التقيت الفنان المبدع الصديق محمد بسطاوي في الكثير من المناسبات، وكنت دائما أقدر مواقفه وأحيي فيه تواصله مع الجميع، ورغم تألقه الدائم، لم أشعر يوما أن هذا الهرم الفني الشامخ انتفخت لديه الآنا، بل كان دائما متواضعا ناكرا للذات.. وحتى عندما أطل على منصة التكريم وهو يتوج بنجمة الاعتراف في الدورة 11 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش كان بسيطا بجلبابه المغربي الأصيل كبيرا في تواضعه عميقا في كلماته المعبرة التي نفذت إلى قلوب كل الحاضرين.. «الاتحاد الاشتراكي» التي حضرت هذا التكريم اغتنمت الفرصة لتجري معه هذا الحوار: { تم تكريمك في الدورة 11 لمهرجان الفيلم الدولي بمراكش، فما هي الرسالة التي قرأها بسطاوي من خلال هذا التكريم ؟ هي رسالة موجهة إلى جميع المبدعين و الفنانين المغاربة، و الواقع أننا لامسنا اهتماما بالفنان المغربي في هذا المهرجان كما هو الشأن بالنسبة للفنانين الأجانب، والتكريمات السابقة خير دليل على ما أقول، وهي رسالة من جانب آخر للفنانين أنفسهم على أن يعملوا بصدق ووفاء و إخلاص لهذه المهنة، وطبعا سينالون تكريما أرقى و أعمق. { الصديق محمد بسطاوي من خلال تتبعنا لمسارك الفني لاحظنا أن لك قدرة عجيبة في أداء أدوارك بامتياز سواء منها الكوميدي أو الدرامي فما هو السر في هذا التألق؟ أتمنى أن أكون من صناع الشخصيات دون أن أكون في واقعي و يومي متأثرا بتلك الشخصية التي صنعتها في أدواري الفنية، أقدم غالبا شخصيات لا علاقة لهم بي لا في حركاتهم و لا في سكناتهم.. صناعة الشخصية إبداع يحتاج إلى القدرة على تقمصها بعد صنعها و ابتكارها، وأتمنى أن أكون قد نجحت و توفقت في ذلك. { لديك تجربة شخصية غنية بالكثير من الأحداث منذ أن هاجرت إلى إيطاليا، وأنت في ريعان شبابك وخبرت معنى الحياة لتعود لتربة الوطن و تلامس عشقها من خلال ولوجك عالم المسرح، ألم تفكر في تحويل هذه التجربة إلى عمل فني؟ التجربة الشخصية والكتابة حولها ليست دائما في المتناول خصوصا فيما يتعلق بكتابة السيناريو، فهذا المجال لازال في المغرب يعاني الكثير من النقصان، طبعا هناك استثناءات، لكن الواقع أن هناك عدة عراقيل في مجال كتابة السيناريو، لكن فيما يخص سيرتي الذاتية فهي لا تختلف عن سير باقي الناس، فلكل شخص حياة لها تفاصيلها الصغيرة و الكبيرة و غنية بالمواقف و الأحداث، و يمكن أن تُحَوّل إلى روايات وسيناريوهات تصلح للأفلام و المسلسلات. { كفنان ناجح له شخصية قوية في المجال الإبداعي في المغرب، ألم تفكر في خوض تجربة كما هو الشأن لعادل إمام في مصر، أي أن يأتي كاتب السيناريو و المخرج و المنتج لتقديم عمل تكون فيه أنت الفاعل أو بالأحرى أن يتم إنتاج عمل على مقاسك أي أن تتحكم كممثل/ نجم في العملية بكاملها؟ لم نصل بعد في المغرب إلى أن تكون سلطة الإبداع في أيادي الممثل فلازال المنتج هو المسيطر باعتباره هو الممول، قد تكون للممثل بعض المناورات الإبداعية بتواطؤ مع المخرج أثناء العملية الفنية لكن على العموم فالممثل هو منفذ لما يريده المخرج في إطار ما يرغب فيه المنتج ليس إلا.. قد يقبل الممثل العمل وقد يرفضه لكن لا يتحكم فيه. { ماذا يمثل مهرجان مراكش بالنسبة للسينما المغربية؟ كما قلت بالأمس فهذا المهرجان الذي تم تأسيسه عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 أصبح اليوم محجا لعمالقة الفن السابع و مشاهير العالم.. و رغم الإغراءات المادية التي في مهراجانات أخرى عبر العالم إلا أن مراكش لها قدرة عجيبة للاستقطاب، لأنها هي البهجة، هي المكان الصالح للتواصل والتلاقي بين كل مبدعي العالم، و بالتالي فهذا مكسب كبير للسينما المغربية، و هو جسر تعبره هذه السينما نحو العالمية. { بعد الانتخابات التشريعية ل 25 نوفمبر 2011 و صعود الإسلاميين للحكم كيف ترى مستقبل الإبداع و السينما؟ الفن سيتطور من حسن إلى أحسن لأن هناك إرادة لدى السلطات العليا للدولة و جلالة الملك يدعم بشكل متواصل الفعل الإبداعي و الأمير مولاي رشيد يحرص على تطوير مهرجان مراكش في إطار الاهتمام الكامل بالسينما المغربية و الدفع بها ليكون لها موقع خاص بين أرقى السينمات العالمية.