خصمي الحقيقي لا يملك اسما ولا وجها، ولن يشارك حتى في الانتخابات الرئاسية، خصمي يحمل اسم النظام المالي الدولي»...بهذه الكلمات توجه مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولند الى 20 ألف فرنسي تجمعوا بالبورجي بضاحية باريس يوم الاحد 22 يناير من أجل الاستماع الى الخطوط العريضة لبرنامج مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الذي أعطى بهذا التجمع الضخم انطلاقة جديدة لحملته الانتخابية .وقد استعمل مرشح الحزب كلمات قوية من أجل إدانة سيطرة النظام المالي على الاقتصاد الفرنسي والعالمي، والذي تعاني فرنسا من تبعاته السلبية منذ 2008.وهذا الخطاب الذي كشف فيه فرنسوا هولند عن فحوى برنامجه، كان ينتظره أنصاره كما كان ينتظره خصومه في اليمينالحاكم ، خاصة أن مرشح اليسار يوجد على رأس استطلاعات الرأي منذ عدة شهور التي تعطيه الرتبة الاولى سواء في الدور الاول ،وفائزا على نيكولا ساركوزي في الدور الثاني . هذا التقدم على جميع منافسيه، سواء على يمينه أو على يساره، يجعله الهدف المفضل لسهام المرشحين من جميع الجهات. هذا التجمع حضرته كل قيادة الحزب بمن فيهم رؤساء الحكومات اليسارية السابقة مثل ليونيل جوسبان، ولورون فابيوس وعدد من الوزراء السابقين والمرشحين السابقين للانتخابات التمهيدية بالحزب. وفي بداية خطابه قال فرنسوا هولند، «لقد جئت هنا لأتحدث إليكم عن فرنسا التي تحلم، فرنسا التي تتطلع إلى مستقبل زاهر.. لقد جئت لأقول لكم أن صفحة من تاريخ فرنسا في طريقها إلى الزوال وصفحة جديدة في صدد الكتابة». وأضاف أن الترشح إلى الانتخابات الرئاسية يعني العمل من أجل عالم «لا يخضع لدكتاتورية الأسواق والمؤسسات المالية، بل عالم تسوده المساواة والعدالة بين جميع المواطنين ويحترم فيه الجميع القوانين مهما كانت مكانتهم الاجتماعية أو السياسية، بعيدا عن الديماغوجية والعنف السياسي». وفي ما يخص المشاركة الفرنسية بجنودها في أفغانستان والتي تصادف مقتل اربعة جنود فرنسيين من طرف جندي أفغاني، قال المرشح أنه يلتزم بوضع برنامج لمغادرة الجيش الفرنسي لأفغانستان حال فوزه في الانتخابات ، من خلال قمة الحلف الاطلسي التي ستنعقد في آخر شهر ماي المقبل وإخبار حلفاء فرنسا بقراره .كما وعد بالتوصل الى اتفاق جديد مع المانيا ابتداء من 2013 لوضع استراتيجية اقتصادية جديدة من أجل الخروج من الازمة ، تضمن الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها بلدان الاتحاد الاوربي .واضاف فرنسوا هولند «لندافع سويا عن أوروبا.. أريد أوروبا النمو والازدهار، أوروبا العدالة والتضامن». مرشح «الحزب الاشتراكي» للانتخابات الرئاسية أعلن العديد من القرارات التي سيتخذها في حال تولى منصب الرئاسية، أبرزها فرض ضرائب على المعاملات المالية وإصلاح نظام البنوك والمؤسسات المالية الفرنسية، فضلا عن القضاء عن الجنات الضريبية وفرض عقوبة مالية على كل شركة فرنسية تريد أن تنقل أنشطتها إلى الخارج. ولم يتردد في انتقاد الرئيس الحالي للجمهورية وسياسته دون أن ينطق باسمه ولم مرة واحدة، ولم يتردد في ابراز عيوب الرئيس الحالي بقوله « إن ما أحبه أنا هو الناس ،في الوقت الذي يحب فيه الآخرون المال» ويوحي بذلك الى خصمه وزعيم اليمين نيكولا ساركوزي . فرنسوا هولند وعد كذلك في المجال الاجتماعي بالاهتمام بالشباب وتقديم الدعم اللازم له، باعتباره مستقبل فرنسا، وتمسك بوعده السابق خلق 60ألف منصب شغل بقطاع التربية ،ووضع منح رهن إشارة الطلبة، وخلق فرص عمل جديدة والحد من البطالة التي تدفع كل سنة 150 ألف شاب نحو البطالة. كما تعهد في خطابه بإدخال قانون 1905 الذي يضمن مبدأ الفصل بين الدين والدولة في الدستور الفرنسي، وهو قانون رغم قدمه لا يوجد بأسمى قانون فرنسي. في ما يخص الهجرة وعد بمواجهة الهجرة السرية واحترام حقوق المهاجرين ومنح حق التصويت للمهاجرين في الانتخابات البلدية، وهو وعد لم يطبق مند ان اقتراحه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران والذي اقترحه الرئيس الحالي قبل ان يتخلى عنه تحت ضغط يمينه. وقال «إن أبناء المهاجرين يفتخرون بفرنسا وإن فرنسا ليست مشكلا بل فرنسا حل» وذكر ان فرنسا هي بلد حقوق الانسان. ولم ينس المرشح الاشتراكي عرض مساره وحياته الشخصية ومساره السياسي أمام الفرنسيين كما هي العادة في الانتخابات الرئاسية التي تعتبر لقاء مباشر بين الفرنسيين ومرشحهم للانتخابات الرئاسية، ولد في عائلة محافظة في منطقة نورموندي ولقي كل الحب والتقدير من قبل والديه، وأضاف أن والده الذي لم يكن يتفق معه احترم اختياره، كما أنه بحث عن مساره باليسار بنفسه ،ولم يفتح له أي أحد الطريق، ولم يتلق إرثا اشتراكيا ، مشيرا إلى أنه قضى حياته في خدمة فرنسا والشعب الفرنسي سواء كنائب في البرلمان أو كسكرتير أول للحزب الاشتراكي مدة 11 عاما أو كمنتخب في المجالس المحلية. طبعا هذا الخطاب تضمن الخطوط العريضة لمرشح الاشتراكيين الفرنسيين فرنسوا هولند، سواء في مجال الشغل، السكن، الصحة، التعليم، الاقتصاد ،الطاقة ،الصناعة ،السوق والبورصة ، الضرائب ،التقاعد، لالسكن ،الثقافة ،الامن ،الهجرة ،عملة الاورو وأوربا. وقال فرنسوا هولاند: «لقد ناضلت 30 سنة وكل ما قمت به في السابق يصب في هدف واحد هو أن أكون اليوم أمامكم وأترشح لرئاسة الجمهورية.. نعم أرغب وأحلم في الوصول إلى الحكم لخدمة جميع الفرنسيين دون استثناء». وختم خطابه الذي دام ساعة ونصف بالقول « هذا هو الاختيار الذي ينتظركم ،هو دائما نفسه ،منذ أن وجدت الديموقراطية بين الخوف والامل ... التغيير والأمل الآن ... وخلال ثلاثة أشهر سوف نعمل على انتصار اليسار وانتصار التغيير.»