بعد بلوغ الاحتقان الذي خيم من جديد على الأجواء داخل مصالح الجماعة القروية للعنوصر التابعة لإقليمصفرو حدا لا يطاق ، انطلق سكان الجماعة القروية لعنوصر من مقر جماعتهم في مسيرة احتجاجية تجاه عمالة إقليمصفرو في الساعة العاشرة صباحا ، ولما وجدوا باب عمالة الإقليم موصدا ومحروسا بجدارات بشرية من القوة العمومية المختلفة ، فضلوا التوجه نحو مدينة فاس للاستنجاد بالقصر الملكي، حسب تعبير أحد المتظاهرين . احتقان تضاعف حين عاد موظفو الجماعة إلى الاعتصام منذ 09 يناير 2011 بسبب رفض توقيع حوالاتهم الخاصة بشهر دجنبر من طرف الرئيس في محاولة منه لتركيعهم ، وذلك بعد أن رفعوا الاعتصام السابق إثر الوعود التي تلقوها من عامل الإقليم بإيجاد حل لتعسفات رئيس المجلس اتجاههم (الإتحاد الاشتراكي ليوم الجمعة فاتح فبراير الحالي) . اعتصام تعطلت معه مصالح المواطنين ومصالح أبنائهم خاصة منهم المقبلين على مباريات ، وكذلك حين يتنقل المواطنون المزدادون بتراب الجماعة والقاطنون بمناطق أخرى من المغرب ومن خارج المغرب إلى مقر الجماعة للحصول على عقود ازدياد أصلية أو نسخة كاملة، فيفاجأون بإضراب موظفيها المعتصمين داخلها ، هذا إضافة إلى تعطل التسجيلات بالازدياد والتي إذا لم تتم في آجالها القانونية سيكون المواطن ملزما بسلوك مسطرة رفع الدعوى، مما يزيد من إثقال كاهل المواطنين المثقوبة جيوبهم أصلا . وبعد أن قام سكان الجماعة بتنظيم وقفات احتجاجية بمقر الجماعة للمطالبة بإيجاد حل لمشاكلهم المتمثلة، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية بمختلف دواوير الجماعة ، في عدم تمكنهم منذ مدة من الحصول على وثائقهم الإدارية ، وبعد تنظيم مسيرة احتجاجية تجاه عمالة إقليمصفرو يوم 15 يوليوز الماضي، مطالبين برحيل رئيس مجلسهم القروي ، (انظر جريدة الإتحاد الاشتراكي ليوم 01.02.2012) ، ومرور أكثر من ستة أشهر على ذلك دون أن إيجاد حل للمشكل، قرر المواطنون التوجه إلى مدينة فاس وبالضبط إلى القصر الملكي للاستنجاد بعاهل البلاد من أجل الخروج من وضعية البلوكاج الذي يوجدون فيه . المسيرة التي تمت مشيا على الأقدام انطلاقا من مقر جماعة لعنوصر عبر مدينة صفرو في اتجاه فاس ، وكان يغلب عليها العنصر الشاب بنسبة فاقت 97 % وعبرت مسافة قاربت الستين كيلومترا ، كانت مؤازرة من فعاليات سياسية وحقوقية وجمعوية ، وتميزت بسلميتها التامة بحيث لم يسجل أي حادث أو انفلات قد يسيئ إلى المتظاهرين. هذا رغم بعض الاستفزازات التي تعرض لها المتظاهرون عند مدخل الطريق السيار من طرف بعض رجال الدرك . وقد استطاعت المسيرة الاستمرار حتى وصلت إلى المركب الرياضي لفاس ، هذا رغم محاولات بعض من يحسبون أنفسهم ممثلين للمواطنين بالإقليم ، ثني المتظاهرين عن مواصلة مسيرتهم وعلى رأس هؤلاء رئيس المجلس الإقليميلصفرو الذي كان يمتطي سيارة للدرك الملكي رفقة أحد الضباط ، وبدا هو وغريمه ، الذي نصبه على رأس المجلس أيام الود(البرلماني الر اسب)، وهما يتسابقان في التوسل لبعض أعضاء جماعة لعنوصر المشاركين في المسيرة لثنيهم عن الاستمرار في التظاهر، وذلك حتى يتسنى لهم إظهار ما يتمتعون به من حظوة