كشفت الهزيمة التي حصدها المنتخب الوطني في أول ظهور له في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012، أمام المنتخب التونسي، في قمة المجموعة الثالثة، عن مجموعة من الحقائق، التي ينبغي التعامل معها بحزم في المبارتين المقبلتين، إن أرادت العناصر الوطنية المرور إلى الدور الثاني. يمكن القول إن المنتخب الوطني هزم نفسه بنفسه أمام تونس، لأنه تسيد المباراة منذ بدايتها، وخلق مجموعة من الفرص السانحة للتسجيل، غير أنه لم يتمكن من ترجمتها إلى أهداف للأسباب التالية: 1 - عدم الفاعلية في الخط الأمامي تواصل مسلسل إهدار الفرص من طرف المهاجمين المغاربة، وبدا ضعف واضح في إتمام العمليات، وهي الملاحظة التي وقف عندها الجميع خلال التصفيات، وتجسدت بشكل واضح في مباراة بانغي أمام منتخب إفريقيا الوسطى، وأيضا أمام منتخب تانزانيا، غير أنها كانت بدرجة أخف. وأمام تونس تواصل نفس الاستعصاء، وبما أن اعتماد الناخب الوطني على لاعب ظل حبيس كرسي الاحتياط في فريقه أرسنال من أهم الأسباب. 2 - خروج غيريتس عن النص في عالم التدريب، فإن الفريق الذي ينتصر لا يتغير. لكن المدرب إيريك غيرتس خرج عن هذه القاعدة، وربما غامر بإشراكه أمرابط، الذي يخوض أول مباراة رسمية له مع المجموعة، وكذا تفضيله للمدافع أحمد القنطاري، العائد للتو من إصابة أبعدته عن الملاعب لأكثر من ستة أشهر، على عبد الحميد الكوثري، الذي قدم مباريات كبيرة في التصفيات. هذا التغيير نتج عنه غياب التناغم عن أداء العمق الدفاعي، الأمر الذي كان مصدر الهدف الأول. وإصراره على إشراك السعيدي، الذي لم يخض تداريبه بشكل عادي لمدة أسبوع بسبب الإصابة، وكان أداؤه باهتا في الجهة اليسري، وأيضا احتفاظه بعادل هرماش في كرسي الاحتياط، رغم أنه يبقى من الأضلاع الأساسية في خط الارتكاز المغربي، وبدا غيابه مؤثرا في خط الوسط المغربي، الذي وجد صعوبة كبيرة في بناء العمليات من الخلف. 3 - عدم الانضباط التاكتيكي رغم أن المنتخب الوطني مشكل من لاعبين محترفين، فإنهم سقطوا في خانة النرفزة، وخرجوا من المباراة، بعدما نجح لاعبو المنتخب التونسي في جرهم إلى ذلك، خاصة وأنهم يجيدون أسلوب «التحرش» بالخصم، رفع الضغط النفسي عليه. لم يكن دوران عجلة المنتخب الوطني جيدا، خاصة من الناحية التاكتيكية، حيث نزع لاعبونا نحو الحلول الفردية (بلهندة، تاعرابت)، وغاب عنهم التركيز، الذي كان مفتاح «التونسة»، وقادتهم واقعية المدرب سامي الطرابلسي إلى الفوز. 4 - الاعتماد على لاعبين دون تنافسية فاجأ المدرب غيريتس الجميع، باعتماده على لاعبين بدون تنافسية، وخاصة القنطاري، العائد بعد غياب طويل، بوصوفة الذي توقف عن اللعب الرسمي منذ أكثر من شهرين، بسبب توقف الدوري الروسي، وكذا المهاجم مروان الشماخ، الذي لم يخض مباريات رسمية كثيرة مع فريقه، كما أن تأخر المدرب في تغييره بالهداف العربي، الذي يقدم مردوا جيدا مع الهلال السعودي، كان واحدا من أخطاء غيريتس. 5 - البطء والرعونة شكل الخط الدفاعي، الذي كان إلى وقت قريب مصدر قوة المنتخب الوطني، النقطة السلبية البارزة في هذه المباراة، حيث افتقد للانسجام، وبدا على عناصره تثاقل غريب في الأداء، الأمر الذي فتح المجال أمام المهاجمين التونسيين لرفع درجة الخطر عن مرمى الحارس المياغري. هذا التثاقل كان سببا مباشرا في الهدف التونسي الثاني. وإلى جانب الدفاع، افتقد المهاجمون للحسم، وأضاعوا سيلا من الفرص السانحة للتسجيل. أيضا سيطر العياء مبكرا على أداء اللاعبين، وظهر ضعف منسوب اللياقة البدنية عندهم، وربما كان لبرمجة المعسكر التدريبي بماربيا أثره في هذا الجانب. خلاصة تحققت في مباراة تونس، والتي جاءت لتكرس عقدتنا أمام الأشقاء التونسيين، مقولة أنه «لا يكفي توفرك على نجوم لتصنع فريقا». الأمر الذي يفرض تغيير الاستراتيجية المتبعة، فتكوين منتخب للمنافسات القارية يتطلب عملا نفسيا بالدرجة الأولى، والعمل على خلق روح الفريق أولا، وأن تكون الفرديات في خدمة الأداء الجماعي. صحيح أن المنتخب الوطني خلق مجموعة من الفرص، وكان أكثر استحواذا على الكرة والأكثر خطورة، لكنه افتقد للفاعلية. لقد بات على المدرب غيريتس أن يعمل في هذا الاتجاه خلال المبارتين المقبلتين أمام الغابون والنيجر، لأن التأهل مازال بيده، بشرط تحقيق الانتصار فيهما معا، وتحديدا يوم الجمعة المقبل أمام الغابون، صاحب الأرض والضيافة.