استحضر الوزير الأول، عباس الفاسي، بكل تأكيد، أسماء وزراء بعينهم وهو يوقع، في نهاية شهر غشت المنصرم، المنشور الذي وجهه إلى كافة الوزراء والذي تضمن الخطوط العريضة التي ينبغي أن تؤطر مشروع القانون المالي للسنة المقبلة. ومن جد المرجح أن يكون اسم منصف بلخياط، وزير الشباب والرياضة، قد خطر ببال رئيس الحكومة وهو يلقي آخر نظرة قبل التوقيع على فقرة المنشور التي تدعو إلى ترشيد نفقات التسيير، عبر تخفيض نفقات حضيرة سيارات الدولة... وكيف لا والوزير المذكور يكتري، لصالح قطاعه، سيارة فاخرة من نوع «أودي أ.8» تكلف الميزانية العامة، ومن ثمة دافعي الضرائب، ما لا يقل على 324 مليون سنتيم، علما بأن مدة عقد الكراء هي 36 شهرا!؟ عقد الكراء المذكور، والذي حصلت الجريدة على نسخة منه، تم توقيعه في العاشر من شهر غشت 2010 بين وزارة الشباب والرياضة كطرف مكتر وبين مؤسسة خاصة لكراء السيارات مسجلة في السجل التجاري للدار البيضاء بصفتها «شركة مجهولة الاسم محدودة المسؤولية». يحدد العقد، في فصوله الثلاثة الأولى، شروط كراء سيارة من نوع «أودي أ.8» من طرف الشركة لوزارة بلخياط، ومدة الكراء وسومته الشهرية. وبناء عليه، فالوزارة ملزمة بدفع مبلغ شهري جزافي للشركة، مقابل استعمال السيارة، يتضمن أيضا قيمة الرسوم ومبلغا إضافيا خاصا بمصاريف الوقود. وإذا كان هذا المبلغ قد حدد في 90 ألف درهم شهريا (9 ملايين سنتيم)، فإن مدة العقد تبلغ ستة وثلاثين شهرا (36). هكذا إذن، وبعملية حسابية بسيطة لا تستلزم حيازة دبلوم «السلك العادي للمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات»، نكتشف أن السيارة السالفة الذكر ستكلف وزارة بلخياط 3240 ألف درهم، أي 324 مليون سنتيم. ويكفي الواحد منا، حتى لو لم يكن «خريج البرنامج التنفيذي لمعهد هافرد بيزنيس» مثل سعادة الوزير، أن يقارن تكلفة كراء هذه السيارة مع الثمن الذي تعرض به للبيع (انطلاقا من 130 مليون سنتيم) ليكتشف «الحنكة التدبيرية» لمنصف بلخياط ومدى تطبيقه لأبجديات ترشيد النفقات في قطاعه! وإذا ما افترضنا جدلا أن الوزير انتبه ل»الغبن» الذي يطال المال العام بفعل هذا العقد، وأنه قرر إلغاءه صونا لماء الوجه وفق الفصل الثامن من العقد المذكور، حتى لو افترضنا هذه الصحوة من طرف السيد بلخياط، فسيكون عليه أن يدفع، عفوا سيكون على دافعي الضرائب تكبد غرامة مالية لفائدة الشركة صاحبة السيارة تصل إلى 35 في المائة من القيمة الإجمالية للأقساط المتبقية، وذلك من تاريخ الإلغاء إلى نهاية العقد. ووفق هذا السيناريو الافتراضي، وإذا بادرت الوزارة بإلغاء العقد في بداية الشهر القادم مثلا، فإن الشركة ستحصل على مبلغ من المال العام يقدر ب 756 ألف درهم تقريبا.