مضت عشر سنوات، يا شيخنا وأنت تقلب الأرض بمكتب التكوين المهني، قلبتها بالفأس، قلبتها بالمحراث وقلبتها أخيرا بالجرار الذي جرك إلى ما لن تحسد عليه. ويبدو أن موسم حصادك هذه السنة قد أتى مبكرا، بعدما احتج ما يزيد عن ألف حصّاد أمام بابك في التاسع والعشرين من آذار - نيابة عن زملائهم المضربين - وهم يرددون على مسامعك «يا من زرعت الريح ، خذ منجلك واحصد عاصفتك واذهب لتستريح». لقد صدقناك في بداية عقدك عندما أخبرتنا بأن فدادينك لم تكن تعطي أكلها لأنها كانت مزروعة ببذور فاسدة وأنك طردت من الحرس القديم من كانوا السبب، وأنك خططت لترشيد عمليات الحرث المهني التي ساوت بين حرث السهل وحرث الجبل، وصدقناك عندما أخبرتنا أنك اقتلعت صدفة بفأسك صندوقا فارغا كان مدفونا بضيعتك المحروسة وقد سُرقت منه سبعون مليون درهم بعقود خاصة مشبوهة. لكن ها هي الأيام قد كشفت بأنك يا شيخنا - بفأسك ومحراثك وجرارك - قد جعلت عاليها سافلها. أوهمتنا طيلة عقد من الزمن بأنك منهمك في حرث الأرض الطيبة وأن موسم جني الثمر العصي أجلته إلى صيف سنة 2015، والكل أصبح يعرف أنك لم تقم بزرع ولا بذرة واحدة طيلة عقد من الزمن. لقد حل قضاة المجلس الأعلى ومفتشو وزارة المالية ليدققوا في حساباتك المالية، ونأمل أن تكون تقاريرهم قد وجدت جوابا شافيا للسؤال - اللغز : لماذا زرعت الريح بدل البذور المثمرة. وأنت ما تزال في موسم الحرث أبيت إلا أن تعلن عن بداية موسم الحصاد ولم تتردد في أن تطلب من مجلسك الإداري منحك تفويضا تاما لا رجعة فيه لفتح باب «الشوالة» بالتعاقد الموسمي. وأبرمت لحد الآن ما يزيد عن 2000 عقدة «شوالة» وما زلت تنوي المزيد، لكن ريحك المزروعة أتت بما لم تشتهه سفنك الراسية في موانئك المعلومة التي ما زالت ملفاتها طرية ومصانة. لقد دخل أصحاب هذه العقود منذ شهر أكتوبر في اعتصامات وإضرابات أصبحت تتجدد مرتين في الأسبوع وانضم إليهم مؤخرا الشوالون الرسميون والكل مصمم على أن يسلمك مناجلك الحافية المعقوفة أصلا (أي ما تسميه أنت المرتبات البداغوجية) لأنها في نظرهم لن تقوى على حصد العواصف المنتظرة. أما تلك الملاعب الرياضية التي كنت عازما على حرثها وزرعها بالعشب الذي يُقطف منه الذهب، فتلك حكاية أخرى لا داعي للخوض فيها. عندما نشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 22 أكتوبر 2010 عدد 9611 مقالا تحت عنوان « تكوين بالتيمم والجمع والتقصير، خواتم عشر سنوات من سياسة مكتب التكوين المهني والتأرجح بين المد والجزر» لم تجد إلا ذلك «الشوال» المستخدم بالشرق لتصب عليه غضبك الجامح «لتحش» من نقطته الإدارية «بمنجلك »بوالخراخش» ثلاثين حشة كانت كافية لعرقلة ترقيتيه في الرتبة بالسريع وكافية لإشعاره بالمصير المشابه الذي ينتظر ترقيتيه في الرتب وفي السلالم فيما تبقى له من سنوات العمل كمكون بالمكتب. لكن أيهما الخارج عن جادة الصواب هل هو المقال أم قرارك الجائر بعدما أضرب في 29 و 30 مارس لمدة يومين كل المستخدمين مطالبين برحيلك ومحتجين ليس فقط على تجفيفك لماء الوضوء بل لأنك تعديت ذلك إلى حرمانهم من استعمال حجر التيمم. وماذا أنت فاعل بعد الإضراب المقرر في أواسط شهر أبريل وما سيليه من إضرابات التي أجمع كل المتعاقدين مع إدارتك خارج القانون الأساسي على خوضها إلى أن يتحقق إدماجهم الفوري بدون قيد ولا شرط؟ لم يبق لك من دون شك إلا أن تتدرب على إنشاد مقطع من أغنية المشاهب يقول: «حطوني وسط الحصيدة نشالي يا بابا يعلم الله بالمصيدة..» وبالمناسبة أدعوك لأن تطلع على نداء المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للتكوين المهني بالمنطقة الشرقية والذي ورد فيه: بقلق وتذمر كبيرين نتتبع جميعا ما آلت إليه الأوضاع بمكتب التكوين المهني - إن جهويا أو وطنيا- من تدهور بسبب الإجهاز على الحقوق الأساسية للمستخدمين وبسبب التدبير الإداري البيروقراطي الأحادي الجانب الهادف إلى الانحراف بالمكتب بعيدا عن أهدافه الاجتماعية النبيلة. وأمام تمادي الإدارة العامة في تجاهلها الاستماع لمطالب كل المكونات النقابية الفاعلة بقطاع التكوين المهني ورفضها فتح باب الحوار الجاد والمسؤول الكفيل بوضع حد لمختلف الاختلالات التي عرفها المكتب طيلة العشرية الأخيرة، ندعوكم لخوض إضراب لمدة 48 ساعة بمختلف المؤسسات التكوينية يومي 30 و 31 مارس 2011 من أجل: * حمل السلطات الوصية على تمكين مختلف النقابات الفاعلة بقطاع التكوين المهني من التمثيلية داخل المجلس الإداري لمكتب التكوين المهني. * إلغاء القانون الأساسي الجديد الدخيل، الممرر ضدا عن إرادة المستخدمين والذي لم تعد له أية مصداقية بسبب إجهازه على الأقدمية المحصل عليها في القانون القديم وهضمه لحق المستخدمين في إعادة ترتيبهم في الرتبة والدرجة المستحقتين في القانون الجديد، وسنه نظام ترقية في الدرجة يكرس الفئوية ويجعل المستخدم حبيس الترقي في درجته القديمة * تمكين مستخدمي مكتب التكوين المهني من قانون أساسي بديل يضمن لهم مكتسباتهم الحالية ويرفع من الحصيص المعمول به حاليا فيما يتعلق بالترقي عن طريق المباراة أو الاختيار، ويمكنهم من الاستفادة من اتفاقيات الحوار الاجتماعي خاصة تلك المتعلقة بالزيادة في الأجور ومنحة العمل في المناطق النائية وإقرار ترقية استثنائية ما بين الفئات (Catégorie) لكل المستخدمين الذين طالهم الحيف من جراء تمرير مهزلة ما يسمى بالقانون الأساسي الجديد. * إعادة النظر في المقاييس المعتمدة في عملية التنقيط السنوي وجعلها أدوات للإنصاف والتحفيز على المزيد من المثابرة والعمل وعدم إخضاع الترقي في الرتبة للاكراهات المالية. * وضع حد للتدهور الذي تعرفه السياسة الحالية المتبعة في تدبير التكوين الأولي بسبب الارتجال والتسرع في اتخاذ قرارات تتنافى والأهداف الحقيقية للتكوين المهني والتي لم تعد تملك ما يكفي من المناعة لتحصينه وجعله في مستوى متطلبات العصر، حيث يلاحظ الغياب شبه التام للتجهيزات الضرورية للتكوين والمواد الأولية وغياب التأطير التقني والبيداغوجي. * تمكين كافة المكونين المتعاقدين من وضع قانوني سليم يضمن لهم الحق في العمل وتقاضي أجور طبقا للقواعد المطبقة على المكونين الرسميين والحق في الإدماج، ضمانا لأمنهم المهني و الأسري. * رفع يد الإدارة عن جمعية الأعمال الاجتماعية و توضيح وضعيتها القانونية وإعادة بنائها على أسس مشروعة وشفافة وتمكين مستخدمي المكتب من الاستفادة من خدمات مؤسسة محمد السادس للتربية