يتحدث الكل خلال السنوات الأخيرة عن الانتشار المهول لظاهرة البناء العشوائي بالعاصمة الاقتصادية بشكل عام، وبإقليم مديونة على وجه الخصوص في كل من جماعة الهراويين، تيط مليل، سيدي حجاج، وانتهاء بالمجاطية أولاد طالب، وذلك رغم «تجند كل السلطات المحلية» من عمالات، وقيادات، في شخص رجالاتها من قياد وأعوان للسلطة ليلا ونهاراً. وعلى الرغم من ذلك، فإن الظاهرة تستفحل بشكل مضطرد، لكن لا أحد تساءل مع نفسه وطرح السؤال التالي:«لماذا يعرف البناء العشوائي هذا الانتشار الواسع، ولم تستطع الدولة القضاء عليه الى حد الآن؟»، لأنه كما يعرف الجميع يعطي صورة سلبية عن البلاد في الداخل، كما في الخارج. المعضلة وبحسب عدد من المتتبعين والمهتمين، يتحكم فيها عاملان أساسيان يتجليان في «تشدد الوكالة الحضرية في منح رخص البناء، سواء أكان بغية السكن أو بالنسبة للمشاريع الاستثمارية، وذلك بسبب تعقد القوانين، وطول الاجراءات والمساطر التي تنظم عمل وسير الوكالة الحضرية»، وهذا، تضيف مصادر الجريدة، «أحد أهم الأسباب التي تعرقل النمو الحقيقي للمغرب وازدهاره»، أما ثاني الأسباب التي تعمل على انتشار البناء العشوائي فيرده البعض إلى عامل الفقر وقلة ذات اليد، «إذ أن أغلب الناس الذين يُقبلون على هذا النوع من السكن، هم من البسطاء من صغار التجار والحرفيين، والذين قاموا بجمع مبلغ خمسة أو ستة ملايين ليشترون بها محلا قصديرياً لا تتوفر فيه أدنى شروط السكن اللائق»! خاصة في ظل الارتفاع المهول لأسعار السكن والبقع المجهزة من طرف لوبيات وسماسرة ومضاربي العقار، الذين «يجنون أموالا طائلة على حساب المستضعفين والبسطاء». إلى جانب ذلك هناك من يرى بأن المعضلة مرتبطة كذلك بعامل ثالث يتجسد في الهجرة القروية الى العاصمة الاقتصادية، والتي تعرف كل يوم عدداً هائلا من الوافدين الجدد عليها، الذين يتوجهون الى السكن العشوائي بالنظر الى «رخص» ثمنه. فعندما يغيب الجانب المنظم والقانوني، يطغى الجانب غير المنظم أو غير المهيكل، حيث أقدم البعض مؤخرا على إقامة مستودعات عشوائية تحولت الى معامل سرية في مجالات الزليج، الخياطة، النجارة، البلاستيك... مما يحرم الدولة من مداخيل مهمة من الضرائب، سواء منها المباشرة أو غير المباشرة، فلو تم تبسيط اجراءات الرخص من طرف الوكالة الحضرية، وفي زمن معقول، لتم القضاء على المعضلة التي تؤرق بال الجميع ولو بشكل أقل حدة.