انتهت محنة عمال شركة «طوطال غاز» بخنيفرة بتنازل «الباطرون» عن تعنته ورضوخه للأمر الواقع، ذلك في قبوله بالتوقيع على اتفاق بينه وبين عمال الشركة الذين تجاوز اعتصامهم البطولي عشرة أيام بلياليها، وعلى التزام يتعهد فيه على إعادة إدماج المطرودين تعسفا، ثم بإضافة أربع شاحنات للشركة وتشغيل عاملين وسائق بكل شاحنة منها، مع تطبيق مضامين مدونة الشغل ابتداء من فاتح يناير المقبل، كما تم الاتفاق على تنازل الطرفين عن جميع الدعاوى المرفوعة أمام القضاء، وبعدم إيقاف العمل إلا بعد استيفاء كل سبل الحوار، وقد حاول «الباطرون» رفض بعض النقاط المطلبية لولا تشبث العمال بموقفهم، كما اجتهد في اتجاه عدم القبول بإرجاع الكاتب النقابي إلى العمل، ما كان طبيعيا أن يثير احتجاج العمال ضده وجعله يتراجع عن قراره. توقيع الاتفاق تم في حضور لجنة من نقابة عمال الشركة، وكاتب مكتبها بالشركة، و«باطرون» هذه الشركة، إلى جانب العميد رئيس الدائرة الأمنية الأولى، مفتش الشغل والقائد رئيس المقاطعة الأولى، ودام اللقاء التفاوضي أكثر من خمس ساعات، حسب مسؤول نقابي الذي لم يفته توجيه تحيته النضالية لكل المناضلين الشرفاء الذين ساندوا عمال شركة «طوطال غاز»، سواء إعلاميا أو حضوريا أو عبر المواقع الاجتماعية بالشبكة العنكبوتية، موجها تحية خاصة لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» التي كان لمقال بها في الموضوع وقعه الإيجابي في تحريك الملف. وكانت نقابة عمال شركة «طوطال غاز» قد صممت على الاستمرار في قراراتها التصعيدية، والمتمثل في الوقوف أمام تهريب شاحنات الشركة نحو أبي الجعد، وقد انتقل فريق من مصالح الأمن والسلطات المحلية لعين المكان للحيلولة دون انفلات قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وتشكلت حينها لجنة خاصة مهمتها تلطيف الأجواء، وتتكون من لجنة المتابعة ورئيس الدائرة الأمنية وقائد المقاطعة الحضرية، ما ساعد على إيجاد حل مؤقت في أفق استئناف الجلوس المتواصل إلى مائدة التفاوض، ولم يفت نقابة عمال الشركة الإشارة إلى عدم عقد لجنة المصالحة الإقليمية من قبل عامل الإقليم رغم مراسلته في الموضوع. وكان ملف عمال «طوطال غاز» بخنيفرة قد عاد ليطفو من جديد على سطح أنباء الحياة العامة للمدينة إثر دخول هؤلاء العمال في اعتصام مفتوح، احتجاجا على التجاوزات الممنهجة من طرف «الباطرون» دون تسجيل أي رادع قانوني يمكنه وضع حد لنزيف الأوضاع المزرية التي يشتغل فيها هؤلاء العمال، وأفادت مصادر نقابية مسؤولة في هذا الصدد أن «الباطرون» لا يأبه لا بالقوانين الجاري بها العمل ولا بمضامين مدونة الشغل، ويتذرع من حين لآخر بمرض دائم كوسيلة لتبرير تغيبه عن جلسات التفاوض التي ينوب عنه فيها ممثله لنقل خلاصات الاجتماعات، ويتضح في كل مرة مدى نية «الباطرون» في تمطيط المشكل، وإصراره على ما لن يتم تفسيره إلا بنوع من الدوس المكشوف على حقوق ومطالب العمال، مقابل فرض قانونه الخاص الخالي من العطل والضمان الاجتماعي والحريات النقابية. مصدر نقابي مسؤول كشف قبل أيام عن زيارة قام بها عامل الإقليم لمعتصم العمال بشكل مفاجئ، والتي وصفها ذات المصدر ذاته بمثابة «عربون على رغبة الجميع في البحث عن حل إيجابي لملف القضية، عكس الباطرون الذي يسبح ضد التيار»، وأكدت ذات المصادر أن مسؤولين آخرين عاينوا معركة الاعتصام، لكن مختلف التحركات كانت تصطدم بمواقف رب العمل الذي ارتقى بهذه المواقف المتشددة إلى نحو إقصاء محاميه من لقاء تفاوضي، رغبة منه في توسيع دائرة التصعيد، على حد تصريح مصدر نقابي. وسبق ل«الاتحاد الاشتراكي» أن تابعت، خلال شهر مارس الماضي، معركة ستة عمال ب «شركة طوطال غاز» بخنيفرة دخلوا في اعتصام مفتوح، أمام مقر الشركة الواقعة بطريق أجلموس، ذلك احتجاجا على تعرضهم لطرد تعسفي جماعي من طرف «الباطرون» دون أي وجه حق، ما أكد بجلاء وضعية الحرمان من الحقوق التي تسود الشركة المعنية خارج الرقابة القانونية.