لخصت معركة الدوري الإسباني في الموسم الماضي، كما كانت الحال في سابقه، بالمواجهة بين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، والتي ستعرف خواتمها في التاسع من يناير المقبل، عندما يعلن اسم الفائز بلقب لاعب العام. ومن المتوقع أن يتمكن ميسي (24 عاما) من الظفر بلقب أفضل لاعب في العالم للعام الثالث على التوالي، إلا في حال نجح رونالدو، الذي نال هذه الجائزة المرموقة عام 2008، في مخالفة التوقعات باستقطاب أصوات المدربين والصحافيين. ومن المؤكد أن حرب النجوم بين هذين اللاعبين الاستثنائيين تشكل المواد اللازمة لأي مخرج سينمائي، بسبب الاختلاف في شخصية كل من اللاعبين، فميسي يمثل البطل الهادىء الذي يتمتع بمواهب استثنائية يجيرها لمصلحة المجموعة، ورونالدو البطل المتعجرف الذي يميل إلى الأنانية في طريقة لعبه سعيا خلف المجد الشخصي. لكن اللاعبين يتمتعان بقاسم مشترك متمثل في كونهما هدافين من الطراز الرفيع جدا، وأرقامهما تتحدث عن نفسها، لكن ميسي خرج من الموسم بما هو أثمن بكثير من الإنجازات والأرقام الشخصية، إذ قاد برشلونة للقب الدوري المحلي ومسابقة دوري أبطال أوروبا، متنازلا للرونالدو عن جائزة الترضية المتمثلة بالحذاء الذهبي لأفضل هداف في البطولات الأوروبية المحلية لموسم 2010 - 2011. وأنهى رونالدو الدوري الإسباني برصيد 40 هدفا، منفردا بالرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في موسم واحد في تاريخ «لا ليغا»، والذي كان يتقاسمه مع مهاجم اأتلتيك بلباو تيلمو زارا، الذي حقق هذا الإنجاز عام 1951، والمكسيكي هوغو سانشيز، الذي حققه مع ريال مدريد عام 1990. وتقدم رونالدو بفارق تسعة أهداف على ميسي وتفوق في 2010 - 2011 على ما حققه مع مانشستر خلال موسم 2007 - 2008، عندما سجل حينها 31 هدفا في الدوري الانكليزي الممتاز، وهو سجل أهدافه الأربعين في 34 مباراة في الدوري، رافعا رصيده إلى 66 هدفا في 63 مباراة خاضها في الدوري الإسباني، منذ انضمامه إلى النادي الملكي. لكن النجاح الذي حققه «سي آر 7» على الصعيد الشخصي لم يكتمل على صعيد الجماعي، بعدما خرج فريقه من الدوري المحلي خالي الوفاض، كما كان الحال في مسابقة دوري أبطال اأوروبا، التي ودعها من نصف النهائي على يد ميسي وزملائه بالذات. ولا يبدو أن الحرب بين اللاعبين متوجهة نحو الهدنة، إذ أن صراعهما متواصل هذا الموسم، حيث يتشاركان صدارة ترتيب هدافي الدوري المحلي برصيد 17 هدفا لكل منهما، كما أن فريقيهما يتشاركان أيضا صدارة ترتيب الدوري، مع أفضلية المواجهة المباشرة لبرشلونة، والتي نالها عن جدارة واستحقاق بعد تغلبه السبت الماضي على غريمه الملكي في عقر داره 3 - 1. لم يجد ميسي طريقه إلى شباك الحارس إيكر كاسياس في ال«كلاسيكو» الأول لهذا الموسم، لكنه كان مهندس الهدف الأول والثالث، فيما مر رونالدو بجوار هذه الموقعة دون أن يترك أي انطباع، بل إنه أهدر على فريقه فرصا سهلا كانت كفيلة باعادته إلى أجواء اللقاء. ومن المؤكد أن ميسي يتفوق على رونالدو تماما في ما يخص المواجهات المباشرة بنيهما، منذ أن انضم البرتغالي إلى ريال مدريد في صيف 2009، إذ سجل الأرجنتيني 5 من الأهداف ال 13، التي هز بها شباك النادي الملكي حتى الآن، منذ قدوم «سي آر 7» إلى «سانتياغو برنابيو»، فيما اكتفى الأخير بهدفين فقط. والأهم من الأهداف والأرقام الشخصية هو أن ميسي قاد برشلونة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا على حساب ريال مدريد بالذات، بتسجيله ثنائية الفوز في ذهاب نصف النهائي (2 - 0). وكان الموسم الماضي موسم ال «كلاسيكو» بامتياز، إذ تواجه الفريقان سبع مرات وخرج برشلونة فائزا ثلاث مرات، بينها بنتيجة ساحقة 5 - 0، فيما حقق ريال فوزا وحيدا في نهائي الكأس بفضل هدف لرونالدو، وانتهت المباريات الثلاث الأخرى بالتعادل. وتظهر الأرقام التفوق التام الذي حققه ميسي على رونالدو من ناحية الإنجازات الجماعية، وهو يأمل أن يتوج ذلك بإنجاز فردي من خلال الاحتفاظ بجائزة أفضل لاعب في العالم على حساب رونالدو، الذي يواجه أيضا منافسة من لاعب آخر في برشلونة وهو تشافي هرنانديز، بعدما انحصر السباق على جائزة كرة «فيفا» الذهبية بين هذا الثلاثي. وكان ميسي تفوق العام الماضي على زميليه في برشلونة تشافي هرنانديز وأندريس انييستا في الاستفتاء، الذي تشارك فيه لجنة مكونة من صحافيين ومدربي وقادة 208 منتخبا وطنيا منضويا تحت لواء الاتحاد الدولي. وحصل ميسي على 65، 22 بالمائة من الأصوات مقابل 36، 17 بالمائة لإنييستا و48، 16 بالمائة لتشافي. وكان تتويج ميسي مفاجأة كبيرة بالنظر إلى فشله مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا، والتي ودعها منتخب التانغو بخسارة مذلة أمام ألمانيا 0 - 4 في الدور ربع النهائي، كما أنه هو نفسه رشح زميليه إنييستا وتشافي للفوز بهذه الجائزة، معتبرا أن حظوظهما أكبر منه لأنهما فازا بكأس العالم، في حين أن النجم الأرجنتيني ودع العرس الكروي باكرا. لكن ميسي سيستحق هذه المرة وعن جدارة الجائزة المرموقة، التي سيكشف النقاب عن صاحبها في الحفل السنوي في زيوريخ، في ظل المستوى المذهل الذي قدمه الموسم الماضي ويواصله في الموسم الحالي أيضا.