يبدو أن الوكالة الرسمية الإسبانية للأنباء "إيفي"، قد دخلت عهد الصحافة الإلكترونية "الشعبية" من بابها الواسع، طبعا في المواقف التي تهم المغرب. فبعد فضيحة نشر صور الطفل الفلسطيني، ضحية القصف الإسرائيلي، والإدعاء بأن دلك حصل في العيون، هاهي تعود من جديد، يوم سادس شتنبر الأخير، بمقال تحليلي حول موقف المغرب من المجلس الوطني الانتقالي، حاول فيه الصحافي خافيير اوطازو، من مكتب الرباط، تبخيسه قدر الإمكان، ليتحول تارة إلى مجرد اتهامات روجتها الصحافة المغربية، بلا حجج، ضد جبهة البوليزاريو، حيث ادعت "أنها كانت تقاتل إلى جانب كتائب القذافي"، وتارة أخرى بأن ما يحكم الموقف المغربي هو "محاولة إيجاد دعم لأطروحته حول الصحراء الغربية"، و في نهاية المطاف يدعي كاتب المقال بأن المغرب "خضع لتعليمات" فرنسا و الولاياتالمتحدة، في مساندة المجلس الوطني الانتقالي. من الوهلة الأولى يبدو الاضطراب و واضحا في التحليل، إذ كان على الصحافي أن يختار بين نظرية تقرب المغرب من المجلس المذكور بحثا عن دعم موقفه في نزاع الصحراء، أو نظرية خضوعه لتعليمات القوى العظمى. لكن انعدام الاحترافية يصل بخافيير اوطازو أيضا إلى درجة نسب تصريحات لدبلوماسيين جزائريين معتمدين في الرباط، "فضلوا عدم الكشف عن هويتهم"، ردد فيها ما تنشره الصحافة الجزائرية يوميا ضد المغرب. علما بأن التقاليد المعروفة في الوكالات الصحافية الاحترافية، لا تسمح بنشر تصريحات دون الإعلان عن هوية أصحابها. لكن عندما يتعلق الأمر بالمغرب، فإن القواعد المهنية تصبح بلا معنى، ما يهم هو أن يتم تمرير الدعاية المعادية و نشرها على نطاق واسع في اسبانيا و أمريكا اللاتينية، وترجمة مثل هده المقالات إلى اللغات الأخرى التي تشتغل بها "إيفي"، لتوسيع العمل المعادي للمغرب. كان بإمكان هدا الصحافي أن يبحث أكثر في النزاع الذي نشب بين المجلس الوطني الانتقالي والرئاسة الجزائرية ممثلة في عبد العزيز بلخادم، حتى يعرف القارئ أن هذا الصراع لا علاقة له بالمغرب أو قضية الصحراء، وكان عليه أيضا أن يوفر على نفسه السقوط في الدفاع المجاني عن البوليزاريو حين كتب أنه من غير الممكن أن تقاتل الجبهة إلى جانب كتائب القذافي لأن علاقة الطرفين انقطعت مند مدة. لماذا تسقط وكالة الأنباء الرسمية الإسبانية في هذه الأخطاء المهنية؟ في نظرنا إن الجواب يكمن في الموقف الاستراتيجي لمدريد، والذي يتصرف في إطار العقيدة التقليدية تجاه المغرب، وهي أن بلدنا لا يمكنه أن يربح أية نقطة في الصراع الإقليمي، وينبغي أن يظل ضعيفا حتى يحافظ التاج الإسباني على مستعمراته في الشمال المغربي. أما أوطازو وأمثاله فليسوا سوى خدام لهذا التاج.