تنوعت أسباب وأشكال الرقابة والمنع التي صدرت في حق أعمال إبداعية وسينمائية مغربية، كما قدمها محور «ثقافات على محك النقاش» الذي يحتضنه الفضاء المشترك مابين مجلس الجالية المغربية بالخارج، المجلس الوطني لحقوق الانسان، مجلس المنافسة والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بمعرض الدولي للنشر والكتاب. المقاربات التي قدمها كل من الشاعر عبد اللطيف اللعبي، الممثلة فاطم العياشي، الكاتب عبد الله الطايع، الكاتبة باتول المحجوب والكاتب جواد بنعيسي، شكلت محور نقاش حول موضوع «الخيال والرقابة: أي وضع للمتخيل؟» ، الذي أدارته كنزة الصفريوي. هكذا توزعت تفاصيل المنع والرقابة مابين الشهادات والتفسير والتنديد والسخرية أحيانا، حيث اعتبرت كل هذه التجارب الإبداعية أن الرقابة والمنع اللذين تعرضت له مجموعة من أعمال اللعبي، العمل السينمائي «الفيلم...» لمحمد أشاور، «أيام معتمة» للباتول المحجوب، «نهار الملك» لعبد الله الطايع و«زيزونة» لجواد بنعيسي، أننا أمام أركيولوجية للمنع والرقابة تعددت واختلفت مسبباتها، حيث تتم المصادرة بطريقة رديئة تشعرك بالإهانة، وبأن الأوامر التي تصدر في جميع حالات المنع والرقابة يجهل مصدرها «مِنْ مَنْ ، وهذا هو المجهول» ، حيث نلمس فيها أن هناك فرقا مابين الممارسة والخطاب الذي يروج له عند الحديث عن الحرية في الإبداع، وبأن الرقابة بالمغرب هي طبيعة السلطة بالمغرب، وأن القائمين على الرقابة هم جبناء يتظللون وراء قرارات مبنية على الوشاية. في حين ذهبت تفسيرات أخرى إلى اعتبار الرقابة الحقيقية التي يعاني منها المشهد الثقافي تتجلى في ضبابية القوانين التي وضعت لتنظيمه، وأنه في غياب سياسة ومؤسسات ثقافية حقيقية لا يمكن أن نقدم إبداعا حقيقيا تترصده عيون الرقيب، مفسرين أن هذه الرقابة تأتي من كوننا في المغرب لا نؤسس لفعل ثقافي منظم تتشكل بنيته من مؤسسات حقيقية للفن والإبداع والثقافة. وأجمع كل المشاركين، في هذا اللقاء، أن طبيعة المنع التي مورست في حق هذه الإبداعات لا تحتاج إلى كل هذا التضخيم، فهي مجرد أعمال إبداعية استقاها كتابها من صور تم التقاطها من وسط المجتمع المغربي، وأن كل هذه الكتب والأعمال الفنية هي جزء من الحياة اليومية للمغاربة وتقدم لهم لقراءتها والاطلاع عليها. أركيولوجية المنع والرقابة التي تناولها كل من عبد اللطيف اللعبي، فاطم العياشي، عبد الله الطايع، باتول المحجوب، جواد بنعيسي وكنزة الصفريوي، شددوا فيها على أنه لابد من العمل على طرح سؤال الرقابة والمنع بإلحاح ومواجهته جميعا وبشكل مباشر، مؤكدين أنهم مع المنع والرقابة لكن بشرط أن تكون شروطه موضوعية. هذا الى جانب البحث عن الكيفية والشروط القانونية للقطع مع الرقابة الوحشية التي تمارسها بعض العقول، وهذه معركة يجب خوضها ابتداء من اليوم. كما بحث المشاركون في سؤال آخر يتعلق ب « من له الحق في إصدار قرار المنع؟»، معتبرين أن المجتمع الذي يصادر إبداعات مجتمعه فهو مجتمع مريض .. في هذا السياق، اعتبرت الممثلة المغربية فاطم العياشي، في تعبير صريح وصادق، أن «مهنتها هي التمثيل والإبداع، ولا تشتغل لحساب مصالح ومؤسسات الأحباس أو السياحة حتى تقوم بوظيفتهم، فأنا أعتبر نفسي إنسانة حرة بمغربيتي». وفي خلاصة لمحور «ثقافات على محك النقاش» الذي تناول موضوع « الخيال والرقابة: أي وضع للمتخيل؟» أن المنع يحيل على زمن مبهم، وعلى مذاق لمستقبل قد نقول عنه أنه مبهم هو الآخر.