سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ندوة مشتركة لأحزاب اليسار : «اليسار ومستقبل المغرب» الراضي: اليسار قام بواجبه في الماضي و الحاضرلبناء المستقبل بنعبد الله: المطلوب الاجتهاد في خلق قطب حداثي ديمقراطي الخياري: اليسار مؤهل تاريخيا لتحقيق الاستقرار والأمن
«أن حجم التغييرات المطلوب انجازها، ورفع التحديات الجديدة ، ومواكبة الإصلاح الشامل الذي نحن على أبوابه, ثم المساهمة الفاعلة في تنزيل الدستور، يجعل من تكتل أحزاب اليسار ووحدتها ضرورة تاريخية وإستراتيجية لا يتوقف عليها مستقبل اليسار فحسب, ولكن مستقبل الديمقراطية في البلاد، لأنه لا يحقق الديمقراطية إلا الديمقراطيون والمقتنعون بأولوية التحديث وضرورته على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، هذا جزء من الكلمة التقديمية التي ألقتها أمينة أوشلح عضو المكتب السياسي في بداية افتتاح الندوة المشتركة التي نظمتها أحزاب اليسار الثلاثة: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية، في موضوع «اليسار ومغرب المستقبل» مساء يوم الجمعة الماضي بالمقر المركزي للاتحاد بالرباط. لقد أكد عبد الواحد الراضي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في هذه الندوة التي عرفت حضورا كبيرا لمناضلي الأحزاب الثلاثة، على أن المستقبل رهين بالحاضر، كما أن الحاضر رهين بالماضي، لذلك المطلوب منا اليوم,أكثر من مضى, أن نحدد آفاق هذا المستقبل, مبرزا أن اليسار لعب دورا أساسيا منذ الاستقلال بالمغرب في الدفع بعجلة التغيير والتطور والنضالات التي خاضها اليسار من أجل انتصار قيم الحداثة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة. وأضاف الكاتب الأول للحزب على أن مسيرة التحديث والتطور مرت في ظروف أليمة، لأن في بداية الاستقلال، اليسار والوطنيون آنذاك واجهوا قوى محافظة قوية وشديدة قامت بكل ما في وسعها كي يبقى المغرب بلدا محافظا وغير متقدم، مما جعل اليسار يأخذ مشعل معركة الحداثة والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة وحقوق الإنسان، مسترشدا في هذا الصدد بأن من يحتاج إلى دليل على الضريبة التي أداها اليسار لما يزيد عن 40 سنة، ما عليه إلا أن يطلع على حصيلة هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة في أرشيفها ليتبين عدد الضحايا الذين ينتمون إلى اليسار. لذلك يقول الراضي أن العديد من المكتسبات و على جميع الأصعدة إبان الاستقلال, كانت نتيجة العمل والمعارك التي خاضها اليسار، كما أن ما تحقق في بداية التسعينيات الى دستور 1996 الذي تم التصويت عليه بنعم من اجل خلق التوافق ما بين المؤسسة الملكية واليسار للدخول في تجربة التناوب التوافقي كان كذلك بفضل اليسار وبعض القوى الوطنية. وسجل الراضي أن في سنة 2011 ، اليسار قام بواجبه وتحمل مسؤوليته كاملة، في إقرار دستور جديد، هذا الدستور الذي ناضل من أجل اليسار عدة سنين، فأضحى اليوم واقعا ملموسا ومكسبا من مكاسب البلاد، كما أنه خاض معارك من أجل إقرار قوانين مؤطرة للانتخابات المقبلة بهدف توفر البلاد على مؤسسات تمثيلية حقيقية تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب المغربي وتتمتع بالمصداقية والشرعية. وذكر الراضي بهذه المناسبة، أن اليسار قد قام بواجبه في الماضي وتحمل مسؤولياته في الحاضر، فيجب أن يضطلع بكل اعماله ومسؤولياته في المستقبل، خاصة وأن البلاد مقبلة على نشاط تشريعي هام سيرهن مستقبل المغرب لعشر سنوات المقبلة، لأن الدستور الجديد يتطلب من أجل تطبيقه وتنزيله التنزيل الصحيح الدراسة والتصويت من قبل المؤسسة التشريعية على ما يزيد عن 21 قانونا تنظيميا، ومن هذا المنطلق يقول الراضي يجب أن نكون واعين بالدور الذي سيلعبه اليسار في المستقبل، هذا الدور الذي سيكون دورا طلائعيا في مغرب الحداثة والديمقراطية والتضامن. وشدد الراضي على أن حضور اليسار بشكل وازن في الساحة السياسية لا يمكن أن يكون في ظل التشتت والتفرقة, بل يجب