تعددت الوقفات الاحتجاجية بفاس يوم الخميس الماضي والمطالب واحدة، « الكرامة، الحق في الشغل، الحق في السكن، الحق في العلاج، تحسين الأجور، محاربة الفساد، لا للرشوة، محارة اقتصاد الريع....»، حيث نظمت النقابة الديمقراطية للجماعات المحلية، مدعومة من طرف أعضاء المجلس الوطني لنفس المؤسسة النقابية، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وعدد من الفعاليات الحقوقية والجمعوية، وقفة احتجاجية إنذارية صباح نفس اليوم أمام مقر الجماعة الحضرية لفاس، نظرا لعدم تجاوب حميد شباط مع الملف المطلبي المحلي، الذي ظل حبرا على ورق ، كما وصفه المحتجون، ولسياسة الآذان الصماء وإغلاق باب الحوار أمام المكتب النقابي، إلى جانب استمرار العمدة في «مسلسل التضييق على الحريات النقابية واستهداف النقابيين وتوقيفهم عن العمل، بالإضافة إلى الاقتطاعات من الأجور التي همت حوالي 47 عاملا وموظفا»، وتنديدا «بالشطط في استعمال السلطة و بالممارسات اللاقانونية التي ينهجها عمدة المدينة ضد الموظفات والموظفين، وحرمانهم من حقوقهم ومكتسباتهم، أمام صمت الأجهزة الوصية». وفي تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي، انتقد عبد القادر رياضي، كاتب المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للجماعات المحلية للمجلس الجماعي بفاس، تصريحات رئيس قسم تسيير الموارد الجماعية للقناة الثانية، ووصفها ب«الكذب والافتراء، حيث عمد هذا الأخير إلى تضليل الرأي العام وتحدث عن صرف تعويض قدره 600 درهم، بينما هذا المبلغ في الحقيقة زيادة في الأجور أقرتها الحكومة لجميع الموظفين ولا علاقة له بأي تعويض من لدن المجلس»، معلقا بخصوص ملف الموقوفين الذي طال محمد الحراك ولحسن علبو، على أنه لم يؤخذ فيهما أي قرار ولم يكن للإدارة ما تستند إليه للبت في هذا الموضوع منذ ستة أشهر، مشيرا إلى مجموعة من التجاوزات والتي تهم «خضوع المجلس للزبونية والمحسوبية في ملف التعويضات، حيث تعطى لأتباع الرئيس ومريدي نقابته، في المقابل يحرم من يستحقها، ناهيك عن عدم إجراء الامتحانات المهنية منذ 2006 إلا بيوم واحد قبل تنفيذ هذه الوقفة الاحتجاجية»، منددا في الأخير ب«الابتزاز الذي يقوم به زعيم نقابة الاتحاد العام وإرغام العمال والموظفين على الانتماء إلى نقابته بمختلف الوسائل». لقد تحول مقر ولاية جهة فاس بولمان إلى قبلة للمحتجين الغاضبين على سوء تدبير وتسيير الشأن العام بمدينة فاس، حيث تقاسم الطلبة المجازون المعطلون ومهنيو قطاع سيارات الأجرة بفاس الساحة المقابلة لمقر الولاية لتنظيم وقفات موازية، رفعت خلالها شعارات تطالب بمحاربة اقتصاد الريع، والضرب بيد من حديد على نشاط النقل السري، مع تمكين القطاع من مطالبه المشروعة، الرامية إلى تعديل العقد النموذجي من خلال فرض إلزامية تجديد العقود القديمة بالعقد الجديد دون قيد أو شرط، وإعادة العمل بنظام الكوطا، بما يسمح باستفادة السائقين القدامى من رخص المأذونيات، حيث عمد أزيد من 200 سائق سيارة أجرة صغيرة بفاس إلى شل حركة المرور بشارع علال بن عبد الله لأزيد من أربع ساعات، نتيجة تكدس مجموعة من السيارات بمختلف أحجامها على مستوى شارعي الحسن الثاني والجيش الملكي المتقاطعين مع مكان الاحتجاج. ويعتبر أرباب