الخلاصات التي عاد بها الوفد المغربي من بروكسيل هي أن التوقيع على الاتفاقية تأخر أكثر من اللازم وبتأخره صار يستغل من طرف معارضي المغرب في أغراض سياسية، وإذا كانت الشروحات المقدمة لمختلف الأطراف الأوربية في لقاءي يومي الأربعاء والخميس ببروكسيل قد كشفت زيف مغالطات المعطيات التي يبني عليها جوزي بوفي أطروحاته وكيف أنه يدعي الدفاع عن البيئة وعن صغار المنتجين والعاملين في القطاع الفلاحي، بينما الواقع يؤكد أنه يلتقط أخبار اللوبيات الإسبانية ويتبناها دون أن يكلف نفسه حتى عناء التأكد من صحتها، فإن المرحلة الفاصلة عن اجتماع البرلمان الأوربي المقرر خلال شهر أكتوبر تحتاج إلى المزيد من تكثيف الجهود في التحركات التي تجدي، أما تلك التي تتخذ طابعا سياحيا ولا خير يرجى منها فقد آن الأوان لتحويل ما ينفق عليها من المال العمومي في المجالات التي تخدم الصالح العام تبين مما راج في اللقاءين اللذين جمعا في بروكسيل يوم الأربعاء بين عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري وبين نظرائه الأوربيين، ثم يوم الخميس بين مصدري المنتجات الفلاحية المغربية والبرلمانيين الأوربيين أن المعلومات التي عممها جوزي بوفي على البرلمانيين الأوربيين مغلوطة، وأن الارتكاز عليها أخر العمل بالاتفاقية التي كان من المرتقب أن تدخل حيز التنفيذ سنة 2008 إلى فبراير 2012 في حال مصادقة البرلمان الأوربي عليها في اجتماعه المقرر خلال أكتوبر المقبل. والتأخير كان على حساب المستهلكين الأوربيين الذين يحرمون من استهلاك المنتوج المغربي العالي الجودة مقارنة مع المنتجات الأوربية وخاصة منها الإسبانية والإيطالية. لقد كان التصويت الأبيض للجنة الأوربية ضد اتفاقية التبادل التجاري للمنتجات الفلاحية مع المغرب بمثابة مؤشر قوي على مدى جهل بعض الأطراف الأوربية للتحولات التي عرفها نمط الإنتاج الفلاحي في المغرب، ويبدو أن مرجعيتهم الأساسية هي الأطروحات الإسبانية القائمة على التعامل مع المغرب على أساس أنه بلد منافس وليس بلدا شريكا، وكون التصديق على هذه الاتفاقية من طرف البرلمان الأوربي يكتسي طابعا خاصا لأنها تعتبر أول اتفاقية تعرض عليه بعد اتفاقية لشبونة التي خولت للبرلمان حق التصويت على اتفاقيات من هذا الصنف، فإن البرلمانيين الأوربيين صاروا مطالبين بإظهار قدراتهم على إخضاع الاتفاقيات المصادق عليها لمزيد من التدقيق والحزم. بعد عودة الوفد المهني المغربي من بروكسيل كان لنا اتصال هاتفي مع أحمد أوعياش رئيس «كومادير» تبين منه أن تساؤلات الأوربيين انصبت بشكل اكبر على منتوجي الطماطم والتوت الأرضي، وبفعل المعلومات المغلوطة التي يتبناها جوزي بوفي نائب رئيس لجنة الفلاحة بالبرلمان الأوربي، فإن الوفد المغربي وفي مقدمته عزيز أخنوش، أكدوا زيف هذه المغالطات وفي مقدمتها الادعاء بأن المغرب فوت لبلدان خليجية 600 ألف هكتار صالحة لإنتاج الحبوب، ومن هذه الأراضي التي توجد بضواحي كلميم 200 ألف هكتار مسقية، بينما الواقع يؤكد أن هذه المساحات التي يرتكز عليها بوفي في أطروحاته تمثل 20 % من المساحات المسقية في المغرب، ولو وجدت عمليا لأمكن للمغرب أن يتخذ منها مصدرا لتطوير قطاعه الفلاحي. باقي النقط التي تعرض لها بوفي، وفق تصريحات أوعياش ارتكزت على إظهار المغرب بمظهر الدولة التي تستحوذ فيها بضع شركات كبيرة على الصادرات الفلاحية المغربية، والتي تمارس الإغراق الاجتماعي، إذ لا يتم التصريح بالمستخدمين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما أنها تفرط في استعمال المبيدات وفي تلويث الفرشة المائية وتعتمد الاستغلال المفرط للمياه، مما يضر بأهداف التنمية المستدامة، أما بالنسبة لملف الصحراء، فإن الاعتماد على موقف لجنة الشؤون الخارجية، القائم على أساس أن هذه المنطقة خاضعة للإدارة المغربية في انتظار التوصل إلى حل نهائي للنزاع، قلص من قدرات المتحمسين للتصويت ضد الاتفاقية مع المغرب على المناورة، غير أن انتشار الكثير من المغالطات التي لا أساس لها من الصحة في أرض الواقع، دفع بأحمد أوعياش إلى التساؤل عن دور مختلف مكونات