أجمع المشاركون في الحفل التكريمي الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب فرع الرباط للشاعر والكاتب حسن نجمي، مساء الخميس ببهو المسرح الوطني لمحمد الخامس أن هذا التكريم يدخل في إطار رد الاعتبار لهذا الكاتب والاحتفاء به كإنسان مبدع من طينة المبدعين الكبار في الوسط الثقافي المغربي المعاصر. فقد تحدثت الصحفية والكاتبة ليلى الشافعي، عن حسن نجمي الطالب الجامعي كما عرفته في مدرجات الكلية، لمست فيه ذلك الباحث المتعطش للمعنى والدلالة والقيم، المنشغل بالسؤال وبقلق الوجود وبعمق الصفات الإنسانية، وأدركت أنه تحول لاحقا إلى رجل وطني وناضج ووسيم ، خبير محلل مشتغل على قضايا الفكر والأدب والسياسة والفن بعمق. فقد استرجع الشاعر عبد الحميد اجماهري، مدير تحرير جريدة «الاتحاد الاشتراكي» في مداخلته تحت عنوتن حسن نجمي: هذا ما نطقت به فراسة الشاوية»، لحظات النضال المشترك مع الشاعر والكاتب حسن نجمي ضمن شبيبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وذكر الحضور ببعض من تفاصيله مثلما قصة صياغة البيان الختامي حيث قال اجماهري «أني زغت بلغة التقرير إلى مخبأ السوسنة، وتسللت مع اللغة إلى البيان الختامي. وقتها، قيل إن نجمي، البريء كعادة كل الذئاب في قصة يوسف، هو من اقترف الشعرية في بيان سياسي». كما تناول اجماهري الجانب الإعلامي لنجمي وقال «لا أعتقد أنني كنت سأدخل الصحافة لو لم أصادفه ذات حماس، وحافظ لي على جوهر الاشياء في الكتابة، اليأس النظيف والأنيق أمام السياسة». كما استحضر اجماهري مطلب أحد سائقي الطاكسيات كان يقله إلى مقر الجريدة، الذي شدد على عودة نجمي إلى الكتابة في على أعمدة الجريدة ليعود هو الآخر لقراءتها، حين خاطب اجماهري «لن أشتري جريدتكم حتى يعود حسن نجمي للكتابة..»، وبدوره قال اجماهري لنجمي «أدعوك حسن للعودة للكتابة»، لقد نجمي في الصحافة يشير اجماهري «الباب التي نصل بها إلى قلوب كثيرة في المغرب، كان العتبة أيضا وكان الشرفة بالنسبة لي ولجيل من شباب الحزب». وتحدث القاص أنيس الرافعي في ورقته بعنوان «الاستشفاء بدراما الشبيه» خلال هذا حفل التكريم هذا، الذي نظم تحت شعار «مقاربة إبداعات وفكر حسن نجمي المتعدد» عن سراد الرواية والعلائق النسوجة بهم. كما توقف عند غنى «درج الخياط» والمعرفة التي يتسلح بها الروائي، مثيرا في الآن ذاته الإمكانيات المشهدية والبصرية لهذا العمل الروائى، بتضمنها لتقنيات السيناريو ومقومات القبض على الزمن لما يخول تحويلها إلى شريط سينمائي يرصد التجربة العميقة للانسان المغربي. وختم الرافعي مداخلته بالإشارة إلى أن رواية «جير ترود»، الصادرة عن المركز الثقافي العربي في الدارالبيضاء وبيروت، بكتابتها الممتعة والساحرة، تعيد الصياغة لروح الرواية المغربية تخرج بها من طابعها المحلي وتنحو بها نحو الافق الكوني. كما تحدث الباحث والمترجم محمد أسليم، في مداخلته «رواية جيرترود باعتبارها طقوس إعداد وانتقال وجنائز» عن العمل الروائي «جيرترود»، حيث قام بتحليل المستويات الدلالية والفكرية والنفسية الغائرة في العلاقة بين الشرق والغرب، كما في المكونات