شهدت تعاونية أزلاك للخناجر بقلعة امكونة يوم الخميس 29 دجنبر 2011 زيارة وفد صيني في إطار برنامج تشجيع السفارة الصينية بالمغرب للمشاريع الصغرى mini projets بالمناطق الفقيرة. وقد وقّع كل من السيد الحسين الطاوس، رئيس تعاونية أزلاك،والمستشار الأول للسفيرة الصينية بالمغرب «لي كي جين» بمقر التعاونية اتفاقية تنصّ على دعم التعاونية بمبلغ 120 ألف درهم من أجل إدخال الكهرباء إلى دكاكين الصناع، حيث سيستفيد من هذه المنحة حوالي 57 دكانا لأجل إدخال العدادات الكهربائية واللوازم المرتبطة بعملية الكهربة. حضر هذا اللقاء، علاوة على الصناع التقليديين المشتغلين بالتعاونية، وجوه من السلطات المحلية والأمنية، وكذلك بعض الفعاليات الاقتصادية والثقافية والجمعوية والسياسية بالمنطقة. في كلمته بهذه المناسبة، عبّر رئيس التعاونية، الحسين الطاوس، باسم جميع الصناع الحرفيين عن شكرهم وامتنانهم لسفيرة الصين الشعبية بالمغرب على قبول وتمويل طلبهم المتعلق بمشروع إدخال التيار الكهربائي إلى دكاكين التعاونية، حيث يمثّل هذا الأمر حلاّ ناجعا لعدّة مشاكل كانوا يعانون منها سابقا، كما سيشجعهم على المزيد من العطاء والابتكار. وأكّد رئيس التعاونية، في نفس السياق، على أنّ هذه الزيارة ستترك صدى عميقا في نفوس هؤلاء الصناع التقليديين وأسرهم حاليا ومستقبلا. وأشار الحسين الطاوس في كلمته أيضا، لمتانة وعراقة العلاقات الصداقية والتعاونية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة المغربية خصوصا في مجال الدعم والتبادل الثقافي والاقتصادي. من جهته عبّر المستشار الأول للسفيرة الصينية بالمغرب، السيد «لي كي جين» في كلمة له بالمناسبة، عن شرفه الكبير بحضور مثل هذه اللقاء لأجل تقديم شيك دعم تعاونية أزلاك، وأشار إلى أنّه مرّ بقلعة امكونة لأول مرة في أكتوبر الماضي، وكان مأخوذا بجمال المنطقة وسحرها النابع من بساطتها وهدوئها، متمنيا أن تتاح له فرصة زيارتها مرة أخرى، فلم تخب أمنيته، وكان هذا اللقاء. عن دعم هذا المشروع، أشار «لي كي جين» أنّ المنحة المقدمة هي في الحقيقية رمزية وبسيطة جدا، تترجم عمق أواصر الصداقة والاحترام المتبادل بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة المغربية، كما وقف في معرض حديثه على الصداقة التقليدية التي تربط البلدين رغم الفارق الجغرافي الذي يفصلهما، وهي صداقة ترجع جذورها إلى تاريخ بعيد، ولعلّ رحلة ابن بطوطة من المغرب إلى الصين أبرز مثال على ذلك، فقد أشّرت وقتها - حسب «لي كي جين»- على تبادل ثقافي بين الصين والمغرب. وأضاف المستشار الصيني - مسهبا في استعراض تاريخ العلاقات المغربية الصينية- أنّ روح الصداقة بين البلدين توطّدت أكثر من خلال بناء العلاقات الدبلوماسية قبل 53 سنة، وهي علاقات تعاونية بالأساس لا يزال صداها ونموّها قائما بشكل جيد إلى الآن. كما أشار «لي كي جين» من جهة إلى أمثلة لمشاريع كبرى مشتركة بين جمهورية الصين والمملكة المغربية