فاجأ مدير مكتب التكوين المهني بتاريخ 20 شتنبر كافة المستخدمين بمذكرة يستعرض فيها بطولاته التي أنجزها من منذ تنزيله لمقتضيات القانون الأساسي الجديد، الذي دخل حيز التطبيق في مارس 2003، فقد أصر السيد المدير على البقاء من دون أن تهز عرشه لا فضيحة المكونين المتعاقدين ولا الشبهات التي حامت وتحوم حول المستفيدين الحقيقيين من تطبيق القانون الأساسي الجديد ومن بروتوكول ما يسمى بإعادة الترتيب ومن عقدة التأمين والعقود الخاصة للتكوين وتعيين الأقرباء والمقربين في مناصب المسؤولية والتلاعب بالترقيات عن طريق المباراة أو الاختيار وتدني مستوى التكوين. وهو يعدد في مذكرته المزايا المادية التي جاء بها القانون الجديد - والعهدة عليه ? من حيث الأجر الفردي الذي ارتفع ب % 80 حسب الدرجات، ومن حيث كتلة الأجور التي قفزت من 500 مليون درهم في سنة 2003 إلى 1000 مليون درهم سنة 2010، خلته ونحن في سنة 2011 يخاطبنا قائلا: «بشرى لكم يا مستخدمي مكتب التكوين المهني بصفتكم العامة، وهنيئا لكم لقد أصبحتم منذ الفاتح من شتنبر، أي منذ بداية الدخول التكويني الحالي تعيشون في ظل الجماهيرية العظمى للتكوين المهني بفضل البترول الذي تدفق يشكل استثنائي من آبار وزارة الاقتصاد والمالية في حاوياتنا الفارغة، والذي بفضله تم حذف السلالم من 1 إلى 4، مما مكن آخر مستخدم في هذه الفئة من تقاضى أجر 5000 درهم صافية والرفع من أجور المصنفين في السلالم من 1 إلى 12 وإدماج الدفعة الأولى من المتعاقدين مع الإبقاء على قلة منهم كمتعاقدين بسبب سنهم وشهاداتهم التي تتنافى ومقتضيات القانون ومن إعادة ترتيب 2700 مستخدم بمنحهم سلالم إضافية كهدايا ليصعدوا عليها في موسم جني عنب الغضب، والاستفادة من منحة المردودية التي قد تصل إلى 400% والترقي سنويا بالسريع في الرتبة والبحث عن تغطية صحية جديدة بعدما أصاب الوهن التغطية الحالية والإفراج أخيرا عن الترقية الداخلية التي ظلت منذ 2006 بالنسبة لبعض الفئات تتلقى العلف المهني اللازم لتشحيمها وتسمينها». المذكرة التي وجهها مدير مكتب التكوين المهني إلى المستخدمين والمسجلة تحت رقم 1160 والمؤرخة في 20 شتنبر والمعممة في نفس اليوم على مختلف المؤسسات، لا تحتاج لأي تعليق والسبب بسيط، فالمرفق العمومي الذي يخلع ثيابه ويكشف عن الجروح الغائرة التي تدمي جسده يستحق منا الشفقة والدعاء له بالشفاء بدلا من حثه على الوقوف والسير المستقيم. وكل ما سنكتفي بطرحه هو بضع أسئلة تستوجب أخذ العبرة من حنكة وخبرة السيد وضاح خنفر قبل الإجابة عنها. - لماذا أضرب المتعاقدون يومي 21 و22 شتنبر أي مباشرة بعد صدور المذكرة؟ ولماذا ضمن السيد المدير مذكرته فقرة تحدثت عن قوة القانون التي تمنعه من تطبيق عملية الإدماج أو العقدة الغير محددة المدة بالنسبة لمن استفاد من المغادرة الطوعية؟ فإن كان هناك من بين المتعاقدين من تعنيه هذه الفقرة، نظن أنه من المنطقي فتح تحقيق لمحاسبة الجهة التي تعاقدت معه؟ ثم ألا يشكل التعاقد خارج مقتضيات القانون الأساسي وبناء على توصية من المجلس الإداري ضربة موجعة لقوة القانون، ارتكب بموجها ما يزيد عن ألفي خرق قضى بتشغيل مكونين حاصلين على شواهد عليا بأجور صرح السيد مدير المكتب بأن أعوان إدارته من شواش وسائقين وحراس ليليين يتقاضون أكثر منها بمؤسساته؟ وهل بنيات مكتب التكوين المهني تقنيا ونوعيا في حاجة ماسة لإدماج هذا العدد الهائل من المتعاقدين خاصة بعدما بدأ العد العكسي للخريطة البيداغوجية يكتسح مختلف المعاهد والمراكز التكوينية؟ ولعل الكارثة التي حلت بخريطة المنطقة الشرقية التي لم تتعد نسبة ملئ المقاعد البداغوجية ثلث ما كان منتظرا بكثير من شعبهاأقوى مثال، أما الحلول العشوائية المتخذة لتطويقها فحدث عنها ولا حرج، وهو ما يدفعنا لطرح سؤال: أليس من الأجدر محاسبة المدير الجهوي السابق عما اقترفه في حق التكوين بهذه المنطقة بدلا من الاكتفاء بنقله إلى العاصمة الإسماعيلية التي تستحق مسؤولا في مستوى قيمتها العلمية والتاريخية. - أين نحن من الحقيقة فبما يتعلق بتصريحات سابقة لمدير الموارد البشرية الذي هدد باللجوء إلى العدالة لمتابعة أصحاب «DVD» وأصحاب المقاولات الذين زوروا ملفات العمل كمتعاقدين مع المكتب؟ وهل هناك من تقييم موضوعي لكيفية تعامل هذا المسؤول مع ملف المتعاقدين والذي أجج الأزمة وكاد أن يجعل من الموسم التكويني الماضي سنة بيضاء؟ وكيف سُمح لذات المسؤول - بعد كل الزلات التي ارتكبها والتي كلفت المكتب غاليا إن ماديا أو معنويا، بوضع اسمه على رأس قائمة المستفيدين من الترقية الداخلة برسم سنة 2009 أي بمجرد ما أكمل ثلاث سنوات في السلم 22 الذي يروج أنه وظف فيه كمتعاقد لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة بالنظر لعمره الذي يفوق 45 سنة؟ ومن أين له الحق في الترقية الداخلية إذا كانت المادة الثالثة من القانون الأساسي تسمح له كمتعاقد بتقاضي فقط نفس الأجر الذي يتقاضاه المستخدم الرسمي طبقا للمادة 18 وهو ما يعني أن العقدة المبرمة مع سيادته إن تجاوزت بنودها الشروط المحددة للأجر إلى إمكانية الاستفادة من الترقية في السلم أو الفئة التي تحددها المادة 23 تعد باطلة بقوة القانون؟ اللهم إن كان قد ناور بعدما تعاقد وأصبح من المستخدمين الرسميين، والأدهى من ذلك من أين له بالسلم 22 إذا كان التوظيف بالمكتب يتم بناء على أعلى شهادة محصل عليها، ومهما بلغت شهادته من علو فهي لن تخوله إلا السلم 19 وإذا ما كانت له تجربة مهنية خارج المكتب لها علاقة بالمهام التي أسندت له والتي مكنته طبقا للمادة العاشرة من الاستفادة من علاوة سلم عن كل أربع سنوات أقدمية في حدود سلمين لا غير، فإن ترتيبه في سلالم المكتب لن يتعدى السلم 21 ؟. ومهما يكن، أيُّ ماء وجه هذا الذي جعله يترقى بسرعة أرانب السباق تاركا وراءه مستخدمين لهم أزيد من 25 سنة عمل بالمكتب وست سنوات أقدمية في السلم 22 إلى حدود سنة 2009 والكل يشهد لهم بالكفاءة والمهنية؟ إننا من دون شك في حضرة من «سار على درب لمعلم بومقص وصل» ؟ والكل يتذكر «أرنب» الموارد البشرية السابق الذي وظف في السلم 22 وغادر حلبة السباق قبل قطع خط الوصول، ولما أفرج المدير الحالي عن ترقية 2006 أبى إلا أن يجعله أول المترقين إلى السلم 23 ويهديه في سنة 2010 عبر الحظ المضمون مستحقاته المادية على صدر شيك غير قابل للتظهير. وهل بالإمكان الكشف عن طرق طبخ باقي الترقيات ما دام مدير الموارد البشرية المستفيد من تطبيق قاعدة «هذه لي وما تبقى لكم» هو الذي أشرف على حصر لوائحها؟ ولنا في طبخة الترقية من السلم 21 إلى السلم 22 بالمباراة والتي امتنعت الإدارة في خرق سافر للقانون الكشف علانية عن أسماء المستفيدين منها خير مثال، فهل يعقل إجراء مباراة واحدة (أطروحة + مناقشة) للحسم في ترقيات أربع سنوات كان أول من استفاد منها طبعا هو صديقه الذي نقل إلى المديرية الاسماعيلية بعد فشل بين بعاصمة الشرق. - إذا كانت منحة المردودية تصل إلى 400 %، هل لإدارة مكتب التكوين المهني من الجرأة ما يكفي لتوضيح مقاييس صرفها ونشر لوائح المستفيدين منها منذ 2003 وخاصة أصحاب الحظ السعيد الذين توصلوا بما يفوق 10 مليون سنتيم عن كل منحة سنوية؟ وإذا كان الترقي بالسريع في الرتبة يستفيد منه كل من جاوزت نقطته الإدارية 71 نقطة، لماذا تدخل مقص دليل المساطر وحصرها في حدود نصف المستخدمين؟ - ألا يعتبر التوقيع على بروتوكول إعادة الترتيب في يونيو 2011 اعترفا صريحا بأن القانون الأساسي الجديد، كرس الميز والفوارق بين المستخدمين؟ وأن الاستجابة المتأخرة لرفع الضرر جاءت تحمل في طياتها ضررا أكبر بعدما تقرر تأجيل تطبيق مضمون البروتوكول إلى ما بعد إعلان نتائج الترقية الداخلية التي تم العبث بنتائجها عن سبق ترصد وإصرار بحيث خيطت على مقاس بعض الذين أريد لهم أن يستفيدوا من وضع أفضل من غيرهم بعد تنزيل البروتوكول؟ أو لا يعرف السيد مدير المكتب أن تطبيق مقتضيات البروتوكول من دون احتساب سنة 2003 كسنة مرجعية للتعويض المادي سيترتب عنه مزيد من الحيف والتمييز وأن الساحة التكوينية ما زالت تعيش على صفيح ساخن قد ينتقل إلى ردهات المحاكم الإدارية حيث العشرات من المستخدمين عازمون على متابعة الإدارة بتهمة «جا يكحلها عماها»؟. - أليس مضحكا أن تذكرنا مذكرة السيد المدير بأن الاقتطاعات التي طالت أجور بعض المستخدمين دون أن تشمل باقي المضربين من رسميين ومتعاقدين كانت قانونية وأنه نزولا عند طلب الشريكة الاجتماعية سترجع الاقتطاعات لأصحابها شريطة أن يقوموا بحصص استدراكية لتعويض أيام الإضراب؟ ألا يعرف السيد المدير أن الزمن الذي ولَّى لن يعود وأن المتدربين الذين حرموا من الحصص التكوينية في وقتها المناسب جلهم رسب في امتحانات الانتقال أو نهاية التكوين؟ ما علينا إلا انتظار القادم من الأيام، لنكتشف بعد فوات الأوان أن تدني مستوى التكوين المهني وصل إلى درجة من الحضيض لا تطاق وأن عظمة جماهيرية التكوين المهني أضحت كعظمة جيفة نهشتها الكلاب.