الحمد بالحرف، ولا مد إلا هو في علاه. في الاستقامة المستعرة،في قاربين يتشكلان حدا بين المياه الغائرة في يم سحيق. حمدا جميلا منذورا للدهشة، نيرانا تخصف باليوتوبيا،وهي تتبدد على هيئات معدودة،ومضات طيور روحانية،معادن تجترح أتربة القبور، أشجارا تتيه في عتمات الضوء. كائنات تنزل من سماواتها لتعيد تشكيل الحياة. حيضرة في بحر لجي يقلع عن عاداته وطقوسه،مصابا بأمنيزيا التحديق،مسافرا في العوالم الأخرى، تلك التي لم ينبس بها قلمه الجبار،يقلب الأراضي عن بكرة ما بكرت،لأجل أن يؤرخ،بالتسديدات الفائقة،علامات مبطنة،ظاهرها تشذيب الحرف وتقليم أظافره،ليصير متحفا للبوح،بصرا مبصرا وعاشقا، يتلف آخر مغامراته في بيداء الأركيولوجيات،أما بئرها فقلب السطحية والانقلاب عليها. أيقونة الخط العربي المغربي مولاي الحسن حيضرة،يتواصل ببوصلات لا تشد عن العادة،ولا تعدو عادة بالطبع والتطبع.النادر المتأصل في برك الليل المظلم. قاهر الميل والظلال وفاتن التهدين بالاحتمال،مترع الأتراس والمتاريس والأغلال والأغوار والأصقاع والخيوط والحيطان والألوان والأهواء والأتربة والشرفات المدسوسة والهندسيات المعقوفة وغير المعقوفة. البرزخ بين الذات والذوات،والناظر بالأمكنة المعلومة والمجهولة. قوس قزح ما تدور به مدارات حيضرة،بدءا بإغراءات التشكيل ألوانا ومدارس واتجاهات،ولا انتهاء بالكوليجرافيا،وهي تستلقي على ظهرها معذبة بسياط سيدها. لا مجال إذن لتحذيرنا من ثعلبية هذا اللامتمذهب اللامنتمي، لأنه ينفتح على كل الأوجه،مساهما في تعميق رؤيتنا للفن من حيث هو يقظة في الحواس،وفي الانطلاق بعيدا إلى تخوم تحمل كل المعاني كل البلاغات،بل كل الإبدالات . سبعة أطيف تمشي ألهوينا في اتجاه متوحد،بسرعة فائقة،تلتقي عند الأبيض العذري،القابع خلف مجرات شمسية مشرعة للأمداء، حتى الثمالة.أجسامها قصيدة مرمرية،خريدة تسبح في ملكوت الرب،تخط بالأصابع الملهمة أوتارا تنحاز للكوليغرافيا لكنها لا تنتصر.تشيح بطوامر الحلم والدعة والأشياء المكتومة ،كأنها المحروقة بنيران أسرار «دكنز»،تقشر كستناءها بوميض الدهشة والرهبة،لكنها لا ترتد أبدا عن حياض المداد الذي كتبت به الوصايا،منحوتات ومشكولات بفنون الكتابات الخطية،ما قبل ميلاد تواريخ الأبجدية. معدن الصب،يرسبه دم ناتئ،من عثرة سليلة الألف يائي وأزلامهما،كمسبار أوبريتونيتي على حافة هوة منسابة،تدمع بالأيقونات،متلألئة بانبعاثات تنفثها أنساق الغابات من الأشجار والأحجار والأنهار والأقمار،ما بين الظل والظل،الهمس والهوس،الحذف والتضمين،الوجل الكامن خلف حلم مجبول على العوم بعيدا بعيدا في اتجاه اللاتجاه. محبرة الاحتواء حيث تتعرى الأشلاء أشباها في المبنى الذي تفتديه أثاراتها وهي تباهي الغواية بالحفر على الأعقاب وبالخفر على الزوايا المعتمة. تجربة تشكيلية كوليجرافيا مفتونة بالبصر اليقيني،منطلقة كحصان الشنفرى،واسعة كشرك صحراء منتقمة،يفصل الدال عن مدلوله،والكاسر عن نسر قضى في أنف الجبل،وغيوم تتعافى من ذاكرة مهدورة. عزلته نبوته. فكرته سكرته. عزلته جنونه.أوهاد تثرى على مخدته المبدعة. حينا يعقلها وثارة أخرى تغلي مرجلا. سطوته طعن الرماية. إصابته نفاذ للجوهر. جوهره قلب لا يعود إلى الشكل إلا بميزان الكسر،تغدو يرقات لمسه مشفى للحائرات من حروف الصمت. مشددة، منقطة مسكونة بالوصل، مرفوعة أو منصوبة على الذوبان، مترعة مثقلة، متراصة كسيقان النمل.متحلقة ومتحذلقة إلى كمونة تسرد ما تبقى من أذكارها... أليس دليلا على المحبة أن يسعى إلى هذا القبس من يراه مثلما أراه؟؟ مقال أدرج في الكاتالوك الخاص بالبينالي الخامس للفنون التشكيلية الدولية بالشارقة في دورته الخامسة