انتقل إلى دار البقاء، بمستشفى أمبرواز باري بمدينة مارسيليا الفرنسية، المخرج المسرحي محمد أقيعان المعروف «بالعاقل أقيعان»، ابن منطقة السواني بطنجة عن سن يناهز 60 سنة. فقد غادر العاقل أقيعان المغرب خلال سنوات السبعينيات، وعمره لا يتجاوز 19 سنة، لأجل الاستقرار بمدينة ليون حيث اشتغل في قطاع النسيج قبل أن يحل في ما بعد بمدينة إيكس وينخرط في فرقتين مسرحيتين. وقد تمكن العاقل سنوات الثمانينيات من أن يحقق بمدينة مارسيليا حلمه بتأسيس فرقة «مسرح البحر» بمساعدة ودعم غير مشروط لرفيقة دربه فريديريك فوزيبي. لقد قام هذا العاشق للمسرح، عبر كل أعماله، بمسائلة تمية الاغتراب باستمرار، هذا الاغتراب الذي يعيشه العاقل «تارة كقدر وأخرى اختيارا»، معتبرا أن منفاه كان بالنسبة إليه توافقيا» «لقد أختار العاقل أن أغادرالمغرب «وقد كان ذلك حلمي» يشير في إحدى تصريحاته الصحفية. كما ساءل العاقل عبر أعماله المسرحية كلا من الذاكرة الفردية والجماعية للشعوب الرحالة وبحثها المتواصل عن هويتها في كل مفترقات الطرق، وهو الذي طالما أكد أن في مقاربة الهجرة بالنسبة إليه مسرحيا، يجب على المسرح أن يقوم برحلة نحو الأصل والجذور أولا، ثم أنه خلال «وقت» الإقدام على هذا السفر يجب أن يبقى الإنسان في الآن ذاته في «زمنه ولزمنه». إن المسرح بالنسبة للراحل العاقل اقيعان يجب أن يعمل على تشجيع دينامية الاندماج، وتحقيق العيش المشترك، وأن سيكون رافعة لمد الجسور بين الأجيال»، مؤكدا، وهو يستحضر طبيعة التناقضات الاجتماعية التي تحكم مارسيليا، أن المسرح لابد أن يكون جسرا أيضا بين أحياء شمال مارسيليا وجنوبها و مركزها، وهو المنطق الذي جعل فرقة «مسرح البحر» تقدم عروضها في الاحياء المهمشة في مدينة مارسيليا و ان تنشط ورشات لفائدة الشباب. ومن بين أعمال هذا المسرحي على الخصوص «حرودة» و«الصحراء» و«ليلة الصيادين» و«جولة بتونس» و«أجنبي بالمنزل» و«روميو وجولييت». وتعتبر مسرحية «اكار ن ازابيلا» لفرقة الريف بالحسيمة آخر عمل مسرحي أخرجها لعاقل أقيعان قبل دخوله في صراع طويل مع المرض بالمهجر.