« ما هي الحياة المدرسية ؟ يقترح(ليدوفيتش برول) التعريف التالي : « تنظيم مهدى للتلميذ ولأسرته بمشاركة جميع العاملين في المؤسسة المدرسية ، بغية نسج علاقة للعيش سوية» .الحياة المدرسية في تطور مستمر بفضل دينامية راسخة في التجديد استنادا إلى أخطاء العملية التعليمية وإخفاقاتها من أجل إدماج كوكب (التربية) في الفضاء البيداغوجي ، وإذا كانت الحياة المدرسية احتفظت اليوم بوثوقيتها ، فلأنها أبقت على دينامية أصولها ولكونها كذلك عرفت كيف تتلاءم مع متطلبات المؤسسات المدرسية « الحياة المدرسية فضاء متمازج من التجارب عندما ظهرت في إطار تجديد التعليم التقني ، ثم في مشاريع التحول الذي طال المدرسة ، شكلت الحياة المدرسية رأس الحربة في إصلاح المدرسة الديمقراطية ، ذلك أنها التحقت بتيار تجديدي أوسع سعى إلى تغيير المضامين ، الأشكال ، وطرائق المدرسة التقليدية ، بمعنى ، شطب الأسلف التأديبي والثقافة المتكلسة المرتبطة به لفتح مكان لتفتح التلميذ(ة) ، إسقاط حواجز الإكراه لجعل الطريق سالكة لاستقلالية التلميذ وحريته ، فالرافعة الحقيقية للتربية لم تعد البثة هي الانضباط ، بل الحرية ، الإبداع والثقة في الطفل ، كذلك لم يعد الهدف الذي تتوخاه المدرسة هو نقل معارف جامدة ، بل بناء قدرات فردية واجتماعية. تجذرت الحياة المدرسية في التنظيم العام للمؤسسة المدرسية في وظائف من صميم التقليد المدرسي ، بمعنى مراقبة المواظبة ، وبالتالي أصبحت الحياة المدرسية هيئة قائمة بذاتها داخل المؤسسة المدرسية ، بحيث مكنت الحياة المدرسية من التعايش داخل المدرسة لنمطين من التنشئة متباينين تماما : المراقبة المستمرة من التقليد المدرسي ،التقييم المرتبط بالمراقبة التربوية . إلى جانب تنظيم فضاءات وأزمنة التعليم ، كانت الحياة المدرسية تستجيب لانتظارات المدرسين ، التلاميذ وآبائهم لتفادي القطيعة ، ومن تم أصبح التعاون مع هيئة التدريس وظيفة صريحة في الحياة المدرسية ، بحيث أن تبادل المعلومات حول التلميذ ، تفهم الصعوبات التي يعاني منها ، تتبع مساره المدرسي وصولا إلى مجلس القسم والمساعدة التي سنقدمها له ، إن تلك الأمور هي التي تهدئ العلاقة التربوية . ليست الحياة المدرسية إذن «مكملا روحيا» ، إنها فضاء متمازج من التجارب التربوية مندرج ضمن برنامج اكتساب الكفايات الاجتماعية والمواطنية للتعليم ، يتعلق الأمر فعلا بجعل التلميذ في صلب المنظومة ، بتمكينه من الكفايات الأساس، من ثمة تتطلع الحياة المدرسية في اتجاه الانزياح من الفضاء الجماعي الذي ربطت فيه ، إلى حياة التلميذ الذي أصبح انشغالا مركزيا للمدرسة . ما يخلق رهان الحياة المدرسية اليوم ، هو جانبها البراغماتي والمفتوح ، فضاء لتجديدات لا يكتفي بطرح أسئلة ، بل يتلاءم ويتعاطى بالوسائل المتاحة مع التحولات السياسية والاجتماعية للمؤسسة المدرسية من أجل التفريج عن القضية التربوية ، يتعلق الأمر بنسج علاقات مع المدرسين والآباء والإبحار على حدود التنظيم المدرسي . تتحرك الحياة المدرسية في تخوم الفصل الدراسي ، إنها ترتقي داخل الهامش للاستمرار في تمدرس التلاميذ في قطيعة مع المدرسة ، لا نتوقع ما يصدر عنهم ، وأحيانا عصيين على التسيير . إذا كانت الحياة المدرسية خليط هجين ، حيث لا نجد إلا ما جئنا به إليها ، فإنها اليوم تبدو وقد دخلت إلى مرحلة انتقالية في علاقة مع تنفيذ إصلاحات داخل التربية الوطنية . من الآن يتوجب على المؤسسات المدرسية العمل بصيغة أخرى في مسعى لمشروع هادف في نفس الآن إلى خلق تماسك داخلي ، وكذلك إلى تقديم حسابات بخصوص استعمال المال العام . هكذا ، يتوجب التركيز في «حياة التلميذ» على خمس رافعات أساسية وهي الحياة المدرسية والتربية على المسؤولية و الصحة المدرسية ومواكبة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة و الفعل الاجتماعي والاستقبال وخدمة التلاميذ . في هذا المنظور يخشى أن تجد المهمة التربوية للمدرسة -التي تندرج ضمن الأمد الطويل ، والتي تتطلب الوقت لكي يفهم التلاميذ المسعى المقترح ويمتلكون المعارف والقيم المنقولة - أن تجد نفسها مختزلة في منطق كمي خالص حيث الأرقام هي الرابحة . الحياة المدرسية بالنسبة لكل طرف بإمكان مشروع خاص للحياة المدرسية مشروع متمفصل حول مشروع المؤسسة ، أن يقدم ثانية محتوى مهيكلا ومعنى للعمل التربوي بخلق صلات وتكامل بين المبادرات المتخذة ، بتحديد مجالاتها وبإقامة تعاونات ممكنة ، بتفادي تجزيئها أو تجاورها . الحياة المدرسية بالنسبة للتلاميذ هي مكان حيث يأتون لتسوية الغيابات والتأخرات ، الاطلاع على تغيبات المدرسات والمدرسين . هي بالنسبة للمدرسين مكان حيث يأتون للاطلاع على وضعية الصعوبات التي تصادف التلاميذ ، ولكن كذلك البحث عن المعلومات حول تنظيم المؤسسة ، إلا أنه للأسف إن الحياة المدرسية تبقى في غالب الأحيان في المجال الجماعي مصلحة المستعجلات للمؤسسة ، تلك المصلحة التي نلجأ إليها عندما تتدهور الوضعية داخل القسم ، والتي نوجه إليها التلاميذ الذين لم نعد نرغب بوجودهم داخل القسم ، وبالنسبة للآباء نلاحظ للأسف أن الحياة المدرسية تتلخص في جزئها التأديبي الصرف في جانب المراقبة . الحياة المدرسية خدمة موجهة نحو التلاميذ ، بحيث يتوجب أن تكون قضية كل المجتمع التربوي ، إنها تأخذ مكانا لها بتكتم إلى جانب التلاميذ بغية تمكينهم من الدراسة ، من التطور ومن النمو في أمان في احترام للقواعد الاجتماعية ، فمن مجرد تذكير بالقواعد إلى الإنصات إلى الأفراد في حالة معاناة (تلميذ ، أستاذ أو آباء) مرورا بتدبير المواظبة لدى التلاميذ والتنظيم الوظيفي للمؤسسة ، تأخذ الحياة المدرسية القلب الحقيقي للمنظومة المدرسية مكانا راجحا داخل المؤسسة . إنها ليست في ملكية مجموعة صغيرة من الأشخاص ، بل هي لجميع الفاعلين داخل المؤسسة ، وفي مشاركتهم سيتوقف مناخ المؤسسة المدرسية في غالب الأحيان توضع مسافة بين البيداغوجية والتربية ، فالأولى قد تكون خاصة بالمدرس ، في حين أن الجزء التربوي هو من اختصاص الحياة المدرسية . وعلى الرغم من هذه الفكرة تسير نحو الزوال سيما داخل المؤسسات حيث التعاون ضروري وحيث تقاسم المهارة ضروري ، فإن الكثيرين ما يزالون يعتبرون الجزء التربوي على أنه يشكل جزء من الأعمال الواطئة التي لا تسمح الحظوة الاعتبارية للمدرس أو لرئيس المؤسسة بالتكفل بها . بيد أن التجربة أكدت أنهما متكاملان ، كيف يمكن للمدرسين الادعاء بتمرير المعرفة الانضباطية إذا لم تكن شروط الإنصات قائمة في القسم ؟ لهذا من الضروري والأساسي أن يقبل المتخصصون في التربية بالدخول إلى عالم بعضهما. من الأساسي كذلك أن يقام حوار وثقة متبادلين بين الحياة المدرسية والمدرسين ، حوار يكون أكثر أهمية إذا ما أولت إدارة المؤسسة للحياة المدرسية دورا أقل تقنيا . الملاحظ هو أن المدرس يدرس والحياة المدرسية تدبر التغيبات ، يتوجب أن تدبر الحياة المدرسية المداومات ، تبعات غيابات جميع الأطراف ، أي المدرسين والتلاميذ. في زمن الجذع المشترك للمعارف والكفايات ، ما هو دور الحياة المدرسية ؟ لكي تستجيب مبادرة تربوية لمشروع ، يجب أن تكون ذات وثوقية ، فعلى الرغم من التحسنات المتعددة ، فإن إشكاليات العنف ، مغادرة المدرسة والتغيبات ما تزال تتسبب في هشاشة سير المنظومة التربوية . تبين صعوبة التغلب على تلك الظواهر أنه من الضروري إعادة النظر في الفعل التربوي وإعادة تحديد صورته . إن إعادة تحديد صورة الفضاء التربوي ، تسطير حدوده وتوضيح توجيهه ، أمور تترافق بالضرورة مع إعادة تموقع الفاعلين . الحياة المدرسية : ما هو خارج الدرس عندما تشتغل المنظومة التربوية بشكل أوسع على نمط « البيروقراطية الاحترافية» ، فإن مفهوم «الحكامة» يمكن أن يكون مفيدا لكي يتم التعامل بجدية مع استقلالية المؤسسات . يزداد وجود الحياة المدرسية في مشاريع المؤسسة ، كما أن غالبية تعاقدات الأهداف تتضمن على الأقل عنصرا من قبيل تلك الموضوعتية مع ذلك فإن هذا المفهوم ليس مستقرا دائما . في هذا السياق ، يمكن أن يكون مفهومان مفيدان : مفهوم الحكامة للنظر في نمط جديد لسير المؤسسة المدرسية ، وكذلك مفهوم «حياة التلميذ» الأكثر وثوقية وأكثر عملية من «الحياة المدرسية» . ما هو وضع الطفل داخل المجتمع ؟ ما هو وضع التلميذ؟ ثمة مفهومان يتقابلان ، إما أنه صبي مواطن وإما أنه مواطن بالكامل . إن تعويض الحياة المدرسية ب «حياة التلميذ» معناه الوعي بواقع الفتى أو تلميذ اليوم . هل هناك بيداغوجية للحياة المدرسية؟ على الرغم من أن المدرسين يظلون هم المتخصصون في نقل المعارف ، أليس صلب الحياة المدرسية سواء بالنسبة للمدرسين أو للتلاميذ وأوليائهم هو تسهيل وجعل هذا التعلم ممكنا ؟ يمكن أن تكون منهجية الفعل التعليمي جزء من برنامج تمرن على العمل الذهني . تقليديا نتحدث عن حياة مدرسية لمعالجة ما هو خارج الدرس ، ما هو خارج الانضباطي ، بمعنى آخر ، ما ليس متوقفا على مؤسسة مدرسية ما يجعل مركزها وصلبها المعرفة المتوجب إيصالها ، كما لو أن الحياة هي الباقي المترسب ، ما يبدأ عندما ينتهي الدرس ويتوقف عندما يبتدئ الدرس ، أو بمعنى آخر ما يجب أن ينوب عن الدرس عندما لا يكون التلميذ حاضرا فيه . عادة ما تهتم الحياة المدرسية بمجموع اختلالات التلاميذ ، لكتن على اعتبارهم كأفراد لا كمنتمين لمجموعة في قسم ، أو مجموعة في مؤسسة ، من الطبيعي أن الحياة المدرسية مفتاح أساسي للجهاز المدرسي ، معرفة من يتغيب ، من يأتي متأخرا وما هي الأسباب؟ الكلمات مهمة ، لماذا تعني الحياة المدرسية مكتبا داخل الإعدادية التي يدرس بها أطفالي ؟ «ذهبت إلى الحياة المدرسية ولم أجد أحدا ، لدينا ساعة من الحياة المدرسية في الأسبوع « هذه العبارات تضحكني . خارج ساعات الحياة المدرسية ماذا هناك ؟ الصوت المدرسي ؟ الحياة المدنية ؟ عن مجلة :cahiers pèdgogique : « la vie scolaire l'affaire de tous »