كالمركّب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط الذي أنجز في ثمانينيات القرن الماضي، وأيضا مشاريع أخرى تتعلق بالطرق السيارة لا تزال في طور الإنجاز، وأكّد من جهة أخرى على أنّ الصين اهتمت أيضا في سياق تنمية التطور الاجتماعي بالمغرب بتدعيم مشاريع صغرى من أجل خلق فرص شغل وتحسين مستوى عيش سكان المناطق الصغرى الفقيرة، حيث اهتمت السفارة الصينية بتقديم دعم ومنح للتعاونيات والجمعيات خلال السنوات الأخيرة. وفي سؤال الاتحاد الاشتراكي للمستشار الأول الصيني عن آفاق هذه الزيارة في تجسير العلاقة مع التعاونية والصناع الحرفيين بها، أفاد هذا الأخير أنّ التبادل الثقافي والاقتصادي يحتلّ مكانة هامة في العلاقات الصينية المغربية، وهو ما يمنح هذه العلاقات بعدا حضاريا تطبعه تشكيلة من الثقافات التي تسود البلدين وتختلف باختلاف جغرافياتهما. وبالنسبة للتبادل الثقافي، أكّد «لي كي جين» على أنّ هناك حظوظا كبيرة لتعاونية أزلاك من أجل الحضور في تكوينات وحلقات دراسية وورشات بجمهورية الصين الشعبية في المستقبل، وتمثيل المغرب فيما يتعلق بصناعة الخناجر. كلمة السيد قائد منطقة الخميس دادس باعتباره ممثل السلطات المحلية لم تخرج بدورها عن سياق التذكير بعراقة الروابط الصداقية والتعاونية بين البلدين رغم البعد الجغرافي الذي فرضته الطبيعة وكسرته حرارة الإنسان، وأشار إلى أنّ العلاقات الاقتصادية والثقافية والدبلوماسية بين المغرب والصين تظلّ جوهرية وضرورية خصوصا في سياق الوضع العالمي الراهن، حيث كلّ الدول التي لها إرادة قوية وصادقة تسعى إلى استتباب الأمن الدولي وترسيخه. في سؤال الجريدة للسيد باسو بويا ، المندوب الإقليمي للصناعة التقليدية بأقاليم ورزازات وزاكورة وتنغير، عن أهمية هذه الزيارة وآفاقها، أجاب: « زيارة الوفد الصيني ستعمل لامحالة على التعريف بصناعة الخناجر في قلعة امكونة كمنتوج متميز، فمثل هذه اللقاءات، وهذه الشراكة ستساعد الصناع الحرفيين بتعاونية أزلاك على تطوير منتوجاتهم، والتعريف أكثر بحرفتهم، وتبادل التجارب والخبرات بين الحرفيين بالمنطقة والحرفيين بالصين الشعبية، كما أنّ هذه الاتفاقية ومثيلاتها ستعمل على تحسين وضعية الصناع التقليديين العاملين بهذا القطاع (300 صانع تقليدي)، وضمان استمرارية هذه الحرفة، وترويج المنتوج محليا ووطنيا وحتى خارجيا. وعن أشكال الدعم والتكوين التي حظيت بها تعاونية أزلاك من قبل الوزارة الوصية، أفاد المندوب الإقليمي للصناعة التقليدية أنّ استراتيجية الوزارة الهادفة إلى تنمية قطاع الصناعة التقليدية الذي يشغل ما يقارب ثلاثة ملايين من الساكنة النشيطة ترصد أشكالا من الدعم تتجسد - مثلا- في مجال التجهيزات، أي الآلات وبعض المعدات المستعملة في الصياغة وصناعة الخناجر، وقد تمّ بالمناسبة تزويد التعاونية بهذه المعدات مؤخرا، كما نظمت الوزارة دورة تكوينية في التسويق والاستسواق لفائدة حرفيّي الخناجر، وكذلك مسلسل الإنتاج لتحسين خدمات الصناع التقليديين في هذا