لم يسفر لقاء عقده ساجد ، في الأسبوع الأخير، مع أعضاء من حزب العدالة والتنمية (العمود الفقري لأغلبيته في مجلس مدينة البيضاء) عن أية حلول من شأنها أن تفك حالة الشلل التي يعيشها المجلس الجماعي لأكبر مدينة في المغرب، إذ عبر الرئيس عن عدم استعداده لترميم مكتبه غير المنسجم أو أن يقوم بهيكلة جذرية على مستوى هياكل المدينة، خصوصا وأنه فقد أغلبيته في المجلس. منذ دجنبر سنة 2010، ستتوقف هياكل التسيير في الدارالبيضاء، فمباشرة بعد غرق المدينة بعد مطر غزير، طالب أعضاء المجلس الجماعي البيضاوي بعقد دورة استثنائية يحضرها مدير شركة ليدك ، وهي الشركة التي اعتبرت مسؤولة من طرفهم عن الخراب الذي أصاب المدينة بعد «الفيضان»، إلا أن ساجد رفض هذا الاقتراح ونصب نفسه ناطقا رسميا بدلا عن الشركة. وأمام هذا الرفض لم تعقد الدورة. الدورات التي ستلي الدورة الاستثنائية، بما فيها الدورة المخصصة للميزانية، لم تفتتح بتاتا بعد أن فقد ساجد والمكتب المسير لأغلبيتهما، التي اصطفت مع المعارضة وكانت آخر دورة سيتم إسقاطها، هي دورة أكتوبر لسنة 2011، بحيث لم يكتب لها الافتتاح لعدم توفر النصاب القانوني في الوهلة الأولى ولغياب المسيرين في الجلسات التي أعقبتها، بعد أن تأكد لهم أن الدورة لن تمر. أمام هذا الوضع عقد والي المدينة لقاءات متتالية مع مكونات المجلس، لكنها لم تسفر عن أية نتائج، وانتظر الجميع تفعيل القانون من طرف وزارة الداخلية، وذلك باللجوء إلى البند 25 من الميثاق الجماعي، الذي يجعل مهمة الآمر بالصرف في يد الوالي حتى لا تتوقف مصالح المدينة، في انتظار اتخاذ قرار إما لتصفية الأجواء أو حل المكتب المسير. هذا الأمر أحجمت عنه الوزارة الوصية، واستمرت الفوضى والارتباك في التسيير، خصوصا بعد أن سحب ساجد ، رئيس المجلس، كل التفويضات من نوابه. الاستثناء الذي تعاملت به الوزارة الوصية مع مجلس الدارالبيضاء، سيزيد الوضع استفحالا ، إذ أن الشلل الذي كان معششا في هياكل الجماعة، سينعكس اليوم على المقاطعات الموكول لها القيام بأعمال القرب، فالدورة الأخيرة كانت تضم النقطة المخصصة لمنح المقاطعات، فتم إسقاط الدورة ،وبالتالي أضحت هذه المقاطعات بدون رصيد مالي، وهو ما سينعكس ، بشكل مباشر، على خدمات القرب التي تقدم للمواطنين، وقد بدأت بالفعل تداعيات هذا الشلل تظهر على العمل المباشر للموظفين، خاصة رؤساء المصالح والأقسام الذين يستفيدون من حصص البنزين للقيام بمهامهم وبعض التعويضات عنها، مما سيؤثر على مداخيل المدينة ، خاصة تحصيل الرسوم المحلية . كان المجلس الأعلى للحسابات وبعده المجلس الجهوي للحسابات، قد أصدرا تقريرين حول التسيير الجماعي البيضاوي، ووقفا على عدة اختلالات تهم بعض الصفقات وبعض الملفات والمشاريع تخص حتى كبريات الشركات كشركة ليدك والنظافة، التي تربطها عقدة التدبير المفوض مع الدارالبيضاء، وكذا ملف سوق الجملة وغيره، وفي الوقت الذي انتظر الجميع القيام بتدابير قانونية، عمدت الوزارة الوصية إلى اللجوء إلى التعامل بالاستثناء، رغم أن الرئيس كانت أجوبته عن ملاحظات التقارير عجيبة واستثنائية، إذ ترك أماكن الأجوبة فارغة في عدد من صفحات التقرير! التعامل الاستثنائي مع التسيير البيضاوي، يطرح بعض التساؤلات، منها من المستفيد من حالة «البلوكاج»، ومن يغنم من «حليب ضرع » المدينة، خصوصا إذا علمنا أن تصميم التهيئة في البيضاء، لم يخرج الى حيز الوجود، وكان آخر تصميم قد توقف في 1989، لتلجأ الإدارة الترابية إلى التعامل مع المجال العمراني بمسطرة الرخص الاستثنائية، وقد أثبتت الأيام أن الاستفادة من هذه الرخص ذهبت إلى أسماء بعينها؟! وما يزكي هذه التساؤلات، هو تصريح ساجد الشهير، الذي قال فيه إن جطو عندما كان وزيرا أول، دعاه إلى أن يترشح إلى الانتخابات الجماعية بالبيضاء «لأننا، يقول تصريح ساجد، في حاجة الى أشخاص مثلك لا انتماء سياسي لهم»! وبالفعل فقد تمكن ساجد من الوصول إلى رئاسة أكبر مجلس في المغرب، رغم أن لائحته بعين الشق لم تمرر إلا ثلاثة أشخاص! بمعنى أنه الوحيد ضمن هذه اللائحة الذي ربح مقعدا بمجلس المدينة، لكن بضربة «جطو» سيصبح الرجل رقم 1 في العاصمة الاقتصادية، و هو إنجاز استثنائي و«سوريالي» في عالم الانتخابات وتكوين المجالس!