السيرية والمكونات النفسية، واعتبر أن رواية «جيرترود» فتنة للحكي مارسها حسن نجمي باقتدار كبير لإدخالنا في أكثر من قصة متوازية وعوالم الفن التشكيلي والأدب والموسيقى. من جانبه حاول أحمد زنيبر في ورقة له ساهم بها في هذا اللقاء الذي نشطته ليلي الشافعي، أن يقارب الجانب الشعري في مسار حسن نجمي، حيث قدم بعضا من اللمحات الاساسية المتعلقة بوجود تيمة الاحتفاء بالشخصيات داخل متنه الشعري، مع الإشارة إلى الاهتمام بالجانب الزباني في شعر حسن نجمي، خاصة ديوان «على انفراد» ، حيث الليل والغربة وما له من علاقة بمديح العزلة، واعتبر الحديث عن تجربة حسن نجمي حديث ذو شجون، وذلك لما خلفه وتركه من بصمات كبرى في المشهد الثقافي المغربي. سواء في جانبه الشعري أو في جانبه الروائى وجانب البحث العلمي و خاصة اشتغاله على الثقافة الشعبية. من بين الشهادات، التي تضمنتها هذه الليلة التكريمية التي جمعت أعز رفاق حسن نجمي، كانت تلك لعائشة البصري التي باحت بها في حق زوجها حسن نجمي، الكاتب والشارعر والزوج «لقد منحتني أكثر مما أستحق» مشيرة الى أن مسار الحياة التي جمعتها ب حسن نجمي، كان مسار مليئا بالمسرات وثريا بلحظات جميلة لا تخلو في بعض الأحيان من مشاكسات عش الزوجية فقد كانت، تقول البصري، «مسافة عمر طويلة بالنسبة إلى حسن نجمي كزوج ورجل، غير أنها قصيرة بالنسبة لي كزوجة وامرأة»، قائلة «علاقتي بحسن تمتد على مساحة عمر وحياة بها أكثر من 32 سنة ومنحني أكثر مما أستحق». لقد عاشت خلال هذا التكريم اول لحظة حميمية جمعتها بحسن نجمي الزوج والمبدع في لقاء واحد ليقتسمان ذات المنصة «لقد سبق وان تم بين اتفاق ضمني، منذ البدء أن لكل منا «طريقو» فيحدث في جل لقاءاتنا الثقافية التي نعقدها أن يكون أحدنا غير حاضر» تشير البصري. من جانبه اعتبر حسن نجمي هذا الحفل التكريمي، الذي تخللته شهادات نظيفة جميلة رفيعة وصادقة، سيظل رافعة من أجل ان يواصل الطريق كما بدأه مع كل الاخوة. ووجه تحية خاصة لاتحاد كتاب المغرب فرع الرباط وأكد نجمي أن هذه الامسية، التي حضرتها ثلة من الفنانين والأدباء والباحثين والإعلاميين كما حضرها مسؤولون ورجالات من الديبلوماسية والتربية والتعليم والمجتمع، وكذا ممثلي منظمات وهيئات وطنية وعربية ونشطتها الفرتين الموسيقيتين «لانيبولا» و«مفتاح صول». ستظل خالدة في الذاكرة كونه اكتشف من خلال الشهادات المقدمة جوانب خفية تتضمنها اعماله، التي تناولها المتدخلون في هذا التكريم، وشكر كل كل ساهم في إنجاح هذه المبادرة النبيلة. وانتهى حفل التكريم البهيج على إيقاع مقتطفات من أغاني محبوبة لدى حسن نجمي، قدمها الفنان خالد ولد البوعزاوي والفنان فرحان حجيب، الذي أكد في شهادته أن حسن نجمي قدم الكثير لفن العيطة من خلال اعادة الاعتبار اليها سواء من خلال البحث العلمي أو على المستوى الاعلامي. واشار الى المجهودات التي يبذلها حسن نجمي من اجل الدفاع عن رجال ونساء هذا الفن وكيف انه ساهم في تغيير الصورة السلبية التي كانت ملتصقة بهذا لفن، وأيضا ثم تسلم المكرم هدايا ولوحات من عدد من الحاضرين. ملحوظة: ننشر مداخلة محمد اسليم في عدد يوم غد