اعتبر فقهاء الدستور أن قرار سحب مشروع قانون المالية من طرف رئيس الحكومة المغربية قرار غير دستوري. وأكدوا في تصريح للجريدة أن الفصل 66 من الدستور الجديد واضح في هذا الباب، إذ ينص على أنه لا يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية ,إما بمرسوم أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين. ويضيف هذا الفصل أن دورة البرلمان محددة وعندما تتم المناقشة في القضايا التي تتضمنها جدول الاعمال تختتم الدورة بمرسوم. لكن في هذه النازلة التي وقعت مساء يوم الأربعاء الماضي، فإن ما أقدم عليه رئيس الحكومة مخالف تماما لمضمون الدستور الجديد من خلال فصله 66، الذي نص على أن الدورة الاستثنائية التشريعية لا يحق لها مناقشة أية نقطة أخرى خارجة عن جدول الأعمال المحدد سلفا ومنها النقطة المتعلقة بمشروع قانون المالية. ولا يجوز أيضا مناقشة ذلك بمرسوم استدراكي, بل يجب إنهاء المناقشة والمصادقة على النقاط المدرجة في جدول الأعمال، وبعد الاختتام يمكن أن يتم طلب عقد دورة استثنائية أخرى بمرسوم أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين, وهو ما لم يتم الالتزام به. أما بخصوص المبررات التي تم تسويقها من طرف مصادر مقربة من الأمانة العامة للحكومة, يقول فقهاء الدستور، أن هذا العذر أقبح من الزلة، حيث شددت هذه المصادر المقربة أنه لم يتم سحب أو إلغاء مناقشة مشروع قانون المالية من قبة البرلمان، فالفصل 66 واضح، إذ ليس من حق رئيس الحكومة أن يضع مشروع قانون المالية أصلا داخل هذه الدورة التشريعية، كما أنه يجب المصادقة على القانون المنظم للمالية، قبل مناقشة مشروع قانون المالية على اعتبار أنه الاطار المحدد لروح هذا المشروع. وبخصوص النقاش المفتعل والمرتبط بأنه في حالة المصادقة على مشروع قانون المالية من طرف المشرع حاليا، فإنه سيرهن العمل الحكومي ما بعد الاستحقاقات التشريعية، اعتبرت مصادرنا أن هذا النقاش عقيم، إذ أن هذا النقاش لم يفتح حتى حينما تم تعيين حكومة السي عبد الرحمان اليوسفي، والتي جاءت في ظرفية سياسية كان المغرب مهددا بالسكتة القلبية بعد 40 سنة من المعارضة، إذ يمكن للحكومة المقبلة أن تستند على معالجة ذلك من خلال قانون تعديلي للميزانية، إلا أن هذا النقاش المفتعل، تغذيه كائنات ترتعد فرائصها خوفا من السقوط في دائرة انتخابية، وهو ما لا يتم فيه استحضار الحراك المجتمعي الحالي والربيع العربي، وانتظارات الشعب المغربي التواقة إلى تغيير حقيقي يطال المؤسسة التشريعية مضمونا ووجوها.