الميدان، وتطوير مؤهلاتهم الحرفية، كما ستعمل مستقبلا على تزويد التعاونية بباقي التجهيزات، وتنظيم دورات تكوينية في مجال التكوين المستمرّ لتأهيل العنصر البشري، وكذلك في مجال محاربة الأمية الوظيفية لتمكين هذه الشريحة من الصناع من تطوير المنتوج والمساهمة في التنمية المحلية. يشار إلى أنّ تعاونية أزلاك للخناجر بقلعة امكونة تأسست سنة 1983، ويبلغ عدد منخرطيها حاليا 70 منخرطا، بالإضافة إلى أبنائهم ومستخدميهم بحيث يبلغ العدد الإجمالي للصناع الذين يمارسون مهنة صنع الخناجر بالتعاونية 260 صانعا. وتسعى التعاونية ضمن أهدافها إلى لمّ شتات الصناع، وبث روح التعاون بينهم، والرفع من قيمة المنتوج المحلي وتسويقه بشكل جماعي. وتعتبر تعاونية أزلاك للخناجر بمثابة مشروع اقتصادي واجتماعي يؤطّر مجموعة كبيرة من الصناع التقليديين المهرة والبارعين في صنع أنواع نادرة وعريقة من الخناجر والسيوف التي لها دلالة عميقة في ثقافة الإنسان الأمازيغي المغربي الأصيل. والتعاونية تقوم بعدة أنشطة على مدار السنة من بينها المشاركة في جل المعارض التي نظم على الصعيد المحلي والوطني، وتفوز دائما بالمراتب الأولى فيما يخصّ الجوائز المتحصّل عليها. وعن قيمة الخنجر لدى سكان المنطقة، يقول رئيس التعاونية الحسين الطاوس: « للخنجر قيمة كبيرة عند المغاربة عموما، وسكان المنطقة الأمازيغيين خصوصا، فهو يعتبر من أغلى الهدايا، حيث أنه يقدّم في مناسبات كبيرة ضمنها الأعياد وحفلات الزواج، ففي منطقتنا عندما تزفّ العروس إلى عريسها، تستقبل باللبن والتمر، وقبل الدخول إلى بيتها تُحمَل على الظهر، ماسكة خنجرا في يدها اليمنى، على رأس هذا الخنجر عسل تخضّب به عتبة بيتها، فكما أنها استقبلت بالتمر واللبن، فهي تردّ هذا الاستقبال بالعسل، وأفضل ما تقدم به العسل الخنجر، وتعتبر هذه العادة تاريخية وقديمة جدّا. أمّا عن دوار «أزلاك» الذي استقت منه التعاونية اسمها وصنّاعها التقليديين، ف»أزلاك» كلمة أمازيغية تعني «الشيء الذي يوحّد»، ويعتبر سكان أزلاك الأوائل صنّاعا تقليديين بامتياز بحيث كانوا يجمعون بين الحدادة وصنع الخناجر تبعا للوسائل والمواد المتوافرة آنذاك. وحسب المؤرخين فإنّ سكان أزلاك الأوائل يعودون على أكثر من سبعة قرون، ما يؤشر على أنّ الخنجر إرث عريق وأصيل، والمحافظة على صناعته واجب ضروري. في سؤال الجريدة لرئيس التعاونية عن أنواع الخناجر المعروفة، أشار إلى أنّ مهمة تطوير الخنجر بشكل رائع ومتقن(أسبوعيا) يجعل من الصعب حصر جميع الأنواع، لكن عموما يمكن الحديث عن الخنجر باستحضار المواد الأولية التي يصنع منها كالمعادن بمختلف أنواعها، وأنواع من الخشب كالعرعار والصفصاف والمشماش، وأيضا عظام الجمال والأبقار وغيرها. هكذا نلفي على سبيل المثال لا الحصر: «خنجر حياتي»، «خابوس»، «خابوس منقوش»، «خابوس ملوي»، «خابوس بالجلد»، «خابوس مزوق بياس عظم»، «خابوس منقوش بيد عظم»، «خنجر عظم»، «عمارة ونصف»، «نصف عمارة»، «حسبة كبيرة وصغيرة» إلخ.