1 - محطة أولى في الفلك ما يكفيني لأرسم حدود اشتهائي.. لكن ، لعيونك بقية يا منسية كآلة حرب عتيقة . متآكل صوتنا ...أتذكرينه حين غنى؟ حين كنا صغارا نقتفي سرب يمام قبيلتنا ، و كان لكل دار سور ..و دارنا بلا ملامح كانت . كم وشاحا ارتدت الريح التي طلقت عطرنا ؟ جالس كعادة الموج أراقب الزرقة تعبر السطح ، أو صامت . مللت طقوس الحكايا مللتها إذ أبكت جارنا الأرمل الوحيد .. هنا ، في مكان يشبه الصيف ألقت بي المتاهة و اخترت مثلهم .. فمن أنا لأخون شرع المدينة و أفصل الحلم ،.. لازال بيننا «ما يستحق الحياة».. كذا سيرتنا ضباب .. فها نحن نكرر القصيدة بلونين ، أعلم سيتهمنا شاعر غابر بالخواء ،و يؤلب ضدنا استعاراته المنتحرة. و لن نخشى.. عهدنا الرجم يا خطيئتي ..
2 - محطة ثانية .................................. و كذا في نعي الوجع القديم ، لم تكن أسئلة المسافرين هي ذاتها . لخيبة أو لتذكار، كان نشيد الرمل يعيد الصحراء من مغبتها الشريدة .. وكنا ،أنا و أنت طفلان يمرغان وجه الضوء في وحل القصيدة . والآن ، يسكنك ريش نرجسي ..قد لا تنتمي إليه .. و يسكنني ذاك الطفل الراسخ في الحنين. ورقا تعتق في دوخة المساءات ،تبعث صبوتي .. و أسجل -كما الأنبياء يفعلون- كل التعاليم و العظات ، واحدة ،واحدة ثم أراك تاركا قمرك . هبني هسيسا لأمتع رحلتي بيباب هو للحج أقرب .. هبني سلالة أحجيات لأتلهى على مدى الأبدية ،إن عشت أو غنيت .. يا غربتي في مدن الدجالين و الأحقاد ، أيكفيني سرب مرايا لأنكشف بي ؟ أم تشبعني ألوان جدراننا الآيلة للفراغ؟ سوف أحصي منذ اليوم بعض الملامح و حين أنتهي من عقوبة العد، سأسقطك من مسافتي و أنسحب . لسنونوة سأعترف بولع الهجرات و في المدى سأقترف دربا ،فجبلا... فمن سيحميني إن أنا كررت الضياع ؟؟؟ تلك هواجس العمر بل تلك سيرة تلاحق ظلها ... 3 - محطة ثالثة .............................. ثم مالت كفة السيرة نحو اليباب و جلسنا نقتنص العناصر ، نقتفي حرفة الغابات .. فجأة، طلت من شرفة الروح شهوة الشجر و عشقنا «الأكاسيا»... صارت كائننا المدلل كلما عبرنا المفازة ، صارت علة الرهافة . قرأنا «قصيدة الريح « حين كان «هيرش» يتقمص صولاتها .. و بكينا ذكرى المطر ، إلى أن بزغ اعوجاج السراب .. « واها على اندلاع الحرائق في المنافي « تلك صرخة الرائي المكتومة .. هو الذي زعم ? وحروف الحكاية تزين عصاه- أنه رآنا قبل حولين ، نتزوج فكرة و نبايع بجنون دالية الأسرار .. « ما كذب سارق النبوءات» ، قالت فراشة .. فهل ترانا صمتنا ؟؟؟ مديد حلم النوارس و إن ضاع لم نصمت ، كنا قاب قلبين أو أعلى من أركان الخرافة . و إذ الطريق فاتنة ، وقفنا ... و انقلبنا على «بودلير « و أزهاره الشريرة ثم اخترنا كتابا آخر حيث لكل طفل لوح ، و على كل لوح أمنية .. كنا قد بلغنا طوق المقدس. فنيا تََهُمُّنٍي صداقة ضيف الله ولا أتردد بالمناسبة في القول إما تلميحا أو غمزا أو إشارة: إنْ هَذَا إِلاَّ ضَيْفَ اللّهِ وبالتالي فهو ليس عدو أحد، ولا عدو الله فغيره كثير ينكبون على هذه الرسالة عن طيب خاطر ، فيما يفضل هو التغني بحب نفسه ومن حواليه بتفان عزٍَِِّ نظيره. أجزم بما سبق ذكره جزما وأكاد أقسم وعيناي معصوبتان باليدين أنني أستطيع بدون مبالغة أن أتبين شخصيتَهُ بين الملايين، في ظلمة أو عتمة أو زحمة. أيضا أستطيع أن أميزه عن غيره همسا أو لمسا دونما حاجة إلى قرائن تذكر.