والتكوين. * إعادة النظر في التغطية الصحية على قاعدة الرفع من جودة الخدمات وضرورة العمل بسياسة القرب للحد من معاناة المستخدمين القاطنين في المدن البعيدة عن المركز. * المطالبة بإقرار مراجعة شاملة لأنظمة التقاعد في أفق الرفع من رواتب المعاشات إلى مستوى يضمن كرامة المتقاعدين وذويهم. وفي ذات الوقت، أدعوك يا شيخنا لأن تستحضر ما كتبناه على أعمدة هذه الجريدة طيلة العقد الذي قضيته على رأس المكتب، فأنت تتذكر على سبيل المثال التواريخ والعناوين التالية. - الأحد 21 أكتوبر 2003 ومقال « القانون الأساسي الجديد لقطاع التكوين المهني» الذي جاء فيه «... ومما لا ريب فيه أن غياب التواصل وسيادة الغموض والتضليل أصبحا مؤشرين دالين على أن مصير القانون الأساسي الجديد ما زال في علم الغيب، الشيء الذي أصبح يتأكد معه شيئا فشيئا بأن إدارة مكتب التكوين المهني بدلا من الاستعانة بدوي الخبرة والاختصاص أوكلت مهمة طبخ القانون الجديد إلى طباخيها أصحاب الذوق الرفيع الذين سبق لهم وأن طبخوا منذ ثلاث سنوات عقدة التأمين الصحي... هؤلاء هم إذن طباخو القانون الأساسي الجديد، ويظهر أنهم استعانوا هذه المرة ببعض المنجمين لقراءة طالع وجبة الزقوم التي حضروها لمستخدمي مكتب التكوين المهني. - الأربعاء 09 أكتوبر 2003 و مقال «الصعود إلى الحضيض في موسم التكوين الجديد» الذي ورد في تقديمه « شرع فعلا في تطبيق القانون الأساسي الجديد لمكتب التكوين المهني مع صرف رواتب شهر يوليوز... بدأ اللعاب يجف شيئا فشيئا في الحلوق وبدأت الأماني تتبخر ووجد بعض المستخدمين أنفسهم يضربون الأخماس في الأسداس لمعرفة ما جرى لأجورهم التي وضعت على خط تناقصي بينما وجد البعض الآخر نفسه سجين الحيرة والسؤال عن ماذا تغير من وضعه الحالي وعن مستقبله المهني الذي وضع في كف عفريت اسمه إعادة الترتيب خاصة وأن كل ذلك تزامن مع بداية سنة تكوينية اتخذت فيها إجراءات ساوت بين المستخدم والآلة وجعلت المتدربين ضحية مناهج البواقي. فهل يكون إعلان المسؤولين عن التحليق عاليا... أشبه بما تحكيه الأسطورة اليونانية عن ايكار الذي حلق عاليا في السماء بأجنحة صنعها بالريش وثبتها بالشمع، لكن حرارة الشمس أذابت الشمع وتطاير ريش الأجنحة وسقط ايكار في البحر» - الثلاثاء 25 يناير 2011 ومقال « الفول المهني... طايب وهاري» الذي ورد فيه «... فاحملوا يا مستهلكين وراء ظهوركم مراحيضكم البيو بلاستيكية فالطلب المتزايد اقتضى بالشرق تحويل المراحيض إلى قاعات لاستهلاك الفول المهني. وأخشى يوما عبوسا يجد فيه بائع «طايب وهاري» نفسه مطاردا من طرف جمعيات حماية المستهلك بسبب تحويله بيوت الراحة إلى قاعات لاستهلاك الفول المهني. وما بين هذه التواريخ أدعوك لتستأنس بالمقالات التي نشرت تحت عناوين مختلفة كمقال «مدام ماتريس كارط ... للا تيها وكلشي فيها» ومقال «تسوست ضروس المساء فهل من دواء» ومقال « مقامات لمعلم بومقص» ومقال « لا نظام غير الفوضى وزيد الكَدام»، ومقال« لمصلحة من تقرع الأجراس بمكتب التكوين المهني»، ومقال «مديرية الأحلام البشرية» ومقال «التكوين المهني أحواله في أوحاله» ومقال «معضلات التكوين المهني» وزيد وزيد... فاستعقل يا شيخنا وتوكل على الله.