سيارات الأجرة أن نشاط النقل السري يتعارض مع القانون والأخلاق، ويشكل منافسة غير شريفة لمهنيين ملزمين باحترام قوانين النقل وبأداء الضرائب، وهو رأي يعارضه ممتهنو النقل السري، الذين يعتبرون نشاطهم حلا مرضيا لكسب قوتهم اليومي، ولإعالة أسرهم عوض الاستسلام للبطالة، كما يعتبرونه «نشاطا شرعيا»، بالنظر إلى مساهمتهم في امتصاص الضغط على مختلف وسائل النقل، وقيامهم بأدوار يرفض المهنيون القيام بها، كبلوغ الضواحي النائية للمدن، وولوج مسالك وعرة وغير معبدة في القرى والبوادي والأسواق الأسبوعية في ظروف صعبة. كما اهتز المكان بصوت المجازين المعطلين من خلال الشعارات المطالبة بتوفير مناصب شغل، منتقدين الطرق المعتمدة من لدن الإدارة المعنية في عملية التشغيل والتوظيف، التي تخضع، حسب المعطلين، ل «عنصري الزبونية والمقابل وتبتعد عن الموضوعية والكفاءة». وفي تصريح مستقى من عين المكان أدلى به للجريدة أحد النشيطين بالجمعية فإن « الهدف من هذه الوقفة يدخل في إطار سلسلة من الوقفات النضالية التي أعلنت عنها المجموعة مؤخرا بعد الحوار الفاشل مع المسؤولين بفاس، و أن الأهداف المتوخاة من معركتنا هذه هو تحذير الدولة وممثليها بالجهة من مغبة الاستمرار في تهميش مطالب المعطلين وضرب حقهم في العيش الكريم»، وأضاف في هذا الصدد بأن الجمعية «عازمة على نهج معارك تصعيدية في كل المناطق التي تتواجد فيها وأن الاعتقالات لا تقوم سوى بتصليب جمعيتهم وتقويتها وإضفاء المزيد من الشرعية على مطالبها». هذه التحولات التي وسمت واقع الاحتجاج بالتنوع، حيث انتقلت من تنظيم الوقفات إلى الاعتصام أمام وداخل المؤسسات العمومية، تعبر عن عزم وإرادة المعتصمين في التعريف بقضيتهم بوسائل تجاوزت المتعارف عليه في أجندة النضال، من أجل تحقيق مطالبهم المتمثلة في الحق في التشغيل والإدماج في الوظيفة العمومية. وبهذا تكون فاس قد شهدت يوم «خميس الغضب» حركة احتجاجية واسعة ذات مطالب اجتماعية يصر أصحابها على النضال من أجل تحقيقها، حيث توزعت بين أربع وقفات، واحدة منها قام بها عمال وموظفو الجماعة التابعون للمركزية النقابية الفدش أمام مقر البلدية، بينما الثلاث وقفات الأخرى نظمتها كل من التنسيقية المحلية لسائقي سيارات الأجرة الصغيرة والجمعية المغربية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب فرع فاس ومجموعة الأطر المعطلة بفاس أمام مقر ولاية جهة فاس بولمان. وقد تزامنت هذه الوقفات مع «الفضيحة» التي هزت أركان ولاية فاس، والتي تم على إثرها اعتقال الموظف ( ف- ص) الذي يشتغل بقسم الاقتصاد، وذلك بتهمة النصب، بناء على شكاية تقدم بها الضحايا إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس يتهمونه فيها بالنصب والاحتيال واستغلال منصبه الوظيفي وطلب عمولات مالية بلغت، حسب بعض المصادر الإدارية، 80 ألف درهم مقابل الحصول على مأذونية سيارة الأجرة، و140 ألف درهم بهدف التدخل لقضاء مناسك الحج، حيث وضع رهن الحراسة النظرية إلى حين استكمال المسطرة المتبعة في النازلة، فضيحة زادت من سخط المحتجين ضد الإدارة وجعلتهم ينددون بأعلى الأصوات «لا للرشوة في التشغيل، لاللرشوة في التطبيب، لا للرشوة في الترقية، لاللرشوة في الصفقات، لا للرشوة من أجل قضاء المصالح المشروعة»