لم يخف المواطنون المصريون حالة الفرح التي تنتابهم وهم يقفون في طوابير امتد بعضها لنحو كيلومتر لانتخاب ما يسميه المصريون «برلمان الثورة»، وكشفت الصور منذ اليوم الأول للانتخابات حتى ساعات المساء -بحسب محللين- عن عطش المصريين لمستقبل جديد لبلدهم. ومثلت حالة الانضباط اللافتة على أبواب مراكز الاقتراع واصطفاف شخصيات لافتة كأمين عام الجامعة العربية السابق عمرو موسى، والأمين الحالي نبيل العربي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب في طوابير الانتظار صورة لمصر ما بعد الثورة، وللمساواة في الحقوق والواجبات التي يأملونها بعد اكتمال الانتخابات. وبدت الجدية الرسمية في التعامل مع المشكلات التي ظهرت بمثابة الطمأنة على سير الانتخابات، فاتخذ قرار بتمديد عمل لجان الاقتراع التي تأخرت ، وتم وقف مأمور شرطة بقسم عين شمس عطل عمل لجان الاقتراع ، كما تعامل الجيش بحزم مع محاولات لتعطيل الانتخابات بأسيوط. وغابت عن انتخابات مصر مع انطلاقتها الأولى مظاهر كانت تلازمها، مثل هجمات من يوصفون بالبلطجية، وتعطيل عمل اللجان، وسيطرة الأمن والموظفين الرسميين على الصناديق، وفي مرات كثيرة اقتحامها وتفريغ محتوياتها. وذهب محللون ومراقبون لتفسير مشهد الإقبال الكثيف للمصريين ، وحالة الانضباط العالية برغبة «الأغلبية الصامتة» على إيصال صوتها، وتكرس ذلك بتأكيد العديد من الواقفين في طوابير الانتظار أنهم يقترعون للمرة الأولى، إما حقيقة أو كناية عن أن أصواتهم لم تكن تصل بسبب التزوير الذي ميز انتخابات العهد السابق. ويرى الخبير بمركز الأهرام للدراسات عمرو هاشم ربيع أن المناخ الديمقراطي في مصر اليوم هو البطل الحقيقي الذي استفاق عليه المصريون في اقتراع اليوم. وقال إن الإقبال المفاجئ والمنضبط على صناديق الاقتراع والمغاير تماما لأحداث المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الأيام الماضية يشكل ضعفي نسبة المشاركة في أي انتخابات سابقة. واعتبر أن مشهد مصر في الانتخابات اليوم يكشف عن عطش المصريين للثورة وخوفهم عليها من الاختطاف. وبرأيه فإن الإشراف القضائي على الانتخابات من البداية للنهاية، وتسهيل الاقتراع ليكون على الرقم القومي وغيرها من الإجراءات أدت لمشهد الحشود أمام صناديق الاقتراع. ويذهب ربيع إلى حدَّ توقع أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات بكل مراحلها إلى نحو 70% في كل المراحل. ويتوقع الخبير المصري أن تشهد الغالبية العظمى من مقاعد التنافس الفردي إعادة وبنسبة ربما تتجاوز ال90%، نظرا لحدة التنافس على هذه المقاعد. وقال إن « نسبة التنافس في القاهرة على المقعد الفردي الواحد تبلغ نسبة 59 إلى 1، وتصل في الساحل إلى 76، وأقلها في الفيوم وتبلغ 22 على المقعد الواحد وهذا ضعفا عدد المتنافسين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك». ويتنافس 3809 مرشحين على 168 مقعدا فرديا في المرحلة الأولى فيما يتنافس 1452 على 112 مقعدا على القوائم في المرحلة ذاتها التي يحق لأكثر من 17 مليون مصري الاقتراع فيها. ولا يتوقع ربيع أن تفوز أي قوة بالأغلبية المطلقة في البرلمان، لكنه يرى أن التيارات الإسلامية هي المرشحة لنيل العدد الأكبر من المقاعد. ويتفق النائب السابق في البرلمان وأستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان جمال زهران على أن التيارات الإسلامية ستحصل على العدد الأكبر في الانتخابات لكنها لن تحصل على الأغلبية. وقال « الإسلاميون والقوى الثورية لم تحصل على الوقت الكافي للإعداد للانتخابات ، وأتوقع برلمانا مختلطا من هذه القوى ومن فلول النظام السابق والتيارات الأخرى » أستاذ العلوم السياسية يذهب للقول إنه لا يتوقع أن يكون البرلمان المقبل «برلمان الثورة» . وأضاف « أيضا هذا البرلمان لن يكون برلمان حسني مبارك الذي يجري تعيينه، لكني لا أتوقع أن يكون مقدار التعديل في الخارطة السياسية بداخله حاسما». ويرفض زهران التوقعات بنسبة مشاركة كبيرة في الانتخابات ، ويقول إنه لا يتوقع أن تتجاوز نسبة المشاركة ال30%، وهي ضعفا نسبة المشاركة في الانتخابات في عهد مبارك، كما يقول.