موقف المقاطعة للانتخابات التشريعية المقررة ليوم 25 نونبر 2011 ، يستدعي إبداء العديد من الملاحظات من أجل تعريته وإثبات عدم صوابيته، ولكونه موقفا عدميا للأسف الشديد تتخذه قوى سياسية لا ندري على ماذا تراهن؟ ... لعل أبرز هذه الملاحظات هو كون بعض هذه القوى التي قررت مقاطعة هذه الانتخابات سبق لها نادت بموقف المقاطعة إبان الاستفتاء الدستوري الأخير. - أن بعضها الذي قاطع ذلك الاستفتاء يشارك الآن في الانتخابات الحالية !.. - أن حركة 20 فبراير تدعو الآن إلى مقاطعة الانتخابات بالرغم من كونها انقسمت في الموقف المتعلق بالاستفتاء الدستوري ، وهذا لا يدل فقط على هيمنة التيار المقاطع وقوة تأثيره على قراراتها بقدر ما يدل على ضعفها بسبب انسحاب أغلب مكوناتها، وهو ما يفسر تراجعها الملحوظ عن مطالبها المتعلقة بمحاربة الفساد وهي بذلك تقدم خدمة مجانية للمفسدين وتعبد لهم الطريق للاستحواذ على المؤسسات الدستورية التي يعرفون أهميتها. - كيف يمكن تفسير تراجع الحركة عن سقف مطالبها المحدد في السعي لتحقيق الملكية البرلمانية ومحاربة الفساد والمفسدين ؟ - أحد مكونات حلف للمقاطعة ذهب إلى نزع الشرعية عن الانتخابات التشريعية الحالية لمخالفتها في نظره للدستور الذي يشترط حل البرلمان شهرين قبل موعد الانتخابات . فأي دستور هذا الذي تحتمي به وهي رافضة له أصلا .. ؟ - موقف المقاطعة في الأدبيات السياسية كان في السابق وسيلة للضغط والمراهنة على تغيير موازين القوى لصالح الموقف، فأصبح الآن موقف المقاطعة مجردا من غاياته وأصبح يكتسي صبغة أقل ما يمكن نعتها به أنه موقف واهم يهدف إلى تأزيم الوضع وجعله يواجه المجهول ... - الديمقراطية لا تنمو مناخ التأزيم ولا تستقيم في ظل الغموض ، بل هي نبتة تولد وتنمو وتترعرع و تزدهر في مناخ الوضوح والشفافية والمسؤولية. - هناك من يقاطع الانتخابات وموقفه امتداد لموقف رفض الدستور بالرغم من كون المبررات لا ترقى إلى مستوى الموقف . - هناك قوى تنتمي لصف اليسار الديمقراطي شاركت في الاستحقاق الانتخابي التشريعي الأخير. وفي إطار دستور لا يرقى إلى مستوى الدستور الحالي واعتبرت موقفها آنذاك أي المشاركة، هو موقف من أجل البناء الديمقراطي، فماذا تغير الآن وما ذا حصل ؟ - قوى منها من ينتمي لليسار الجذري المتطرف ومنها من ينتمي لليمين الديني المتطرف تجتمع حول موقف واحد هو المقاطعة، سواء للدستور أو للانتخابات . هذه الأخيرة تصرف موقفها الرفضوي في مواجهة الدولة عبر آلية 20 فبراير، فهو بذلك موقف يعبر عن اتجاهها السياسي بعد أن انسحبت باقي التعبيرات المجتمعية المدنية والسياسية ليصبح للحركة موقف سياسي بعد أن كانت أصلا منذ لحظة التأسيس حاملة لمشروع ديمقراطي لقي تعاطفا من طرف الجميع . نداء العقل والضمير يستوجب استحضار مصالح المواطنين المغاربة في الاستفادة من ثمار نضال القوى الوطنية الديمقراطية، وترجمة المكاسب الديمقراطية والدستورية إلى إجراءات عملية و تنزيل القواعد الدستورية تنزيلا ديمقراطيا من أجل كسب الرهان ومن أجل الاستجابة لمتطلبات الراهن السياسي وطنيا وعربيا ودوليا. من أجل ذلك فورقة التصويت واستعمالها هو الوسيلة الأولى والأخيرة في هذا المسار . فالتصويت واجب وليس حقا والمشاركة في التصويت وفي الانتخابات موقف مسؤول . وقديما قال الفقهاء:" ما لا يصح الواجب إلا به فهو واجب " ونقول الآن " أنه لا مواطنة بدون الوعي بالواجب والقيام به على الوجه الصحيح".