«يلا ارحل يا بشار» كلمات كتبها أهالي سقبا بدم أحمر على جدران شهدت بشاعة و فظاعة جرائم بشار الأسد. قبل أسبوع من الآن، كانت مدينة سقبا، التابعة لمحافظة ريف دمشق، خاضعة لقوى الجيش السوري الحر الذي أعلن عن تأسيسه ضباط منشقون عن الجيش العربي السوري. هم مجموعة من الشباب السوريين الذين ضاقوا ذرعا من النظام الاستبدادي لبشار الأسد والذي عمر قرابة أربعين سنة. ويعتبر الجيش السوري الحر أن السيطرة على ضواحي العاصمة دمشق شرط أساسي لنجاح الثورة. معتمدين في ذلك على أسلحة كلاشنكوف رغم قلتها يلوحون بها و يصرخون: « بهاي والله يا بشار! بعون الله ما بننهان!». عشرات من الجيش السوري الحر يتحركون جيئة و ذهابا عند مدخل إحدى حارات سقبا لحماية المنطقة ومراقبتها، بعضهم يرتدي زيا عسكريا والبعض الآخر يرتدي ملابس عادية، يحرصون على إخفاء وجوههم وراء أقنعة سوداء تسمح لهم بالإحتماء من البرد. يمضون الليل بطوله وهم يحرصون المنطقة دون ذرع يحميهم, فهم يعلمون جيدا أنهم هم الذرع الذي سيقي أهالي المنطقة شر وبطش النظام السوري. و عندما ينهكهم السهر، يتكئون على جدران خرقتها نيران مدفعيات الأسد. وعن نوعية الأسلحة، أخبرنا قائد الثوار: «كانت لدينا قذائف جيدة، لكن في شهر نونبر، نفذت ذخيرتها» . والغريب في الأمر أن هؤلاء الجنود يرفضون مد يدهم لمصافحة المراسلات: «لا أستطيع مصافحتك، فأنا رجل متدين» هكذا يبررون موقفهم مشيرين إلى شريط أخضر مكتوب عليه «الله أكبر»، يضعونه على جبينهم كرمز لانتمائهم لسوريا الحرة. ويبدو أن ثوار مدينة سقبا ليسوا وحدهم من يتصدى لهجومات الأسد، فهم يتلقون المساعدة من أهالي المنطقة وهذا ما يعبر عنه رجل مسن فقد ابنه على يد ‹كتائب النظام السوري› و آخر يقبع وراء قضبان سجن في دمشق:» إذا ما أحسسنا بخطر ما فكل ما علينا فعله هو إخبار جيشنا على التو، فنحن الآن لسنا وحدنا». رغم ما يدعيه البعض على أن العديد من الثوار تخلوا عن الجيش السوري الحر، فنادرا ما تصدق هذه الأقوال. هم فقط يضخمون الوقائع لا لشيء و إنما لإحباطهم لا غير. لا يختلف إثنان على أن الإمكانيات اللوجستيكية المستعملة من قبل الجيش السوري الحر تظل ضعيفة جدا مقارنة بتلك المستعملة من قبل الجيش الموالي لبشار الأسد، و فضلا عن ذلك، ففي الجيش السوري الحر لا نلمس تفاوتا في المراتب والأدوار، الكل يحارب ويقاتل بكل الوسائل المتاحة. ويقول أحد الثوار الملقب «بجهاد»:» سنلقى مساعدة من بلدان تدعمنا... وكل ذلك سيربك حسابات الأسد ومواليه، ما علينا فعله الآن هو الصمود»، ويبدو أن الجيش الحر واثق من النصر ويسير على خطى الثوار الليبيين. لكن ثمن هذا النصر غال، وسيكلفهم ذلك المزيد من القتلى والجرحى... جرحى مرميون في المستشفيات دون عناية. ففي مستشفى سقبا يوجد الكثير من الجرحى ضحايا الهجومات في ظروف لا إنسانية تفتقر إلى أدنى شروط الصحة التي تنادي بها منظمات حقوق الإنسان في العالم. ولا زال جيش مدينة سقبا يمضي قدما حتى النصر والحرية رغم كل الضغوطات الممارسة عليه، آملا من المجتمع الدولي حلا مناسبا للإطاحة بالنظام المتجبر لبشار الأسد ورافضا الحلول الترقيعية التي تنادي بها كل من روسيا والصين. عن إيل باييس أسماء الخيمي و مريم الهبا