سلح متطرفون دينيون الرب، رب عيسى والمسيح، وهاجموا أبناء بلادهم. وزنروه بالقنابل وقالوا له «اقتل»، بعد أن ظل يردد في كامل الأناجيل: ليس لك أن تقتل» وبوركت مريم واهبة الحياة. عندما سمعنا قنبلة في النرويج، ارتعدنا، وتساءلنا : هل أنا الذي وضعتها يا ترى؟ هل وضعها أحد ما باسمي واسمكم وباسم الله الرحمان الرحيم؟ وكما يحدث لرجل استبد به الكابوس، أو ذهبت به سكرة من سكرات الغيبوبة، تساءلنا: هل فعلناها ولم نتذكر؟ كنا نتهم أنفسنا، كأننا أعداؤنا! وبالرغم من فداحة الواقعة وبالرغم من المأساة المجزرة وبالرغم منا شعرنا بقليل من الارتياح عندما قيل وثبت أن الذي قتل النرويجيين لم يكن منا! كما لوأن القتل باسم الغير أداة سرور، كما لو أن التطرف عندما لا يكون انتحارا خاصا بنا.. سبب للطمأنينة. لكنها الحقيقة التي شعر بها أكثر واحد منا. ربنا الحمد لك لم يتكلم أحد باسم نبيك محمد ربنا الأمر لك، ها قد جاؤوا بابن مريم الى المذبحة! وهاهم المتطرفون ، كما المسلمون وكما اليهود في فلسطين وكما المسيحيون في النرويج يستضيفون الرب في المقربة، ويستضيفونه عز وعلا في المذابح وفي الدماء وفي المناحة والتشييع! ليس للرب دوما مؤمنون صالحون، يأتمرون بأمره كما يريد، له سبحانه دوما من يزايد على ربوبيته بتأويلها لغير صالح الإنسان. واليوم بدأ التطرف يستحلب المجتمعات ويستقطب للجحيم من كل الديانات. ومن يصدق من هؤلاء أن الأنبياء كانوا بلا سلاح وبلا دماء وبلا ضغائن؟ من يصدق أنهم كانوا من فقراء البشرية ومن أطفالها النجباء ، نجابة تمنعهم من لحم البشر ومن دمهم؟ يتضح يوما عن يوم أننا في حاجة الى من يسير على هدي الانبياء بدون مساعدة من الحمقى والمجانين. حمقانا ومجانيننا وحمقاهم ومجانينهم. لقد انفجر النرويجي المتطرف الوحشي غضبا لأنه لم يستسغ أن تصبح بلاده مفتوحة في وجه البشر وفي وجه الأعراق وفي وجه الأرض. أرادها مغلقة عليه وعلى كل من هو مصاب بالاغورافوبيا، أو مرض الارض الواسعة والخارج. أرادها مغلقة على إلهه الذي وضعه بين العنق والسكين وبين القبر والقنبلة وبين البشر.. والبشرية. كل المتطرفين يسكنون بيوتا يعتقدون أن الله أغلقها عليهم وأغلقها في وجه البشر الاخرين. لهذا عندما تريد البشرية السعادة، فهي تتركهم في بيوتهم وتفتح حضنها لبعضهم. عزاؤنا للشعب النرويجي الكبير والعظيم الشعب الذي أعطى للبشرية ايريك ابسن، صاحب تلة المحاربين والبطة المتوحشة. الشعب الذي كتب باسمه بيونسن وكييلاند وجوستين كاردير تحية وعزاء للكبير كنوت هامسون صاحب رواية "الجوع" وجائزة نوبل.. ولا إله مسلح لإنقاذ البشرية. الإله الذي ينزل الكتب هو الذي ينقذها..