انتهت عمليات فرز الأصوات لجولة الإعادة من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب المصري. وقد أظهرت النتائج حصد مرشحي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين لغالب المقاعد الفردية التي أجريت الإعادة عليها. وأجريت جولة الإعادة الاثنين والثلاثاء بعد أسبوع من الجولة الأولى، في تسع محافظات هي القاهرةوالإسكندريةوأسيوطودمياطوكفر الشيخ وبورسعيد والبحر الأحمر والأقصروالفيوم، وكان إقبال الناخبين محدودا في جولة الإعادة التي تقتصر المنافسة فيها على المقاعد الفردية على خلاف الجولة الأولى التي شهدت إقبالا كبيرا. وقد أظهرت النتائج التي أعلنت في اللجان العامة فوز مرشحي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ب35 مقعدا من بين خمسين جرى التنافس عليها، بينما حصلت أحزاب النور والوفد وائتلاف الكتلة المصرية ومستقلون مجتمعة على المقاعد ال15 الباقية. ففي محافظة القاهرة فاز حزب الحرية والعدالة بعشرة مقاعد من أصل 16 مقعدا، وفاز حزب العدل بمقعدين، والمصريون الأحرار بمقعد واحد، في حين فاز مستقلون بثلاثة مقاعد. أما في الإسكندرية فاكتسح حزب الحرية والعدالة ثلاث دوائر بستة مرشحين، وفاز بمقعدي الدائرة الرابعة حزب النور السلفي. وفي كفر الشيخ حقق حزب النور الفوز بمقعدي الدائرة الأولى، وفاز حزب الوفد بمقعد واحد، في حين حقق الحرية والعدالة الفوز بثلاثة مقاعد. أما في أسيوط فحصد حزب الحرية والعدالة ستة مقاعد وفاز حزب النور بمقعد واحد. وفي الفيوم حصد حزب الحرية والعدالة المقاعد الستة المخصصة للفردي بالمحافظة. وفي دمياط فاز حزب الحرية والعدالة بثلاثة مقاعد وذهب المقعد الرابع لمرشح مستقل. أما في محافظة البحر الأحمر, فاقتسم حزبا المصريون الأحرار والحرية والعدالة مقعدي المحافظة. وفي الأقصر فاز مرشح مستقل بأحد مقعدي المحافظة وذهب المقعد الآخر للحرية والعدالة. وبهذه النتائج تأكد تقدم حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي تليهما الكتلة المصرية التي تضم ليبراليين ويساريين. من جانبها قالت جماعة الإخوان المسلمين -في محاولة منها لطمأنة الناخبين- إنها ستسعى إلى تشكيل ائتلاف واسع إذا فاز حزبها في الانتخابات. من ناحية أخرى قال شهود عيان في المحافظات التسع التي شملتها الجولة الأولى إن أنصار المرشحين واصلوا الدعاية خارج اللجان الانتخابية وفي الشوارع بمكبرات الصوت ووزعوا أوراق دعاية وساعدوا ناخبين في الوصول إلى اللجان الانتخابية طالبين منهم الاقتراع للمرشحين الذين يؤيدونهم. وكانت اللجنة القضائية العليا للانتخابات أقرت بالانتهاكات وتعهدت باتخاذ إجراءات لإنهائها, لكنها قالت إن المخالفات لا تقوض شرعية الانتخابات وهو ما أكده مراقبون مستقلون. وأقر رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم باستمرار بعض مخالفات الدعاية، واعتبر أن هذه المخالفات تمثل مسألة أخلاقية قبل أن تكون جنائية، وطالب الناخبين بعدم اختيار المرشحين الذين يصرون على مخالفة القانون، لأن هؤلاء ليسوا جديرين بدخول البرلمان وتولي مسؤولية التشريع، حسب تعبيره. وبرر إبراهيم عدم اتخاذ اللجنة موقفا حازما ضد مرتكبي التجاوزات الانتخابية بمحدودية الآليات التي تمتلكها اللجنة في هذا الصدد، مؤكدا أنها نقلت الأمر لجميع الجهات المنوط بها تنفيذ القانون، كما تقدمت ببلاغات إلى النيابة العامة ضد تلك التجاوزات التي لم تصل أبدا إلى درجة وقوع عمليات تزوير كما ردد البعض. على صعيد آخر أعلن في القاهرة مساء أول أمس عن أسماء وزراء «حكومة الإنقاذ الوطني» التي كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة كمال الجنزوري بتشكيلها الأسبوع الماضي، لكن اسمي وزيري الداخلية والتنمية المحلية لم يعلنا بعد. ومن المقرر أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية الأربعاء أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوى، الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك. ويشغل طنطاوي أيضا منصبيْ القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع. وشملت الأسماء ممتاز السعيد للمالية، وأشرف الشرقاوي للاستثمار وقطاع الأعمال، وعلي صبري للإنتاج الحربي، وأحمد أنيس للإعلام، ومصطفى حسين كامل للبيئة، واحتفظ حسن يونس بمنصب وزير الكهرباء الذي شغله لسنوات طويلة خلال حكم مبارك، كما احتفظت فايزة أبو النجا بمنصب وزير التعاون الدولي الذي كانت تشغله خلال حكم مبارك أيضا وأضيفت إليها وزارة التخطيط. وبقي من الحكومة المستقيلة -التي كان يرأسها عصام شرف- محمد كامل عمرو للخارجية، ومنير فخري عبد النور للسياحة، ومحمد سالم للاتصالات، ومحمد القوصي للأوقاف. ووصف الجنزوري الحكومة الجديدة بأنها «حكومة إنقاذ الثورة»، وطالب -خلال مؤتمر صحفي مساء أول أمس- جميع التيارات السياسية والأحزاب والفئات بأن يتكاتفوا ويجتمعوا من أجل مصلحة مصر، قائلا «إن الحالة التي وصلت إليها مصر حاليا لا ترضي أحدا». وأكد الجنزوري أن الخريطة السياسية في مصر تم تحديدها بدءا من انتخاب مجلسيْ الشعب والشورى، ثم وضع الدستور الجديد، ثم انتخاب رئيس الجمهورية قبل الأول من يوليوز 2012. وقال إن تحقيق ذلك في هذه الفترة من الناحية السياسية «يتطلب أن نترك الخريطة السياسية وأن نركز على الوضع الأمني والاقتصادي. ولا يمكن أن تقدم الحكومة ما هو مطلوب للشعب إلا بتضامن الكل من أجل مصر، وأوضح أنه «إذا تم ترك الوضع الأمني كما هو حاليا فإن الشعب المصري لن يرحب بذلك». وقال الجنزوري إنه لم يتم اختيار عنصر الشباب في تشكيل الحكومة الإنقاذ، إلا أنه تم اختيار عناصر من الشباب مساعدين للوزراء. وأضاف أن هناك أمورا سوف تعرض على مجلس الوزراء في بداية جلساته الأولى، منها تثبيت 500 ألف من العمالة المؤقتة. وتابع «هذا القانون قابل للكثير من الانتقادات، وتأجيله سيؤثر مباشرة على إيرادات الدولة. وسيتم تعديل بند إعفاء المسكن الخاص، ورفع الإعفاءات الخاصة للمساكن التي تبدأ من 500 ألف إلى مليون ونصف مليون جنيه»، مشيرا إلى أن هذا الأمر سوف يعرض على مجلس الوزراء من أجل مناقشته وتعديله. وحول مميزات وزير الداخلية الجديد قال «لابد من أن يكون هدفه الرئيسي هو كيفية إعادة الأمن للشارع المصري، لذلك لابد من أن تكون خدمته في المجال الجنائي». وفي وقت سابق أمس، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن الجنزوري قوله إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيمنحه بعض صلاحيات رئيس الجمهورية. وجاء تصريح الجنزوري بعد شهور من الانتقادات التي وجهت إلى المجلس العسكري نتيجة عدم تمتع الحكومة المستقيلة التي يرأسها عصام شرف بصلاحيات تمكنها من تحقيق أهداف الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك قبل نحو عشرة أشهر. وقال الجنزوري إن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيعلن خلال ساعات مرسوم قانون لتعديل الإعلان الدستوري الخاص بصلاحيات رئيس الوزراء، ومنحي صلاحيات رئيس الجمهورية فيما عدا القضاء والقوات المسلحة». وحرص المجلس العسكري على إبعاد مصالحه الواسعة عن رقابة المدنيين, لكنه تحت ضغط ألوف المحتجين قال إنه سينقل السلطة للمدنيين في منتصف 2012 بعد انتخابات رئاسية، وموعد نقل السلطة أقرب مما كان ممكنا، وفق خطط المجلس المعلنة لإجراء الانتخابات التشريعية ووضع دستور جديد للبلاد. وقوبل تكليف الجنزوري (78 عاما) -الذي شغل منصب رئيس الوزراء في التسعينيات- بتشكيل حكومة إنقاذ وطني بالانتقاد من المحتجين الذين يطالبون بتطهير مؤسسات الدولة ممن عملوا مع مبارك.