دخلت من باب الملك عبد العزيز. وماهي إلا لحظات حتى كنت وجها لوجه مع الكعبة المشرفة. وبعد أن مسحت دموعي أخذني الحاج محمد من يدي حرصا منه على حمايتي ولإطلاعه على عللي المتعددة حيث ينبغي أن أبدأ طواف العمرة سبعة أشواط حول الكعبة ومثيلاها في الصفا والمروة أيضا. ورغم أن الصحن لم يكن ممتلئا عن آخره فإن الطائفين يحاولون لمس حائط الكعبة ومنهم من يريد أن يقترب ومنهم من يريد أن يطبق ما سمعه في مساجد بلده بدأت أحس بالاختناق وكدت أن أبدأ في الصراخ حيث اشتد خوفي من السقوط والرفس بالأرجل كنت أتحسس بين اللحظة والأخرى حزامي الذي يحوي أوراقي وبعض من زاد الطريق. وماهي إلا لحظات ولو أنها تمر ثقيلة علي حتى أكملت الأشواط السبعة وأديت الركعتين بالقرب من مقام إبراهيم ورددت بعض الأدعية التي علمها لنا الأستاذ عبد الرحيم أوشن بمساجد الجديدة وغادرت في إتجاه الصفا والمروة بعد أن اتفقت مع رفيقي على اللقاء بالقرب من الأمانات إلا أنني وأنا أسير لإتمام العمرة لم أستطيع إتمام السير فقد كانت رجلاي تدمي كما انتفخت كثيرا بحكم أني مصاب بداء النقرس جلست أستريح بعض الشيء بالقرب من نقطة الانطلاق إلا أن الأرجل بدأت تدوس علي دون رحمة من طرف مجموعة من الحجاج الإيرانيين الذين استطعت التعرف عليهم من خلال الشعارات الفارسية المكتوبة على ثوب الإحرام وعلم الجمهورية الإيرانية وأمام عجزي عن استكمال السعي قررت كراء كرسي متحرك وهو ما تسنى لي حيث أديت مائة ريال سعودية لأحد الشباب مقابل القيام بهذه المهمة حيث كنت أردد معه ما يطلبه مني والحق يقال أن هؤلاء الشباب يضبطون المناسك من ألفها الى يائها نظرا لاحتكاكهم اليومي بهذه المناسك وبالحجاج والمعتمرين كان فعلا يحترم الضوابط الدينية حيث كان يمشي الهوينا في الأماكن العادية ويهرول في الأماكن التي يجب أن يقوم فيها بذلك وبعد انتهائي من السعي توجهت أبحث عن رفيقي إلا أنني تهت لعدة ساعات بينما أنا أبحث عن مكان أستريح فيه خارج المسجد الحرام حتى وجدته نائما بالقرب من الأمانات وبجانبه نمت أنا الآخر إلى أن أعلن عن أذان صلاة الفجر حيث توضأنا وصلينا الفجر والصبح وفي انتظار بزوغ الشمس رغم أن أضواء الحرم لاتفرق بين النهار والليل. طلب مني زميلي أن أتوجه إلى محلات الحلاقة التي يمارس بها العشرات من البنغاليين من أجل تقصير شعر رأسي وهوما حدث حيث أديت العشر ريالات وقمت بالمهمة وأثناء عودتي كان مرافقي قد تسلم الحقائب من صناديق الأمانات حيث طلب مني التوجه الى حمامات الحرم المكي للاغتسال وتغيير الملابس حيث تخلصت من ثوب الإحرام الذي كان يضيف حرارة إلى حرارة الجو وارتديت دشداشة صحراوية كان قد أهداها لي الصديق بوشعيب قيري . عدت الى المكان الذي تركت فيه رفيقي الحاج محمد فوجدته رفقة أحد الأشخاص الذي علمت فيما بعد أنه مصري وسيط في كراء البيوت وبعد أن أن قصر واستحم مرافقي توجهنا رفقته إلى زيارة العديد من الغرف توجد بشعاب بني عامر حيث لا تبعد المنطقة عن الحرم المكي سوى ب15 دقيقة على أبعد تقدير وبعد الزيارة وقع الاختيار على غرفة مكيفة بسريرين وحمام وتلفاز وثلاجة لقد كانت نعمة من الله وبمبلغ مالي لا يجاوز 3500 درهم نحن الإثنان طيلة موسم الحج استقبلنا صاحبه السيد محمود الذي رحب بنا كثيرا لما علم أننا من المغرب ووضع نفسه رهن إشارتنا في أي لحظة ليل نهار لقد كان نعم الأخ والمضيف حيث مازالت الاتصالات مستمرة بيننا إلى الآن ومباشرة بعد أن سوينا المسألة مع الوسيط وأدينا ثمن الكراء إلى صاحب المنزل نمنا نوما عميقا كنا في حاجة ماسة إليه حيث إستيقظنا قبل صلاة العصر بقليل توضأنا وتناولنا وجبة غداء من محل كنتاكي القريب من الحرم وولجنا المسجد حيث أدينا صلاة العصر والمغرب والعشاء دون أن نغادر المسجد وأثناء عودتنا عرجنا على بعض المحلات المختصة في بيع الدجاج المشوي والعصير البارد جدا حيث تناولنا طعم العشاء ونمنا عميقا إلى حدود الساعة الثانية صباحا من صباح الغد حيث أيقظني الحاج محمد في حدود الساعة الثانية صباحا من أجل الوضوء والتوجه إلى المسجد لحجز مكان به نظرا لأفواج الحجيج التي تدفقت عليه قبل بداية مناسك الحج بأسبوعين وبعد دقائق كنا بباحة المسجد حيث تناولنا الكثير من ماء زمزم وأدينا صلاة الصبح وعدنا الى المنزل حيث عرجنا على أحد البنغاليين الذي كان متخصصا في صناعة القهوة وبيع حلويات من شبه القارة الهندية . وتلك حكاية أخرى