي رده على التدخلات، بسط وزير السياحة رؤية واستراتيجية الوزارة في هذه المرحلة العصيبة التي يمر منها المغرب، للتعامل مع الأزمة بحذر، والتغلب على معيقاتها، وضمان مكانة السياحة المغربية، وحدد هذه الاستراتيجية في ثلاثة شروط أساسية:1- تحديد الأولويات 2- تعبئة الجميع مهنيين ومسؤولين ومنتخبين 3- ترشيد الموارد المالية المتوفرة. وتحدث أيضا عما يمكن البدء به كأولوية، سواء ما يتعلق بالمنتوج السياحي المقدم أو الاستثمارات السياحية المرتقبة أو التسويق والدعاية للسياحة المغربية بالمعارض العالمية ولدى وكالات الأسفار والشركاء بالخارج، فضلا عن حل معضلة النقل الجوي بجميع الوسائل الممكنة مع الخطوط الملكية أو الشركات الأجنبية(شارتر مثلا)،من أجل شيء واحد هو تجنب حدة تأثيرات الأزمة المالية على السياحة المغربية حتى لا يكون لها تأثير سلبي وقوي على المستوى الماكرو اقتصادي.