الدبلوماسية المغربية في متابعة مثل هذه الملفات الحساسة، ثم عن دور بعض المؤسسات المعنية بإنعاش الصادرات المغربية وخاصة منها «مغرب التصدير» التي يجوب مديرها كافة أنحاء العالم، بينما الصادرات المغربية إلى السوق الأوربية تواجه مخاطر يمكن التغلب عليها بالعمل المنسق الطويل الأمد. المكالمة الهاتفية التي أجريناها مع فؤاد بنعبد الجليل عضو لجنة التجارة الخارجية بجمعية «أبفيل» انصبت على محدودية أثر التصويت الأبيض فقد سجل مساندة 6 متدخلين أوربيين من أصل 10 للأطروحة المغربية فهذه التدخلات اعتبرت أن مجهودات المغرب في هذه الظرفية الدولية تقتضي تشجيعه عبر كل الوسائل لأن معارضته تقتضي التساؤل عن فحوى الرسالة التي سيحملها التصويت للدول العربية التي تواجه أوضاع صعبة. بنعبد الجليل الذي سجل بدوره زيف مغالطات بوفي المتعلقة بتفويت 600 لألف هكتار للخليجيين أكد أن تدخلات الوفد المغربي المتكون كذلك من أحمد أوعياش رئيس كومادير ومن العموري رئيس جمعية مصدري التوت الأرضي ومن يونس زريكم رئيس الجمعية المغربية للمصدرين، صححت المفاهيم الخاطئة بما في ذلك ارتفاع عدد مصدري الفواكه والخضر إلى أكثر من 200 منتج محصي رسميا، ومن هذا المجموع هناك 13 وحدة فقط تصدر أكثر من 10 طن، وهناك كذلك 8 تعاونيات من ضمنها كومابريم، أزرو، أطلس، أبرار، توبقال، فالنسيج المغربي لا يخضع لسيطرة الوحدات الكبيرة خاصة أن عدة وحدات متوسطة وصغيرة تصدر تحت يافطة الوحدات الكبيرة التي تتوفر على علامات تجارية ومشهورة ومعروفة عند الموزعين الأوربيين. الوفد المغربي بين بأن المغرب يتبنى الاقتصاد الحر وكونه يتوفر على مجموعات كبرى لا ينفي وجود وحدات متوسطة وصغرى، والكميات الكبرى المصدرة من طرف بعض المجموعات الكبرى لا يمثل فيها الإنتاج الذاتي إلا حوالي النصف بينما النصف الثاني يتم تسويقه في إطار ما أصبح يعرف باسم التجميع. بخصوص الاستعمال المفرط للمبيدات تضمنت تصريحات بنعبد الجليل ما يؤكد أن الوفد المغربي بأن الإنتاج المغربي مراقب في السوق الداخلي من طرف المكتب الوطني للسلامة الغذائية وعند التصدير من طرف المؤسسة المستقلة للمراقبة وتنسيق الصادرات وعند الوصول لأوربا من طرف مصالح محاربة الغش وبالإضافة إلى ذلك هناك مراقبة مسالك التوزيع التي تخضع لمعايير أكثر تشددا من المعايير العمومية، فالمنتوج المغربي، وباعتراف الأجهزة الأوربية، بما فيها الأجهزة الفرنسية والإسبانية تعترف بأن نسبة السلع المغربية التي لا تستجيب للمعايير هي أقل بكثير من نسب السلع الإسبانية، في نفس السياق ذكر المغاربة بأن المغرب وقع على اتفاقية مونريال التي تحث على الكف عن استعمال مادة «برومير الميثيل» المعتمدة في تعقيم الأرض، ورغم أن بنود المعاهدة تعطي للمغرب الحق في مهلة إلى حين حلول سنة 2015 فإنه بادر بشكل طوعي إلى تطبيقها ابتداء من سنة 2007 تفاديا للعراقيل التجارية التي يمكن أن يتعرض لها، كما سجلوا بأن المغرب من بلدان البحر الأبيض المتوسط القليلة التي تنشط في مجال محاربة الحشرات الضارة بالحشرات النافعة كبديل عن المبيدات وتقدر نسبة مساحات حقول الطماطم المعتمدة على الحشرات المفيدة ب 85 % من المساحة الإجمالية الخلاصات التي عاد بها الوفد المغربي من بروكسيل هي أن التوقيع على الاتفاقية تأخر أكثر من اللازم وبتأخره صار يستغل من طرف معارضي المغرب في أغراض سياسية وإذا كانت الشروحات المقدمة لمختلف الأطراف الأوربية في لقاءي يومي الأربعاء والخميس ببروكسيل قد كشفت زيف مغالطات المعطيات التي يبني عليها جوزي بوفي أطروحاته وكيف أنه يدعي الدفاع عن البيئة وعن صغار المنتجين والعاملين في القطاع الفلاحي، بينما الواقع يؤكد أنه يلتقط أخبار اللوبيات الإسبانية ويتبناها دون أن يكلف نفسه حتى عناء التأكد من صحتها، فإن المرحلة الفاصلة عن اجتماع البرلمان الأوربي المقرر خلال شهر أكتوبر تحتاج إلى المزيد من تكثيف الجهود في التحركات التي تجدي، أما تلك التي تتخذ طابعا سياحيا ولا خير يرجى منها فقد آن الأوان لتحويل ما ينفق عليها من المال العمومي في المجالات التي تخدم الصالح العام.