تأتي الانتخابات لتذكي الحماس وتغير من عادات وطقوس الجلسات داخل البيوتات والمقاهي والشواطئ والمؤسسات العمومية والخاصة، إذ تهيمن أجواء المناقشات السياسية التي تنخرط فيها جل الشرائح الاجتماعية. ومع حلول المدة الزمنية للحملات الانتخابية، تبرز مهن عديدة، وتنتعش حرف، كما تخلخل نمطا معيشيا وتساهم في رواج سلع كثيرة، مما لا ريب فيه ترفع دخل الأسر المستفيدة وتوفر الشغل لطاقات معطلة. وتعد هذه الفترة مناسبة لممارسة بعض الأشغال غير المألوفة، فالسواد الأعظم من هؤلاء الذين يرافقون المرشحين، إما أفراد العائلة ذات الرباط الحزبي أو الدموي، هذا بالنسبة للمرشحين الذين تتواجد القواعد الحزبية بدوائرهم الانتخابية، أما العديد من الكائنات الحزبية غير المتواجدة، فتستنجد بفلول الشباب خاصة الذين يعرضون خدماتهم بالمقابلالمادي ما بين 100درهم و 200درهم أو أكثر إضافة إلى توفير التغذية و...ومن هؤلاء من يمارسها بقناعة، نظرا لتحزبه وآخرون يدفع بهم إلى امتهان واحتراف ما يهم الاستحقاقات خلال هذه الفترة، مثلا عملية الشناقة، إذ يتصيدون ضعاف النفوس لاستمالتهم للتصويت لصالح إحدى اللوائح المرشحة، وبعضهم يلصقون الملصقات، وغيرهم مختص في الشاي والقهوة ، دون نسيان أهل فنون الطبخ، ومفتولي العضلات عند الحاجة والطفيليين وقراء الصحف والمخبرين و... أغلب هؤلاء الشباب والتوظيف المكثف للأطفال والقاصرين، تراهم محملين بمواد الحملة الانتخابية من قصاصات ومنشورات وملصقات وبرامج وأقراص مدمجة وقبعات وغيرها من المواد التي تقوم بالدعاية لهذا أو ذاك الحزب الذي لا يتوفر على قواعد مناضلة. وغالبية الشباب المنخرط في هذه العملية يستظهرون الشعارات، ويوزعون مواد الحملة الانتخابية بانتظام وعشوائية لا فرق. خلالالحملة الانتخابية تعمدت توجيه استفسار لأحد الشباب من هذه العينة، فطن وتنبه، قبل طرح السؤال الماكر، أجاب: فعلا، أنا لا أفقه شيئا في هذا، ولكن أنا خدام على راسي، لا يهم. أمارس هذا النشاط بغية توفير دخل خلال هذه الأيام لمجابهة متطلبات الحياة، نحن على أبواب الدخول المدرسي، وهي فرصة ومناسبة للخروج من العطالة ولو بشكل مؤقت. ويلاحظ أن هذه المناسبة الانتخابية لا تشجع العنصر النسوي للانخراط بشكل كثيف، غير أن هذا لا ينفي انخراطهن في عملية الحملات الانتخابية ونخص بالذكر الشناقات وهن أكثر نجاعة ومتمرسات وقادرات على تصريف معروضاتهن داخل البيوتات والصالونات والحمامات و... ولعل المهتم والمتتبع يسترعي انتباهه هذه الظاهرة، ومن ثم يبدو، أننا في حاجة إلى إحداث مدارس تكوينية خاصة، عوض تسويق المنتوج الانتخابي بردهات الفنادق والصالونات، كما قامت بذلك إحدى الجمعيات آنذاك ،لربما تغير وجهتها ونظرتها مستقبلا في عملية استنهاض الناخبين والناخبات للمشاركة بكثافة، والدفع بالشباب للمساهمة في العملية الانتخابية وذلك بالرفع من وتيرة ودرجة تأطير هؤلاء الشباب، وذلك بتلقينهم مبادئ ومراجع وبرامج وقوانين وهياكل الأحزاب كي يتسنى لذاك الشاب ولوج سوق الحملة الانتخابية، مسلحا بثقافة حزبية ولو في حدها الأدنى، ولربما المرشحون يلجؤون لاحقا مباشرة إلى المدارس التكوينية لإدماج الخريجين. ومن هنا ألا يحق التساؤل عن مصير المئات من الشباب، عبر ربوع الوطن، الذين جابوا الشوارع والأزقة والدواوير والقرى من أجل استمالة الناخبين والناخبات لصالح مشغليهم من المرشحين، ومع ذلك ساهموا كل حسب إمكانياته خلال مدة الحملة الانتخابية. ومن هنا نصطدم بالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل استطاع المرشحون أو بالأحرى الأحزاب التي استأجرت هؤلاء، أن تستقطب هؤلاء الشباب وتشركهم وتدمجهم داخل النسيج الحزبي، أم أن العملية تتوقف عند فترة الحملة الانتخابية وبالتالي داموا في خدمة المرشح إلى حين الانتخابات القادمة.؟