يتحرك الدبوماسيون بقوة في كواليس الأممالمتحدة والعواصم العالمية من أجل تفادي أن تؤدي مبادرة القيادة الفسطينية، بطلب العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، إلى »كارثة« حسب وصف بعضهم. الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اقترح الأربعاء منح الفسطينيين وضع ملاحظ دائم في الأممالمتحدة، كصيغة توفيقية ووسيطة بين الوضع الحالي والعضوية الكاملة. ما هو المضمون الحقيقي لهذا الوضع؟ وما هو الفرق بينه وبين الوضع الذي يطالب به الفلسطينيون؟ . الدولة العضو قانونيا، الأممالمتحدة غير مؤهلة للاعتراف بدولة أو بحكومة، وتبت فقط في قبولها أو عدم قبولها ضمن صفوفها. وحسب النصوص فإن كل الدول المسالمة التي تقبل التزامات ميثاق المنظمة القادرة، حسب تقدير المنظمة، على الاستجابة لهذه الالتزامات، يمكنها أن تتطلع إلى صفة عضو في الأممالمتحدة. ويبلغ عدد الدول الأعضاء اليوم 193 دولة يمكن أن نميز بينها الدول الموقعة على ميثاق الأممالمتحدة في سان فرانسيسكو منذ 1945 (51 دولة) والدول التي تم قبول عضويتها في ما بعد. ومن أجل الاستفادة من هذا الوضع (العضوية) يتعين على المرشح للانضمام أن يقدم طلبا الى الأمين العام للأمم المتحدة مصحوب برسالة تشهد رسميا بقبول التزامات وتعهدات الميثاق، ويتم رفع ذلك إلى مجلس الأمن الذي يدرس الطلب ويقرر إصدار أو عدم إصدار توصية لصالح الانضمام. ولكي يكون القرار صحيحا ومقبولا، يتعين أن يحصل على موافقة 9 أعضاء من أصل 15 عضوا في مجلس الأمن، ثم يعرض القرار بعد ذلك على الجمعية العامة حيث يتعين أن يحصل على تصويت ايجابي بأغلبية الثلثين لكي يصبح الانضمام فعليا. هذه المسطرة الشكلية والقانونية قد تأخذ في بعض الأحيان بعض الوقت، بل ويمكن أن تتوقف كليا. ففي حالة ما إذا استعمل أحد أعضاء المجلس الخمسة دائمي العضوية (الولاياتالمتحدة، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا) حق الفيتو ضد التوصية خلال المناقشة الأولى فإن الطلب يتوقف نهائيا، وهذا ما كان يقع في سنوات 1950، عندما كانت الولاياتالمتحدة تعارض بشكل ممنهج الطلبات المدعومة من طرف الاتحاد السوفياتي السابق. ونفس الأمر بالنسبة لموسكو التي كانت تعارض الطلبات المسنودة من الولاياتالمتحدة. المشكلة التي يمثلها اليوم احتمال استعمال واشنطن لسلطة الفيتو ضد المبادرة الفلسطينية، لها انعكاس كبير على المفاوضات الجارية هذه الأيام في الأممالمتحدة. فالديبلوماسيون الذين يتحركون في الكواليس لاستكشاف سبل أخرى غير الإنضمام، يعرضون مختلف الحقائق التي يمكن أن توفرها صيغة وضع الملاحظ الدائم. الملاحظ الدائم منذ 1946، بإمكان الأممالمتحدة أن تمنح دولة أو منظمة وضعا وسيطا، وهو الوضع الذي أطلق عليه اسم الملاحظ الدائم. وتمنح هذه الصفة لهذه الدول أو المنظمات حق حضور أغلب اجتماعات الجمعية العامة، ولكنها لا تعطيها حق التصويت. وهناك عدة دول مثل النمسا وفلندا وايطاليا أو اليابان استفادت من هذه الصفة قبل أن تصبح عضوا كامل العضوية في المنظمة. واليوم الدولة الوحيدة غير العضو والتي توجد في هذا الوضع هي دولة الفاتيكان. ومنذ أن منحت الجمعية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1974 صفة ملاحظ دائم، أصبحت تتوفر فلسطين بدورها على تمثيلية في الأممالمتحدة. ولها الحق في المشاركة في دورات وأشغال الجمعية العامة، لكن وخلافا للفاتيكان لا تعتبر فلسطين كدولة بل ككيان. ويبدو أن الدبلوماسية الفرنسية تتحرك حول هذا الاختلاف لنزع فتيل الأزمة الدبلوماسية التي تلوح في الأفق داخل الأممالمتحدة. وخلافا للعضوية التي تتطلب موافقة مجلس الأمن، فإن الانتقال من صفة »ملاحظ»« إلى صفة »دولة ملاحظ غير عضو،« يمكن الحصول عليه بأغلبية بسيطة خلال تصويت في الجمعية العامة، وتحاول باريس بذلك إقناع الفسطينيين بالتخلي عن السير في تقديم طلب العضوية الكاملة أمام مجلس الأمن وقبول حل توفيقي.