لدى ساكنة الإقليم ، تجاه السلطات التي جندتهم لهذه المهمة . لكن هيهات هيهات فالشعب قد فطن إلى لعب هؤلاء ، فلا هذا ولا ذاك استطاع أن يوقف الشباب الذين رفضوا حتى الحديث إليهم فعادوا على أعقابهم ومن معهم من اذيالهم . عند وصول المسيرة إلى مشارف مدينة فاس على حدود المركب الرياضي ، اعترضتها قوات كبيرة شكلت حواجز بشرية أمام المتظاهرين ومنعتها من التقدم ، وفي سلوك غير مسؤول اعتدى أحد أعوانها على مدير جريدة محلية تصدر بصفرو، وهو السلوك الذي كاد أن يحول مجرى الأحداث في اتجاه آخر لولا تدخل الفعاليات السياسية والحقوقية المتواجدة هناك لنزع فتيل الاحتقان ليتقرر بعد المداولات بين أعضائها وبين ممثلي السكان، الرجوع إلى مدينة صفرو لتشكيل لجنة لمحاورة العامل. عند الرجوع إلى مدينة صفرو تشكلت لجنة حوار مكونة من أعضاء في المعارضة بجماعة لعنوصر وممثلين عن المجتمع المدني بها وفعاليات سياسية وحقوقية ، وفي بداية جلسة الحوار مع العامل بدا هذا الأخير وكأنه لا يعلم شيئا عن المشاكل التي تتخبط فيها هاته الجماعة حيث طلب من أعضاء لجنة الحوار البدء ببسط المشكل أولا، وأن تكون التدخلات متتالية حتى يستطيع هو الإجابة عنها مرة واحدة حسب قوله . توالت المداخلات وأكدت كلها على أن المشكل قائم منذ السنة الأولى لولاية المجلس (كان من بين المتدخلين نواب للرئيس الذين قدموا استقالة جماعية مع المعارضة لإثارة الانتباه) وأضافوا أن مسيرتهم الأولى مر عليها الآن أكثر من ستة أشهر. لكن المشكل ازداد تشعبا وأصبح المواطن لا يمكنه أن يحصل حتى على وثائقه الإدارية فأحرى أن تعرف جماعته أية تنمية . كما أشار أحدهم إلى مشروع تزويد بعض الدواوير بالماء الصالح للشرب والمتوقف منذ سنتين في الوقت الذي يعاني فيه السكان من العطش رغم أن جماعتهم يوجد بها خزان مائي هائل . كما أشارت تدخلات الفاعلين السياسيين والحقوقيين إلى البطء الذي يتسم به عمل مصالح العمالة في تطبيق مختلف المساطر والمقتضيات القانونية بهدف وضع حد للعبث الذي تعرفه هاته الجماعة ، وهو ما جعل العامل يرد على المتدخلين بنوع من الانفعال خاصة بعدما ذكروه بمقتضيات المادة 77 من الميثاق الجماعي بخصوص الحلول والمادة 43 من القانون المتعلق بالنظام المالي للجماعات المحلية وهيئاتها ، حيث قال بنبرة انفعال «نحن نطبق القانون ولا ننتظر من أحد أن يعلمنا القانون «. ولعل أحسن جواب على رد العامل هو ما صرح به احد الاعضاء في هذا الحوار حين خاطب العامل بقوله «لو قمتم بهاته الإجراءات التي ذكرتم منذ بداية المشكل (أي منذ سنتين) لكنا اليوم قد وصلنا إلى حل . هذا وقد تعهد العامل بأنه سيسهر شخصيا على إيجاد حل لهذا المشكل الذي اعتبره تحديا شخصيا له ، وفي أقرب وقت ممكن ، قائلا إن هناك إجراءات تم اتخاذها على مستوى وزارة الداخلية . وقد علمنا من مصادر من داخل الموظفين المعتصمين أن هؤلاء تقديرا منهم لمسؤوليتهم وتضامنا مع سكان الجماعة ، ورغم ما لحقهم من إجحاف ومن تجبر وتسلط لرئيس المجلس القروي لجماعة لعنوصر وتوقيف رواتبهم ، فإنهم قرروا أن يستأنفوا عملهم ابتداء من يوم الأربعاء 08فبراير 2012 ، بعد شهر من الاعتصام .