بقلم بوريس جونسون عمدة لندن إذا سألت أي لندنيّ عما يعرفه عن الشرق الأوسط من المرجح أن تستمع لما يقوله عن العطلات التي قضتها الأسرة على شواطئ سيناء وتونس والمغرب. بينما قد يتحدث آخرون بحماس عن الطعام لأن أطعمة لذيذة كالحمص والكسكس - والتي كانت حتى قبل 10 سنوات فقط أكلات غريبة - ربما توجد الآن في مطبخ كل شاب وشابة لندنية، وبكل تأكيد في كل سوبرماركت في لندن. والعرب الذين يرتادون شارع إدجوير الشهير لأول مرة قد يُدهشون عندما يجدوا أنفسهم جالسين في مقهى إلى جانب من هم غير عرب يتناولون الكبة بنهم بنفس التلذذ، ويقلبون بعناية وبنفس الخبرة قطع الفحم التي تشعل النرجيلة التي يدخنونها. يؤسفني القول بأن السياسات التي تبدو عسيرة في المنطقة هي التي شكلت لفترة طويلة انطباعات بعض اللندنيين تجاه الشرق الأوسط. لكن التغيير السياسي الذي يكتسح العالم العربي منذ شهر يناير أثار إعجاب اللندنيين، إلى جانب سائر شعوب العالم، وأثار احتراما عميقا لملايين المواطنين العاديين الذين نهضوا للمطالبة بحقهم بمستقبل أفضل. وهذا أحد الأسباب العديدة التي تجعلني أفتخر جدا باستضافة لندن خلال الشهر الجاري لمهرجان «شباك»: مهرجان الثقافة العربية المعاصرة. ورغم أن فكرة المهرجان ولدت في العام الماضي، فإن استضافته في الوقت الذي يصادف هذه النهضة العربية القوية تعتبر مناسبة جدا. وبفضل دعم بنك إتش إس بي سي، الذي يرعى مهرجان شباك، استطعنا وضع برنامج يضم ما يفوق 70 فعالية تقام في أعرق المؤسسات الثقافية في أنحاء لندن طوال فترة المهرجان الممتد على مدى ثلاثة أسابيع. إنه الأول من نوعه في أوروبا، وهو مكرس للكتاب والمصورين والرسامين والمخرجين والمؤلفين الموسيقيين وغيرهم من الفنانين المبدعين العرب المعاصرين. وتضم هذه الفعاليات عروض أفلام ومحاضرات ومعارض وورش عمل من فنانين متواجدين في المملكة المتحدة إلى جانب آخرين زائرين من الخارج، حيث تتراوح هذه الفعاليات من موسيقى إلكترو وهيب هوب اللبنانية (اليوم، خارج المبنى الذي يضم مكاتبنا في سيتي هول) وحتى عرض لتوجهات جديدة في تصميم الرقصات العربية في مسرح سادلرز ويلز في 23 يوليو). وتعتبر «أمسية في ميدان التحرير» التي تحل في 22 يوليو من الفعاليات الساحرة بشكل خاص. تتضمن هذه الأمسية، التي يقدمها مركز باربيكان، فنانين ساعدوا جميعا في إعداد موسيقى الثورة المصرية، بما في ذلك الفرقة الموسيقية «الطنبورة»، وعزة بلبع (ممثلة عن الشاعر أحمد فؤاد نجم)، والمغني والمؤلف الموسيقي وعازف العود مصطفى سعيد، والمغني ومؤلف الأغاني راني عصام. مهرجان شباك فرصة لتعزيز العلاقات ما بين الفنانين في لندن وفي أنحاء العالم العربي. كما أنه يحتفي بتأثير الجالية العربية الكبيرة في لندن على هذه المدينة في الوقت الحاضر. أعتقد بأنهم، إلى جانب مئات آلاف الزائرين العرب إلى لندن في شهر يوليو ، سوف يستمتعون بحضور هذه الفعاليات، بل وكذلك سيفتخرون بمشاهدة مساهمات العرب في الديناميكية الفريدة لمدينة لندن والساحة الفنية التي لا تضاهى فيها، إلى جانب كونهم مستهلكين لها. سوف يغير هذا المهرجان دون شك الانطباعات السابقة لدى الكثيرين حول الثقافة العربية، ويساعد في تسليط الضوء على تأثير الماضي وتطلعات العرب للمستقبل على حد سواء. كما يجتذب جماهير جدد لعدد من المؤسسات الثقافية. وإنني على ثقة بأن الفنانين المشاركين في العروض سوف يدهِشون ويمتِعون ويحفزون هذه الجماهير الجديدة، ويشجعونهم على التفكير مجددا بما يعنيه أن يكون المرء عربيا اليوم. (*): نص كلمة عمدة لندن بمناسبة احتضان العاصمة البريطانية لمهرجان الثقافة العربية المعاصرة