تحت ذريعة الاستجداء وتسول قطع نقدية من سائقي السيارات، تقف جحافل بشرية بمختلف شوارع العاصمة الاقتصادية، عند الإشارات الضوئية، بعضهم يحمل بين يده منديلا يوحي من خلاله أنه يعمل بواسطته على مسح واجهات السيارات الزجاجية الأمامية في شكل من أشكال التسول المبطنة في قالب خدمة بسيطة تغري بكونها مفيدة، بينما البعض الآخر يحمل علبة واحدة من العلك لاغير، وآخرون يحملون علبة واحدة أو اثنتين من مناديل الورق «كلينيكس» ، أما فئة أخرى فهي لاتحمل أي منتوج للتسويق وتهرع لمد يدها إلى السائق وعينها تنقب عن أشياء أخرى؟ أشخاص من مختلف الأعمار وبعضهم له ملامح تبعث على الرهبة والتوجس، كما هو الحال بالنسبة لشخص كان يتخذ من ملتقى شارع موديبوكيتا ومحج 2 مارس مكانا له، قبل أن يغير وجهته صوب السوق البلدي بابن جدية خلال شهر رمضان، احتلوا مجمل الملتقيات يتحينون الفرص للانقضاض على «فريسة» محتملة، قد تكون شابة أو سيدة تقود سيارتها وقد أغفلت إغلاق أبواب الناقلة، أو تركت نافذة الباب الذي يوجد على يمناها مفتوحة، وقد يكون ذكرا هو الآخر لن يسلم من مؤامرة يتم تدبيرها له، من قبيل ضرب الجهة الخلفية اليسرى للسيارة بقوة من أجل لفت انتباهه، وما أن يستدير من أجل استطلاع الأمر حتى تكون يد السارق قد باغتت السيارة في لمح البصر لاقتناص/اختطاف هاتف نقال، أو حقيبة يدوية أو أية أشياء أخرى صالحة للتسويق ! في حين يعمل آخرون على الإلحاح على السائق والتوسل له بكافة العبارات دون كلل أو ملل، حتى وإن عبر السائق عن عجزه عن تلبية طلب «المتسول» الأمر الذي قد يدفعه إلى الغضب وارتكاب أخطاء تمنح الفرصة لمن ينتظرها للعبث بمحتويات السيارة. معدلات السرقة المرتفعة خلال الآونة الأخيرة، لم يقتصر مسرحها على الأزقة والمساحات الخالية، ومرتكبوها ليسوا دائما هم من أصحاب الدراجات النارية وإنما حتى أشخاص راجلين، من محتلي الناصيات والملتقيات عند الإشارات الضوئية، الذين يتذرعون بالتسول والحال أنهم يتربصون بضحاياهم، ومع ذلك تجدهم هنا وهناك، رغم مرور الدوريات الأمنية من أمامهم، وكذلك الأمر بالنسبة لوحدات المساعدة الاجتماعية التي من المفروض أن تحارب ظاهرة التسول، إلا أن واقع الأشياء زاوج بين التسول والسرقة؟ هذا الواقع سقط عدد من المواطنين ضحايا له بمداخل الطريق السيار كذلك، على امتداد الرقعة الجغرافية البيضاوية خصوصا في وقت الذروة، حيث يتربص اللصوص بالسيارات التي تصعد من الطريق السيار هربا من الاختناق المروري، لتجد اختناقا آخر أمامها في الشارع المتوجه نحوه مما يفرض على السائقين التوقف في انتظار أن يسمح لهم بالمرور، آنذاك تشكل هذه اللحظة فرصة مواتية لنشل أي شيء تطاله أيدي اللصوص؟ استفحال السرقة، والنشل بمختلف المناطق البيضاوية التي تحولت إلى نقط سوداء المصالح الأمنية على علم بها، بالنظر إلى ارتفاع عدد الشكايات المحررة حول تعرض أصحابها للسرقة بنفس النقاط، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مدارة القريعة، التي ترتكب فيها عمليات السرقة يوميا، يتطلب من الأجهزة الأمنية مزيدا من اليقظة والحزم.