أن يكون يسارا قويا موحدا وملزما, بأن يرسل الرسائل الضرورية للجماهير الشعبية, هذه الرسائل التي تهم حياتهم ومعيشتهم اليومي، ومتواجد بقوته الاقتراحية والحلول التي سيقدمها للشعب المغربي وبلاده، وهذا يتأتى بواسطة تأطيره للقوات الشعبية وتمثيلها في كل المؤسسات التمثيلية والتنفيذية المسؤولة على تخطيط وتنفيذ السياسة العمومية وتحقيق التنمية المستدامة. ومن جهته, اعتبر نبيل بنعبد الله, الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في مداخلة له، أن هذه اللحظة لحظة تاريخية بامتياز وانتظرها «شعب اليسار « سنين طويلة، مشددا على أن اللقاء سيعطي إشارات قوية وذات دلالات سياسية لفئات عريضة، منها الفئات الحاضرة والغائبة، الفئات الحائرة، وحتى الفئات المعاكسة لمشروعنا المجتمعي السياسي الاقتصادي الاجتماعي والثقافي الذي يستجيب لانتظارات الشعب المغربي . وأوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن ما وقع في البلاد من صراعات وكفاحات ونضالات كان مابين قوى محافظة بألوان مختلفة كانت تسعى دائما لتحريف مشروع الإصلاح ليخرج عن سكته، وفي المقابل كانت هناك قوى تقدمية يسارية تسعى لتكسير هذا المنحى الانحرافي المعاكس للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالمطلوب اليوم كيسار الإنصات إلى ما تم التعبير عنه في المجتمع وما يعبر عنه داخل أحزابنا لنسير موحدين في اتجاه بلورة مشروع اليسار على أرض الواقع الذي نتقاسم أسسه وقيمه ومبادئه ومرجعيته. ونبه بنعبد الله كل الذين يريدون أن يخلطوا الحابل بالنابل، والذين يزعمون أن كل «ولاد عبد الواحد واحد»، أن المعركة الدستورية بالمغرب معركة ليست وليدة اليوم، فهي معركة مرتبطة بجينات الأحزاب التقدمية واليسارية بالمغرب، و أن الضبابية التي نحياها اليوم ناتجة عن تبخيس السياسة والعمل الانتخابي والحزبي، ويذكر بنعبد الله في هذا الصدد بأن هناك مقومات ومبادئ وقيم ونحن أصحاب هذه القيم والمبادئ، ونعلن بالوجه المكشوف أن الديمقراطية والحداثة والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتوزيع الثروات وغيرها من المبادئ والقيم التي بإمكان البعض أن يسطوا عليها اليوم فهي من صنع اليسار. ودعا بنعبد الله في آخر مداخلته الى أن تكون مساهمة اليسار قوية وموحدة من أجل بلورة كل الإصلاحات المتبقية والتي تدخل في إطار تعاقد سياسي من أجل بناء دولة حديثة وعصرية، وأن تجتهد أحزاب اليسار من قطب حداثي ديمقراطي إلى تحقيق حلم الأفق المتعلق بحزب اشتراكي كبير. أما بالنسبة للتهامي الخياري الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية، فقد شدد على أن هناك البعض في المغرب من رجع الى أطروحة «نهاية التاريخ» واعتبر أن ليس هناك لا يسار ولا يمين، في حين يقول الخياري أن وجود اليسار و اليمين, سواء في المغرب أو خارجه حقيقة ساطعة لا يمكن مداراتها أو محوها، معتبرا أن هذا اللقاء في حد ذاته اعلان صريح بأن هناك قيما لليسار لازالت حاضرة وأن اليسار موجود، وبرهان ذلك ما خلقه اللقاء من حركية داخل الأوساط السياسية والإعلامية. وتوقع الخياري أن يتحمل اليسار المغربي كل مسؤولياته في هذه المرحلة الدقيقة كما تحملها من قبل, خاصة في عهد حكومة التناوب التي قادها المناضل عبد الرحمان اليوسفي، وبإمكانه أن يضطلع بالمهام المستقبلية المتمثلة في تنزيل وتنفيذ مضامين الدستور وإخراج القوانين التنظيمية التي نصت عليها مقتضيات دستور 1 يوليوز، وذلك لما يتوفر عليه اليسار من إمكانيات بشرية متخصصة ونخب سياسية متمرسة، وقادرة على تحقيق انتظارات الشعب المغربي في العيش الكريم في إطار دولة الحق والقانون والمؤسسات. كما حث التهامي الخياري اليسار على الارتباط بالمعيش اليومي لأفراد المجتمع المغربي الذين ينتظرون رسائل قوية تبعث الثقة والأمل في تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد واليسار مؤهل تاريخيا لضمان الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.