انطلاقا من الحرص النضالي الأكيد على العمل على النهوض بوطننا ، والعمل الجاد لوصوله إلى درجات عالية من الإنجاز السياسي والاقتصادي والاجتماعي ،وعن طريق مواصلة تطوير الخطوات الديمقراطية الحقيقية التي كنا نؤمل بحق أن تأخذ مسارها الموضوعي الجاد على يد حكومة قيل الكثير عن توافقها وانسجام مكوناتها، فإننا وكما كان الحال دائما، نرى أن أهمية مشاركة المرأة في مجال التدبير الحكومي، حتمية دستورية . ولكن وبعد أن انتظر الجميع ترجمة هذه المشاركة وبلورتها على مستوى الهيكلة الحكومية، وبعد أن ظلت الصحافة تتنبأ والرأي العام يتحدث عن ذلك بقوة أثناء المخاض الطويل لإكمال العمل بإعطاء المرأة الدور الهام والأساسي في توليها مهاما في إعمال متابعة خطوات الإصلاح المنشود، لأنها كانت تتطلع لأن تكون لها مساهمة كبيرة ومؤثرة، خاصة وقد حققت تقدما تعليميا مشهودا له، وتبوأت مواقع قيادية عديدة ومنها ما تحقق داخل مراكز صنع القرار وفي مناصب عليا كوزيرات وسفيرات ورئيسات ، وداخل المجالس الجماعية والوطنية المختلفة ، فأبانت عن جدارتها العالية وأكدت حاجة البلاد إلى جهودها . بعد كل ذلك أبانت هيكلة الحكومة عن عمق التشكيك في دور المرأة المغربية. فعاد الإقصاء للواجهة وغيبت عدالة مراعاة قدراتها وكفاءاتها، وجانب واقع الأمر الإصلاح الجذري لتغيير نظرة المجتمع للمرأة المغربية، بل حرمها من هذا الحق المنصوص عليه في الدستور والمفصل تفصيلا كاملا في الشريعة الإسلامية التي لا أظن أن حزب رئيس الحكومة في حاجة لتذكيره بهذه التفاصيل قدر ما أجهر لأهله القول بكلام الله عز وجل ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة .....الآية ) . سورة النساء ، زيادة على أن مشاركة المرأة الكاملة في صياغة مستقبل الوطن من موقع حكومي، ليست بدعة لا في التاريخ القريب ولا في التاريخ العربي الإسلامي، حيث لامست جميع جوانب الحياة، وكانت ولا تزال لها عطاءات ملموسة. أمام هذا الأمر الواقع وباستحضار حسن النية، أتوقع تعديلا حكوميا منصفا للمرأة يكون بمثابة التوبة من الزلة العابرة ( فكلكم خطاؤون وخير الخطائين التوابون ) وإلا فمن حقنا أن نخشى من أن يتحول غموض هذا المخاض / الزلة / للحكومة إلى اعتبار أن الأفكار الرجعية والتقاليد البالية، تعيد على يد هذه الحكومة وبكل مكوناتها للمرأة المغربية معاناتها التي أبعدتها وحرمتها من حقوقها المكتسبة . ويجسد ذلك أن حضور المرأة في حكومة اليوم بمقعد وزاري واحد ، ليس إلا لإعطائها دورا شكليا يبرهن على أن أولى الخطوات في تحقيق التغيير المنشود بدأت بتقزيم دور المرأة في حق استوزارها ، مما يفقد الشعب المغربي عامة والمرأة بخاصة تلك الآمال التي علقها على الإصلاحات الدستورية والسياسية كمدخل للإنصاف والمساواة والعدالة الاجتماعية.