واصل المجلس الوطني التأسيسي التونسي أمس , مناقشة القانون المؤقت لتنظيم السلطات خلال المرحلة الانتقالية, أو ما يسمى بالدستور الصغير, وسط خلافات حادة بين الأغلبية والمعارضة داخل المجلس, في وقت تستمر فيه ضغوط الشارع التونسي من خلال اعتصام حشود من المحتجين أمام مقر المجلس بحي باردو غرب العاصمة. ووسط جدل حاد تمكن المجلس, الذي استمرت جلساته إلى وقت متأخر من ليلة أول أمس , المصادقة على6 فصول من القانون الذي يتضمن26 فصلا , حيث احتد الخلاف حول مدة المجلس التأسيسي , الذي أنتخب أساسا لصياغة دستور جديد للبلاد وبصفة استثنائية لسن القوانين الخاصة بالمرحلة الانتقالية, إضافة إلى الإشراف على تسيير السلطة التنفيذية خلال هذه المرحلة. فبينما تطالب المعارضة بأن لا تتجاوز هذه المدة سنة , كما سبق أن تعهدت بذلك مجموعة من الأحزاب (11 حزبا) قبيل انتخاب المجلس التأسيسي ومن ضمنها حزبا النهضة والتكتل الديمقراطي المشاركان في ائتلاف الأغلبية , يصر هذا الأخير على ترك الفترة مفتوحة ودون التقيد بفترة محددة, وهي الصيغة التي صادق عليها المجلس بأغلبية129 نائبا, مقابل39 نائبا. يذكر أن ائتلاف الأغلبية يضم حركة النهضة الإسلامية ذات الاتجاه الإسلامي (89 مقعدا), وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية, ذو الاتجاه اليساري القومي (29 مقعدا), وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات , اتجاه يساري (20 مقعدا) , فيما يضم المجلس المنتخب في23 أكتوبر الماضي2017 نائبا. وشهدت هذه الجلسة تجاذبات حادة أحيانا بين الأطراف السياسية , حيث اعتبر عدد من النواب أن مشروع القانون المصادق عليه «لا يقطع مع النظام السابق المكرس لهيمنة طرف دون بقية الأطراف الأخرى على السلطة, وأنه تم تفصيله على مقاس الأحزاب الفائزة بالانتخابات مع إقصاء البقية من إعداده «. واتهم الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض, على لسان أمينته العامة , مية الجريبي , ائتلاف الأغلبية في المجلس ب «التراجع عن تعهداته أمام الشعب التونسي «. وأضافت الجريبي, في تصريحات للصحافة عقب الجلسة , «نحن نؤكد على موقفنا الرافض لهذا التوجه, ونعبر عن تخوفنا من أن تطول مدة مهام المجلس لأنه ليس من مصلحة تونس أن تطول الفترة أكثر حتى تستقر سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا « . كما ندد نجيب الشابي عن نفس الحزب بما وصفه ب «الاستقواء على المعارضة ومحاولة حرمانها من حقها في إبداء رأيها في مشروع القانون المذكور» ,فيما اعتبر نائب معارض آخر عن حركة الشعب , هو محمد إبراهيم أن الإئتلاف الثلاثي « يتحدث بمنطق الأغلبية المهيمنة والأقلية المستجيبة في حين أن الديمقراطية مفهومها سماع صوت الأقلية» ,على حد تعبيره , مؤكدا أن القوى الديمقراطية المعارضة «ستناضل من أجل إرساء مسار ديمقراطي يقود تونس إلى بر الأمان» وفي المقابل, نفى نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة داخل المجلس اتهامات المعارضة , مشددا على «التزام» الحكومة, وهو ما ينتظر أن يتم قبل نهاية الأسبوع الجاري. في غضون ذلك يواصل مئات المحتجين اعتصامهم أمام المجلس التأسيسي , رافعين مطالب اجتماعية وأخرى سياسية , من أجل الضغط على النواب في اتجاه, ما اعتبره المعتصمون الذين يمثلون حساسيات سياسية واجتماعية مختلفة, توزيع السلطات وإرساء نظام سياسي مؤقت متوازن بين الرئاسات الثلاث . وقال إن «هناك من يسعى إلى أن يحمل النهضة المسؤولية ويؤلب الرأي العام ضدها , حتى قبل أن تتسلم الحركة رئاسة الحكومة «, مشيرا في هذا السياق إلى تدهور الوضع الأمني في تونس بسبب الإعتصامات والإضرابات وأعمال العنف في عدد من المدن,وحذر مما وصفه ب «الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد» يذكر أن الحكومة المؤقتة برئاسة الباجي قائد السبسي , قدمت استقالتها إلى رئيس الجمهورية المؤقت , فؤاد المبزع , في23 نوفمبر الماضي غداة افتتاح المجلس التأسيسي المنتخب وتكتفي حاليا بتصريف الشؤون اليومية للبلاد. وأعرب حمادي الجبالي عن أمله في أن يتوصل الفرقاء داخل المجلس الوطني التأسيسي إلى المصادقة على مشروع قانون تنظيم السلطات العمومية في أقرب وقت ممكن ,حتى يتسنى تشكيل حكومة جديدة. وكانت مداولات المجلس قد شهدت خلال الجلسات الأولى جدلا كبيرا بشأن توزيع الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية , حيث انتقد نواب المعارضة بعض فصول مشروع قانون تنظيم السلطات , الذي اعتبروا أنه أعطى صلاحيات واسعة لمنصب رئيس الحكومة على حساب رئيس الجمهورية, داعين إلى إيجاد صيغة تضمن التوازن بين السلطات. وصرح الجبالي أن هناك توافقا بين أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل حول تقاسم الأدوار والصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة, ورئيس المجلس التأسيسي ,وهو ما سيمكن, حسب رأيه من حسم الخلافات. وكانت أطراف الائتلاف الثلاثي , الذي يضم حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل, قد اتفقت على أن يتولى زعيم المؤتمر, منصف المرزوقي رئاسة الجمهورية على أن يتم في ما بعد تعيين حمادي الجبالي رئيسا للحكومة المقبلة, فيما تولى زعيم حزب التكتل رئاسة المجلس تنفيذا لهذا الاتفاق. وسيصادق المجلس التأسيسي , فور انتهائه من مناقشة القانون المنظم للسلطة خلال المرحلة الانتقالية , على المرشح لرئاسة الجمهورية , الذي سيعين بدوره رسميا مرشح النهضة لتشكيل الحكومة, وهو ما ينتظر أن يتم قبل نهاية الأسبوع الجاري. في غضون ذلك يواصل مئات المحتجين اعتصامهم أمام المجلس التأسيسي , رافعين مطالب اجتماعية وأخرى سياسية , من أجل الضغط على النواب في اتجاه, ما اعتبره المعتصمون الذين يمثلون حساسيات سياسية واجتماعية مختلفة, توزيع السلطات وإرساء نظام سياسي مؤقت متوازن بين الرئاسات الثلاث