قالت الجريدة الرسمية التركية في مطلع الاسبوع ان تركيا قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة الزعيم الليبي معمر القذافي واستدعت سفيرها هناك. تأتي هذه الخطوة بعد أن زار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بنغازي معقل المعارضة في شرق ليبيا يوم الاحد وتعهد بتقديم مساعدات قدرها 200 مليون دولار للمجلس الوطني الانتقالي. وقال داود أوغلو ان الوقت قد حان كي يرحل القذافي عن ليبيا معلنا أن المجلس الوطني الانتقالي هو «الممثل الشرعي للشعب الليبي.» وتؤيد تركيا العضو المسلم بحلف شمال الاطلسي العمليات التي يقوم بها التحالف الغربي في ليبيا ولا تقوم انقرة بدور قتالي وتركز جهودها على الابقاء على القنوات مفتوحة لنقل امدادات الاغاثة للسكان . وبدت تركيا على خلاف مع التحالف الغربي خلال الايام الاولى من الصراع إذ رفضت شن غارات جوية بصورة منفردة على قوات القذافي الا انها عدلت من موقفها فيما بعد تحت مظلة حلف شمال الاطلسي. وتركيا قوة صاعدة في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا ولها علاقات اقتصادية مع حكومة القذافي. وسبق ان طالبت تركيا الزعيم الليبي بالتنحي والدعوة الى وقف اطلاق النار، وقالت انه يتعين ان يتوصل الجانبان لحل سياسي لإنهاء المعارك التي اندلعت قبل خمسة أشهر. وكانت تركيا قد اعترفت في الشهر الماضي بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا بوصفه الممثل الشرعي للشعب الليبي، الا ان مسؤولين قالوا ان هذا لا يعني انه الممثل الوحيد للشعب الليبي. وقامت تركيا ايضا بتوزيع «خارطة طريق» على مختلف الاطراف تدعو الى وقف اطلاق الناروالى اقرار فترة انتقالية. وقال داود اوغلو في بنغازي «سنبذل قصارى جهدنا لتنفيذ الخطة المطلوبة.» ومن المقرران يزور الزعيم الليبي المعارض محمود جبريل أنقرة هذا الاسبوع وتستضيف تركيا في وقت لاحق من الشهر الجاري القوى الغربية في اجتماع لمجموعة الاتصال الخاصة بليبيا. هذا، وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي المعارض ان المجلس يرحب بتقاعد الزعيم الليبي معمر القذافي في ليبيا ما دام سيتخلى عن جميع سلطاته وذلك في أوضح تنازل تقدمه المعارضة حتى الان. وقاوم القذافي بشدة كل المطالب الدولية لاستقالته وتعهد بالقتال حتى النهاية لكن أعضاء من المقربين منه ابدوا استعدادهم للتفاوض مع المعارضين بما في ذلك التفاوض بشأن مستقبل الزعيم الليبي. وما زال القذافي يمسك بزمام السلطة بعد خمسة اشهر من التمرد على حكمه المستمر منذ41 عاما ورغم حملة قصف يقوم بها حلف شمال الاطلسي وصدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. وقال عبد الجليل لرويترز في مقابلة اجريت معه انه كحل سلمي عرضت المعارضة امكانية استقالة القذافي وأن يأمر جنوده بالانسحاب من ثكناتهم ومواقعهم، ثم يمكن أن يقرر ما اذا كان سيبقى في ليبيا أم خارجها. ومضى يقول انه اذا رغب في البقاء في ليبيا فسوف يحددون هم المكان وسيكون ذلك تحت الاشراف الدولي. وتابع قوله انه سيكون هناك اشراف دولي على كل تحركاته. وفي تصريحاته لرويترز من مقره في بنغازي قال عبد الجليل، وهو وزير سابق للعدل في حكومة القذافي، انه تقدم بهذا الاقتراح قبل نحو شهر عبر الاممالمتحدة إلا أنه لم يتلق أي رد بعد من طرابلس. وتابع إن أحد الاقتراحات هي ان القذافي يمكن أن يقضي فترة تقاعده تحت الحراسة في ثكنة عسكرية. واثارت تصريحات عبد الجليل رد فعل انفعالي في بنغازي مع اندلاع احتجاج صغير على اجراء اي محادثات مع القذافي وتقليل المجلس الانتقالي من اهمية اي تكهن بشأن خلاف اخذ في الاتساع بين زعمائه. وقال عبد الحفيظ غوقة احد نواب رئيس المجلس الوطني الانتقالي للصحفيين ان امر الاعتقال الذي اصدرته المحكمة الجنائية الدولية ضد القذافي جعل الان اي اقتراح من هذا القبيل لاغيا. في الوقت نفسه تعهدت تركيا بدفع مساعدة للمعارضين قيمتها 200 مليون دولار بالاضافة الى صندوق قيمته100 مليون دولار اعلنته في يونيو. وكانت لتركيا علاقات اقتصادية قوية مع القذافي قبل اندلاع الانتفاضة. ويقول المعارضون انهم بحاجة الى اكثر من ثلاثة مليارات دولار لتغطية المرتبات والاحتياجات الاخرى خلال الاشهر الستة المقبلة. وقال وزير الخارجية التركي في بنغازي معقل المعارضة الليبية «ينبغي تلبية مطالب الناس بالاصلاح.. وعلى القذافي أن يرحل ولا ينبغي تقسيم ليبيا.» واضاف ان تركيا تعتبر المجلس الوطني الانتقالي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي. ويقترب الصراع في ليبيا من حالة الجمود، حيث لا يتمكن مقاتلو المعارضة على ثلاث جبهات من التقدم بشكل حاسم نحو العاصمة الليبية فيما يتزايد التوتر داخل حلف شمال الاطلسي بشأن تكلفة العملية وعدم احراز اي تقدم عسكري. وانهارت محاولات سابقة للتوصل الى اتفاق سلام، لكن بعض المحللين يقولون ان حاشية القذافي ان لم يكن الزعيم الليبي نفسه ربما يبحثون عن مخرج، حيث ان الضربات الجوية والعقوبات تضيق من الخيارات المتاحة أمامهم. وقالت عائشة ابنة القذافي الاسبوع الماضي ،ان والدها مستعد لعقد اتفاق مع المعارضة رغم انه لن يغادر البلاد. لكن نجله سيف الاسلام رفض دعوات لمغادرة القذافي ليبيا كثمن للسلام. وقال لمحطة تي اف1 التلفزيونية الفرنسية الخاصة «ان تقولوا لوالدي اترك البلد انها دعابة. لن نستسلم ابدا. سنقاتل انها بلدنا. //علينا ان نقاتل من اجل بلدنا وستكونون اهدافا مشروعة لنا.» وحث القذافي في كلمة لانصاره يوم الجمعة حلف شمال الاطلسي على وقف غاراته والا سيخاطر بذهاب المقاتلين الليبيين الى اوروبا مثل اسراب الجراد او النحل. وقال رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي الذي ينتمي للحرس القديم ان الشعب الليبي لا يريد رحيل معمر القذافي. وأردف قائلا لقناة العربية ان الجميع من الاطفال الى الكبار يحبون معمر القذافي. وذكرت وكالة الانباء الليبية يوم الاحد ان القذافي بعث برسالة الى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بمناسبة تولي ألمانيا رئاسة مجلس الامن الدولي. ولم تذكر الوكالة اي تفاصيل. وقالت ألمانيا انها ليست لديها علم بمثل هذه الرسالة. وبعيدا عن التصريحات العلنية واصل طرفا الصراع في ليبيا القتال الذي سقط خلاله الكثير من القتلى لكنه لم يسفر في الاسابيع القليلة الماضية عن اي تغيير يذكر على الارض. وقال متحدث باسم المعارضة في مصراتة التي تبعد نحو200 كيلومتر شرقي طرابلس ان اثنين من مقاتلي المعارضة قتلوا عند اطراف المدينة حيث يكافحون لصد قوات الحكومة والتقدم صوب العاصمة. وأضاف المتحدث الذي عرف نفسه باسم اسامة متحدثا من مصراتة ان القوات الموالية للقذافي قصفت الدفنية والبوروية ليل السبت وان اثنين من مقاتلي المعارضة قتلوا واصيب12 اخرون. وعلى الجبهة الاكثر قربا من طرابلس في منطقة الجبل الغربي قال متحدث باسم المعارضة يدعى محمد ان طائرات حلف الاطلسي أسقطت منشورات على بلدة غريان التي تسيطر عليها الحكومة تدعو فيها السكان للبقاء في منازلهم. وشن الحلف الاسبوع الماضي ضربات جوية على البلدة التي تقع عند اطراف اراض تخضع لسيطرة المعارضين. وقال المتحدث باسم المعارضة ان قتالا دار بالاسلحة الثقيلة يوم السبت بين المعارضين وقوات الحكومة حول قرية الغزايا الواقعة في المنطقة الجبلية القريبة من الحدود مع تونس.