فمع ضيف الله تنتفي كل العوالق المعيقة لسيولة التذوق في حفر مجاريه بيسر في التربة الخصبة للوحة ، كمكنونات ودفائن ذات هيبة جمالية رفيعة المستوى. رُبما يعود الفضل في ذلك إلى نوع من التآخي الناظم لكل المكونات المؤسسة لهوية اللوحة، فتبدو المادة في صميم ماأعدت له وتبدو الخطوط والأشكال والعلامات تواقة إلى صفائها الأولي وإلى المعنى الذي يقذف بها إلى حيز الشهرة. وهي إذ تتعايش في وئام بدون خلفيات وأفكار مسبقة أو مبيثة ? يُحرض بعضها على بعض ويدفع إلى الحدود القصوى للمناوشة ? لايفوت ضيف الله أن يعمق مشاعر المحبة والانسجام باستنهاض كامل القوى الدلالية لعناصر منجزه الفني واضعا في حسبانه حقيقة أن تسهيل مأمورية العين وجها لوجه أمام العمل الفني أو لنقل درجة استقطابها إلى جانبه تتوقف على وعي الفنان بسؤال الإبداع من حيث مبتغاه المنشود الذي هو في الأول والأخير،الإحساس بالمتع والمسرات تأتيك من كل حذب وصوب. وهي الوازع الذي ليس بعده وازع أي المحرك الفعلي لنزعته الجمالية. الليل بطل أعماله والنهار ضيف عزيز عليها. وبقدر ما تتسع خرائط الإثنين في عينيه تضيق الهوة التي تفصل العالم إلى شطرين إمّا أبيض إمّا أسود. وتنفتح السبل الآمنة أمام قبائل الألوان في الكر والفر ، ومن يتابع المشهد عن كثب يشعر بمولد جديد وإسم جديد وعنوان جديد وكأنه خرج للتو من حالة استجمام أو استحمام ، وقد أُزيح عنه غبار سفر عميق. عادة ما يخلف آثارا محمودة على الروح والجسد معا. كيف نجعل الأبجدية تسعد بمفاتنها صَوتًا وصُورةً ! كيف يُؤجج اللونُ حرارته الداخلية ؟ كيف يحضر الشكل بقده وقديده وهامته مرفوعة إلى السماء؟ فكل من زاويته يطول ويقصر يَشَْرُقُ ويَغًََََْرُبُ ، إنها لعبة الظل والعطر،حين ينطلقان من جوهرهما صافيين عذبين رقراقين بخيراتهما التي تتجه رأسا صوب الإنسان. أَََيُها الإنْسَان أَََلاَ يَكْفيكَ هَذَا .. !! ؟ . هذه رؤوس أقلام قد تكون رؤوس أمواله وهي بصدد التصريح بنفسها ونفيسها والإعراب عن مودتها الخالصة أمام الملأ . لا يترك ضَيْفَ اللهِ الفرصة تمر مرور الكرام ، إنه يأخذ زمام المبادرة ويرفع الإيقاع إلى المستويات اللائقة بشعرية الحدث. يُدََللها دَلاَلاًً يلاطفها برقة ، يحرص على تأمين حيويتها، يجردها من كل الهواجس المسيئة إلى هويتها.ينفض أصابعه من كل هذا الثراء ملقيا به في رحاب اللوحة ،خالقا بذلك سعادة لا يخطئها بصر وبصيرة يريان جليا إلى الأمام ويدركان أكثر ما معنى الانتقال من حال إلى أحوال . إننا بتعبير آخر بصدد صناعة لا تزدهر إلا بدعم مشروط من خيال فنان ترشح أصابعه أنوارا تبدل الغالي والنفيس لترجمة الليل والنهار إلى حكاية قُزَحية لدى العميان، حكاية لا تُحْكَى ولا تَنْقال بل تُلمس وتُشم وتُذاق وتُؤخذ على محمل الجد إلى المثوى الأخير للكلام. نُور الدِّينْ ضَيْفَ اللَّه فوق كونه إِسْمًا ولَقَبًا وكنية هو قبيلة ألوان حدث أن سَقََطَت دفعة واحدة من السماء ونزلت ضيفا ميتافيزيقيا على الأرض فنمت وترعرعت وصارت زهية زاهية ملأ العين !! لكم تمنيت شعريا من الأعماق: لو أن الفتى لون لا دم ولا لحم ولا حجر وها قد بَلَغَت القصيدةُ المراد.