تتواصل فعاليات الملتقى الدولي للمسرح والتكنولوجيات الجديد، ، بالمركبات الثقافية مولاي رشيد،سيدي بليوط وحسن الصقلي بالدارالبيضاء، والذي يحتفي بالدورة 23 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء و الدورة 18 للمهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء ، الذي يمتد حتى 9 من الشهر الجاري، بمشاركة الجزائر، تونس، إسبانيا، فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، هولندا، ألمانيا، رومانيا، كرواتيا، اليونان، هنغاريا، أمريكا والمغرب. والذي تنظمه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدارالبيضاء... هكذا شكل الشعار الدائم للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي وفن الفيديو «حوار الثقافات وتقارب شبيبة العالم عبر الابداع والتعبير الفني» منذ دورتهما الأولى عنصرا مؤطرا لكل دوراتهما، بحيث استطاع أن يحقق بقوة آفاق الاستمرارية وفتح باب المسرح وفن الفيديو وأسئلتهما على فضاء الجامعة كمؤسسة وطنية من خلال اشراك الجامعي في محيطه الثقافي الفني، لكنه، وبعد الدورة 23 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء و الدورة 18 للمهرجان الدولي لفن الفيديو ، أصبح يطرح ،اليوم، سؤال المآل بالنسبة لمستقبل هذا المهرجان ، سواء على مستوى صيغ ولادته ومراحل نموه وتطوره ووظائفه وذاكرته، باعتباره حدثا ثقافيا وفنيا جامعيا. هذا ، ومن مرجعية الشعار القار للمهرجان ، ومن خلال الدلالات الفنية والرمزية التي حملتها النصوص المسرحية وتنصيبات فن الفيديو المشاركة في هذه الدورة ، نقدم عبر - المتابعة اليومية لأيام المهرجان - مجموعة من الأفكار والتساؤلات حول هذه الأعمال ، وذلك من أجل مقاربتها وماتقدمه من أفكار ومواقف.. ومن تساؤلات عن طبيعة الموضوعات التي تقدمها الأعمال المسرحية الجامعية، وأوجه الاختلاف والتلاقي مابين الأفكار التي تقدمها تنصيبات فن الفيديو ، والفصح عن حدود التقارب مابين كل الفرق الجامعية ابداعيا وفنيا، من تبادل الخبرات والتجارب ، سنطرح مكونات النص العربي من جهة والنص الأوربي من جهة أخرى، على أساس تقديم - بشكل أولي - ملامح النصوص المسرحية التي تشغل فكر وثقافة الشباب الجامعي العربي ونظيره الأوربي . هكذا، تأتي نصوص الفرق المشاركة في هذه الدورة ، لتقدم حكايات العشق والأمل التي لها أكثر من أمل ومعنى، مطبوعة بأحاسيس مشروخة بالدم والدموع تصل في بعض الأحيان إلى حدود الهجرة، لتكشف عن ضياع الحلم الذي سقط من تاريخ الانسان، وعنف الواقع وغياب الأمان الذي يقابله الصراع من أجل استمرارية الحلم . في حين تأتي نصوص أخرى، لتمزج مابين الحب والكراهية والأمل واليأس لتعلن عن موقف الانسان من الموت والذات والعالم من جهة، بينما نجد في المقابل واقعية لا تعنيها السياسة والفكر، بل تشكل لنفسها صرخة ضد موت الانسان وضد موت الحلم والأهداف النبيلة . كما تبرز النصوص المشاركة في هذه الدورة، مبدأ التنقل زمانيا ومكانيا المطبوع بالكشف عن التناقض في تشكل الشخصية ، بينما نجد نصوص مسرحية أخرى ، تقدم الموسيقى والتمثيل والوعي كسمات شكلت الوسيط الفني والجمالي في تركيب وحدة المسرحية، اضافة إلى هاجس الموت الذي يظل ملتبسا وغامضا، الشيء الذي يحرمه من لذة التفكير والحلم، مع سمات حب مطبوع بالفشل نتيجة عنف القدر الذي يقهر الأحاسيس والمشاعر .. وفي جانب آخر نجد أفكار تجمع مابين المسرح وفنون أخرى ، كالفيديو .. ، على اعتبارها تنويعات ملموسة في الروح الانسانية، ومن جهة أخرى فكرة الجمع مابين تقنيات الفيديو والمسرح التي تؤسس لنفسها لغة جامعة للكوني والمرئي كاستجابة لمجموعة من الرغبات الانسانية. في حين تأتي نصوص أخرى ، لتقدم بناء مسرحي على أفق وهامش بعض الأساطير المرتبطة بالوجودية ومسرح العبث، وذلك من خلال خلق ارتقاء للفكر والأفكار كدعوة للرؤية الفهم والتأويل. هكذا، ومن خلال هذه الأوليات، لكل النصوص المسرحية والتنصيبات الفنية المشاركة في الدورة ، نلمس أن شبيبات الجامعات المغربية والعربية والأوربية، تطرح تنويعات لمجموعة من المواضيع، لكن مع اختلاف في زوايا الرؤية ومعالجة موضوعاتها التي تنتقل مابين الانتباه للذات، الموت، العشق، الهجرة، الذاكرة، الاقصاء، الحب، الحرب، الخيال.. ،إلى جانب توظيف فنون أخرى في قالب مسرحي كفن الرقص.. نصوص ، لشباب جامعي، تطرح الهم الانساني ومدى أبعاده، بحيث نجد أن سياقاتها تتمثل خصوصيات جغرافية وانسانية، وذلك إما لتعميق الرؤية في واقع ما أو محاكمة مرحلة وجودية أو حتى السخرية للتعبير عن لحظة تاريخية . إذن، نصوص وأْمال فنية للشباب جامعي، نعتقد أنها تريد قول معنى واحد، يخلق واقعا سواء كان معادلا أو معاكسا أو مضادا، في النهاية يخلق واقعا ممسرحا وفنيا يحتاجه الانسان لتحمل صدمة واقعه الانساني ومأزقه الانساني، محاولا تجديد اسئلته عما لا يعرفه وما يعرفه. هكذا، وبالنظر الى كل موضوعات الأعمال المسرحية التي تشارك ضمن المسابقة الرسمية أو خارجها ، ومن خلال هذا الجرد العام لأهم ما ستقدمه من إضافات مسرحية جديدة، نؤكد أنه أصبح من الضروري العمل على تأملها وتأمل واقع المسرح الجامعي من خلال شقين: الأول، تجربة الانفتاح والتواصل مع ثقافات اخرى، وثانيا من خلال تجريب الكفاءات الفنية والفكرية، وماذا ستقدم من جديد لهذا المسرح؟. وإذا كان المهرجان الدولي للمسرح الجامعي وفن الفيديو يعود هذه السنة بروح الاستمرارية وتطوير أدائه، في هذا السياق لابد من التنويه بإدارة المهرجان، اللجنة العلمية وطاقم التنظيم الذي أشرف على هذه الدورة المتكون من أساتذة وطلبة وإداريين، الذين استطاعوا أن يعيدوا لهذه الدورة روحها واستمراريتها من جهة، وإعطاء الأمل لمنعطف جديد، أكيد إذا ترجم في تهيئ الدورات القادمة ، سيحقق هذا الملتقى الشبابي أفقه الثقافي الفني.