أكد القاضي الإداري أنه يجسد فعلا السلطة القضائية ، وذلك من خلال العديد من الأوامر والأحكام، والقرارات الاستعجالية منها وفي الموضوع أنه يطبق فعلا مبدأ المساواة أمام القضاء بين أطراف النزاع مهما كانت مناصبهم، وسلطاتهم وأموالهم، وحماتهم، وكدليل على ذلك ندرج اليوم ملخص الحكم عدد 1530 الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط في 04-12-30 بين موظف ومندوب سام بناء على القاعدة التالية: »- سحب قرر توظيف الطاعن بعد إنصرام أجل الطعن بالإلغاء وصيرورته محصنا، يجعله مخالفا لضوابط سحب القرارات الإدارية، وفيه مساس بالحقوق المكتسبة التي ولدها للمعني بالأمر«. وبعد المداولة طبقا للقانون: في الشكل: حيث قدم الطلب من ذي صفة و مصلحة داخل الأجل القانوني، كما جاء مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، فهو بذلك مقبول. وفي الموضوع: إذ يهدف الطلب (الذي تقدم به الموظف) إلى الحكم بإلغاء القرار الصادر عن المندوب السامي (-) رقم 1529 بتاريخ 03-8-6 القاضي بتعذر توظيف الطاعن في درجة محلل، السلم 10، والحكم بإعادته إلى عمله وتسوية وضعيته الإدارية والمالية، وصرف راتبه الموازي لمنصبه منذ تاريخ توظيفه في 01-8-13. من الثابت من أوراق الملف أن التوظيف تم فعلا بالتاريخ أعلاه بمقتضى قرار للمندوب السايم في 01-9-10 استنادا إلى دبلوم محلل، وبعد اجتياز الاختبار انتقائي جرى يوم 01-7-23. وبعد قضاء مدة من العمل بهذه الصفة صدر القرار المطعون فيه بتعذر توظيفه على أساس أنه لم يدل بما يثبت أن دبلوم المعهد المغربي للدراسات العليا بمدينة (-) الذي أدلى به رفقه شهادة خبير في هندسة الإعلاميات المسلم له من لدن المدرسة العليا لهندسة الإعلاميات بباريس، يعتبر شهادة تحضيرية تثبت قضاء سنتين من الدراسة بنجاح تطبيقا لمقتضيات قرار وزير الوظيفة العمومية في 99-5-25 تتميم القرار المؤرخ في 84-1-28 بتحديد قائمة الشهادات التي يتأتى بها التوظيف في سلك المحللين، وهو الأمر الذي يشكل سحبا لقرار توظيفه الأول، و ينبغي محاكمة مشروعيته من هذه الناحية. لكن من المعلوم فقها وقضاء أن نظرية سحب القرارات الإدارية تستوجب لقيامها: أن يكون القرار غير مشروع، وأن يتم السحب داخل أجل (ستين (60) يوما الطعن بالإلغاء. وإلا اكتسب حصانة. وإن لجوء الإدارة إلى سحب مقرراتها يهدد بشكل مباشر استقرار المراكز القانونية للمخاطبين بها ويضعف من مصداقية العمل الإداري، فضلا عن مساسه بالحقوق المكتسبة والتي تعد صيانتها من المبادئ العامة التي لا يسمح للسلطات الإدارية بالتراجع عنها لما أصبح لصاحبها من وضعية إدارية في ظروف معينة. إن قرار التوظيف أصبح ساريا بعد قبول الشواهد واجتياز اختبار وحددت له مهامه ودرجته ومارس وظيفته بدون أدنى ملاحظة عن عدم كفاءته، كما أن توظيفه لا يتوقف نفاذه على تأشيرة المراقب المالي كما تدعي إدارة المندوبية السامية، وكما سبق القضاء به في أحكام وقرارات أخرى: (القرار رقم 997 في 020-1010 ملف إداري 02-1-4-955). بناء على كل ما سبق يكون القرار المطعون فيه قد جاء مخالفا لضوابط سحب القرارات الإدارية، وفيه مساس بحق مكتسب يستوجب إلغاءه، مع تسوية لوضعية الموظف الإدارية والمالية .